< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : اواني الكفار
كان الكلام في اواني الكفار وذكرنا انها لا يجوز الوضوء منها ايضا او ان الذين قالوا بالجواز لابد من تفصيل الكلام فيه ذكرنا بان انية الكفار ان كنا نعلم بنجاستها لمباشرتها لهم في النجس كالخمر ولحم الخنزير فلا اشكل في عدم جواز التوضي منها وتارة نعلم بطهارتها مثلا اخذ اكافر الاناء من المسلم ثم ارجعه بعد مدة وجيزة بحيث اتيقن في عدم استخدامه فيه للنجس فيجوز التوضي منها وتارة نشك في ان هذا الاناء قد استعمله الكافر في النجس او لا وليس عندنا على فنرجع الى استصحاب الطهارة لأننا كنا نعلم بنجاستها وشككنا بعد ذلك فنستصحب وتارة نشك في المتقدم والمتأخر هل النجاسة متقدمة او الطهارة فنتمسك بقاعدة الطهارة ويجوز التوضي وقد قالوا بصحة ذلك لكن وردة روايات في عدم الاكل بانيتهم وهذا ارشاد في النهي عن الاكل في أنيتهم معنها انها نجسة او انه اغسلها قبل استعمالها معناه انها نجسة فلا معنا للرجوع الى استصحاب الطهارة وقاعدة الطهارة لان هنا دليل يدل على نجاستها وهو ظاهر فيتعارض الاصل مع الظاهر فيكون الظاهر حاكم على الاصل كما هو مبحوث في علم الاصول، لكن قلنا ان هذه الروايات لابد من حمل هذه الروايات على التنزيه بغسلها قبل استعمالها باعتبار انهم لا يتورعون عن استعمال الحرام فالتنزه يقتضي غسلها ولا تقتضي هذه الروايات نجاستها او نشير الى نجاستهم فلابد من غسلها فيقع التعارض بين هذه الادلة والاصل لأنكم تعلمون بانه يوجد قيود في هذه الروايات التي تدل على غسل انيتهم وعدم الاكل فيها انما تختص بصورة العلم في انها استعملت بالحرام حينئذ لابد من غسلها وعدم استعمالها قبل غسلها فهذه الروايات مقيدة في صورة العلم ومع وجود العلم لا معنى للرجوع الى استصحاب الطهارة او قاعدة الطهارة هذه مختصة بصورة العلم بالنجاسة واما تلك الروايات التي تدل على الجواز مثل صحيح عبد الله ابن سنان المتقدم ذكرها انما تدل على عدم صورة العلم لذا قال عليه السلام (صلي فيه ولا تغسله من اجل ذلك فانك اعرته اياه وهو طاهرا ولم تستيقن انه نجس)[1]، ثم ان الروايات الواردة في اواني الكفار وما يباشره الكفار على طوائف ثلاثة
الطائفة الاول : تدل على التنزه منها والاجتناب عنها مطلقا من دون اختصاص بقيد وهي روايات متعددة نذكر بعض منها صحيح محمد ابن مسلم قال سألة ابا جعفر عليه السلام عن انية اهل الذمة والمجوس : فقال عليه السلام (لا تأكلوا في انيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في انيتهم التي يشربون فيها الخمر)[2] فهذه مطلقة سواء كان علم بالنجاسة او لا يوجد علم بالنجاسة، ومنها معتبرة اسماعيل ابن جابر قال : قال لي ابو عبد الله عليه السلام (لا تأكل ذبائحهم ولا تأكل في انيتهم)[3] يعني اهل الكتاب وهذه مطلقة ايضا لا تختص بصورة العلم وهي لا تأكل في انيتهم، ومنها صحيحة زرارة عن الصادق عليه السلام في انية المجوس قال (اذا اضطررتم اليها فاغسلوها بالماء)[4] الامر الاول لا استعمال الا في حالة الاضطرار ولابد من غسلها في الماء وهي مطلقة يشمل جميع الحالات، ومنها ما رواه عبد الله ابن سنان قال سأل ابي ابا عبد لله عليه السلام الرجل يعير ثوبه لمن يعلم انه يأكل الجري ويشرب الخمر فيرده أيصلي فيه قبل ان يغسله قال عليه السلام (لا يصلي فيه حتى يغسله)[5] وهذه الرواية معارضة مع روايته الاولى التي ذكر وهذه الرواية ايضا من المطلقات ونستفيد من هذه الروايات انها ترشد الى نجاسة اهل الكتاب الذاتية فما يباشرونه يكون نجس سواء كان انيتهم او فرشهم ونحوه
الطائفة الثانية : ما تدل على المنع من الاكل والشرب في الاواني التي يعلم بنجاستها أي قيدت بصورة العلم في ما اذا علم انها اكل فيها النجس ميته او لحم خنزير او شرب فيها خمر اجتنب عنها اما التي لم يباشر فيها النجاسة فيكون خارج عن هذه الروايات وهي عدة منها ذيل صحيح محمد ابن مسلم المتقدم حيث قال (ولا في انيتهم التي يشربون فيها الخمر) فتدل على النجاسة العرضية لا النجاسة الذاتية فانية اهل الكتاب اذا علمنا بمباشرة النجاسة لها من خمر او ميته او لحم خنزير والا فأهل الكتاب ليسوا نجس ذاتا وهذه الرواية تعارض ما تقدم من ناحية النجاسة الذاتية ونجاستهم العرضية ومنها بعض الروايات التي تقدم ذكرها في بحث النجاسات حيث تمسكوا بها انما تثبت فيما اذا علمنا بوجود النجس في الاواني
الطائفة الثالثة : ما تدل على التنزيه ويرشد الى انه يتنزه عن هذه الانية أي لا تستخدم اوانيهم الا بعد الغسل تنزها عن مباشرتهم للنجاسة وما دل من النهي عن الاكل والشرب في انيتهم انما هو حكم تنزيهي لا ارشاد الى حكم تكليفي ومن هذه الطائفة خبر علي ابن البزاز عن ابيه قال سالت جعفر ابن محمد عليه السلام عن الثوب يعمله اهل الكتاب اوصلي فيه قبل ان يغسل قال (لا بئس وان يغسل احب الي)[6] فان هذا يدل على انه تنزيه في البين وبمقتضى هذه الطائفة نرفع التعارض بين الطائفتين الاوليين فان الطائفة الاولى تدل على النجاسة مطلقا فلابد من اطلاقها بمقتضى الطائفة الثالثة الا اذا علمنا بنجاستها اما اذا لم نعلم فلا تشملها هذه الطائفة والطائفة الثاني فرفع النهي التحريمي على انه نهي تنزيهي، فالمحصل من مجموع هذه الطوائف ومدلولاتها انه بصورة العم بمباشرتهم للنجاسة فتنجس الاواني ولكن اذا لم نعلم بنجاستها التنزيه يقتضي غسلها وان كان مقتضى قاعدة الطهارة البناء على طهارتها وهذا محصل ما نستفيده من هذه الطوائف الثلاث وهذا الحكم لا يختص بأواني اهل الكتاب والكفار بل يشمل غيرهم اذا كانوا من المسلمين ممن لا يبالون بالطهارة والنجاسة فنهم حكمهم حكم ما تقدم والسيرة العملية جارية على ذلك،
ثم ذكر رحمه الله : أواني المشركين وسائر الكفار محكومة بالطهارة ما لم يعلم ملاقاتهم لها مع الرطوبة المسرية، بشرط أن لا تكون من الجلود، وإلا فمحكومة بالنجاسة إلا إذا علم تذكية حيوانها، أو علم سبق يد المسلم عليها [7]، والاواني تارة تصنع من المعادن فحكمها ما تقدم اما اذا صنعت هذه الاواني عند الكفار من الجلود التي عندهم فعندئذ لا يجوز الاكل فيها ولا استعمالها في الصلاة لان الجلود بحكم ما يأتي في بحث الصلاة لا يجوز استعما شيء منها في الصلاة والسر في ذلك يرجع الى اصالة عدم التذكية الا اذا كان هناك امارة تدل على التذكية كما اذا اشترى الكافر الجلد من مسلم فاستعمله واخذناه مه او اشتراه من سوق المسلمين فهو أماراه على التذكية وهذا الحكم لا اشكال فيه انما الكلام في ان اصالة عدم التذكية هل تثبت النجاسة اولا وتقدم البحث في الميتة ان اصالة عدم التذكية تثبت عدم جواز هذه الجلود في ما يشترط فيه الطهارة في الصلاة ولكن اثبات نجاستها مشكل لا تثبت كونها ميتة اذ ان النجاسة مترتبة على عنوان الميتة في الروايات واصالة عدم التذكية لا تثبت كون هذا الحيوان ميتة والنجاسة مترتبة على الميتة وانما تثبت عدم جواز استعمال هذا في الصلاة اما اثبات النجاسة بإصالة عدم التذكية هذا من الاصل المثبت لذلك اختلف الاعلام في انه هل عدم التذكية مساوق للميتة او انه شيء اعم من التذكية فاذا اردنا بإصالة عدم التذكية اثبات هذا الامر الخاص سيكون من الاصل المثبت فذهب جمع كثير من الاعلام منهم السيد الوالد في فقهه وفي اصوله يذهبون الى التفرقة اذ ان عنوان المية شيء وعنوان عدم التذكية شيء اخر فهذا عام وهذا خاص فهما عنوانان مختلفان والنجاسة مترتبة على عنوان الميتة ولم تترتب على عنوان عدم التذكية الا اذا اثباتنا ان عدم التذكية مساوق للميتة فاذا اثبتنا ذلك فتثبت النجاسة ايضا فلا يجوز استعمال تلك الجلود في ما يشترط فيه الطهارة واما اذا قلنا ان الامر ليس كذلك بل هما عنوانان مختلفان فلا نقدر ان نثبت بإصالة عدم التذكية كونها ميتة حتى يترتب عليها النجاسة فيذهبون في الاصول الى هذا الامر لكن في مقام الفتوى يحتاطون ويقولون بان اصالة عدم التذكية مساوق للميتة وهذا واضح من خلال ما ذكر في الرسائل العملية ولكن في مقام الدليل العلمي يفرقون بينهما .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo