< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الوضوء بالإناء المغصوب
كان الكلام في القول الثالث انه في انحصار الماء في هذا الاناء المغصوب يبطل الوضوء منه ومع عدم الانحصار يصح الوضوء والوجه في ذلك من انه وان قلنا بان الوضوء مشروط فيه وجدان الماء والتيمم انا يسوغ ويجوز لفقدان الماء وتبين ان فقدان الماء اعم من الفقدان العقلي أي عدم القدرة العقلية او اعم من القدرة الشرعية فانه لو لم يقدر الوضوء من هذا الوضوء من هذا الاناء لأنه منهي عنه شرعا فهو بمنزلة القدرة العقلية وقد تبين ان القدرة شرط في التكاليف وهي اعم من القدرة العقلية والقدرة الشرعية وهنا المكلف لم يقدر على الاتيان بالوضوء من هذا الاناء المغصوب فيسوغ له التيمم لعدم وجدان الماء عنده الا ان هذا الكلام في نفسه هل يثبت حكم وضوعي بحيث لو توضوء من هذا الماء الموجود في هذا الاناء المغصوب فهل يصح او لا، فقال بعض الفقهاء ان وضوئه غير صحيح باعتبار انه لا امر بالوضوء حتى يقصد ذلك الامر ولا ملاك حتى نقصد ذلك الملاك بناء على من قال بكفاية الملاك اذاً فسقط الامر بالوضوء لما ذكرنا ان حكمه انتقل للتيمم فلم ينطبق عليه انه واجد للماء وايضا ملاك غير موجود لان طريق استكشاف الملاك عن طريق الامر لما تقدم من الكاشف والمكشوف الا ان جمع من الفقهاء قالوا بصحة هذا الوضوء وان عصى بالاغتراف من هذا الاناء وحتى مع الانحصار والسر من ذلك ان الامر ساقط لأنه لا ينطبق عليه انه واجد للماء لكن من قال ان الامر اذا سقط الملاك فان الملاك هو بحكم الادلة العقلية والنقلية ملاك هي ملاكات واقعية تثبت بجميع الاحكام من المصالح والمفاسد في الاحكام الشرعية فبحكم الادلة العقلية تثبت هذه الملاكات فاذا ثبتت فاحد طرق اكتشافها الاوامر والنواهي لأنه من قال ان الامر علة لثبوت المصلة او النهي علة لثبوت المفسدة حتى يدوران مدار الامر والنهي فاذاً سقوط الامر او سقوط النهي لا يوجب سقوط المفاسد والمصالح لا يوجب سقوط الملاكات الواقعية فيصح للمكلف ان يقصد ذلك الملاك فيصح وضوئه ونحن نريد ان نصحح الوضوء اما بقصد الامر اذا كان الامر متوجه عليه واما بقصد الملاك اذا سقط الامر لجهة من الجهات فان الملاكات لا تدور مدار الاوامر فلذلك ذكر جمع من الاصوليين في بحث الترتب ان من يقول بان الملاك يسقط بسقوط الامر قد توهم بان الامر علة لثبوت ذلك الملاك يدور الملاك مدار ذلك الامر ولكن اذا قلنا ان الادلة العقلية والنقلية تدل على ان الاحكام تابعة لمصالحة ومفاسدة وملاكات واقعية، الامر انما هو طريق لاكتشاف الواقع اما انها تدور مدار الامر وتدور مدار هذا النهي ليس المقام ليس كذلك ففي المقام يمكن ان قول بالصحة لقصد الملاك فاذا صح الوضوء في صورة الانحصار فيصح الوضوء في صورة عدم الانحصار بطريق اولا يصح
استشكال : من بعض الفقهاء ان اطلاق الامر ثابت بالنسبة الى الوضوء لأنه لم يقيد ولم يشترط بالوجدان بل التيمم انما ساغ لفقدان الماء ولم يقل احد بان الامر بالوضوء مقيد بالوجدان فان الآية تدل لو فقد الماء فيسوغ لكم التيمم (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا)[1] اما ان الامر يدل على اشتراط الوضوء بالماء على الوجود فلم يشترط فاطلاق الوضوء ثابت ومن هنا قالوا من هنا قام الاجماع على عدم جواز اراقة الماء من بعد دخول الوقت للصلاة فيجب عليه التوضي ولا يجوز اراقة هذا الماء فان فعل فقالوا انه عصى وعدم جواز الاراقة وهو بالإجماع فحينئذ يصح له ان يقصد الامر اذا كان موجود ولا حاجة لقصد الملاك، لكن هذا القول ليس صحيح اذ كيف يصدق ان الامر ثابت في حق الغير قادر على الوضوء بهذا الماء لأنه منهي عنه شرعا فكيف نقول ان الامر ثابت بحقه اذ هو تكليف بما لا يطاق، اما الاستشهاد بالإجماع صحيح ان اراقة عد دخول الوقت عصيان بحد نفسه العرف يرى ان هذا الماء الذي هو منحصر عنده دخل الوقت واراقه وحصل له عجز بسبب اراقته لهذا الما، صحيح انه دخل الوقت واراقه وحصل له عجز بسبب اراقته لهذا الماء لكنه عصى لان هذا يعتبر من تعجيز النفس وهو بنظر العرف حرام لأنه قادر على الامتثال كاملا لكن يعجز نفسه بعد تنجيز التكليف فهو معصية هذا داخل من هذا القبيل انه معصية لكن هذا الاجماع غير الذي تقصده من ثبوت اطلاق لهذا الامر
وذكرنا انه يمكن ان نثبت الامر بالترتب اما ان نقصد الملاك ونفاه جمع قالوا ان الملاك يسقط بعد سقوط الامر اذ لا كاشف لذلك الملاك، وقلنا ان الملاكات الواقعية ثابته لا انه تدور مدار الامر والنهي ويمكن تصحيح هذا الوضوء بالترتب لما ذكرنا من ان القدرة شرط في التكليف عقلا ونقلا وهذا لا اشكال فيه فاذا لم يكن قادر التكليف ساقط بحقه والقدرة على قسمين اما قدرة دفعيه موجوده عنده مثلا الان قادر على الاتيان بالصلاة بكل اجزائها وشرائطها فيجب عليه امتثال التكليف فالصلاة بحقه واجبه وتارة تكون القدرة تدريجية مثلا هو لم يقدر الان على القيام في الصلاة وهو الان عاجز عنه لكنه قادر على التكبيرة قائما لو دخل في الصلاة احتمل حصول القدرة عنده فيقدر ان يأتي بالقراءة قائما او بالركوع قائما فحينئذ في هذه الحالة قبل الصلاة لا يقدر الا على التكبيرة ولكن لا يقدر على القراءة والركوع قائما لكن دخل فحصل له قدرة تدريجية فيجب عليه الاتيان بمت حصل له كذلك في الوضوء لو كان هناك اناء ملك للغير واجاز المالك ان يغترف من هذا الماء غرفه وهذه الغرفة انا يصح لغسل الوجه ويحتاج لفسل اليد اليمين واليد الشمال ويعلم انه يأذن له في الغرفة الثانية والثالثة فيكو قادر على الوضوء ولم ينطبق عليه انه عاجز عن الوضوء وان كانت القدرة تدريجية حصلة عنده فيكون الامر به تام وان لم يكن قادر على القدرة الفعلية لكنه تحصل له قدرة تدريجية واطلاق الادلة التي تدل على اعتبار القدرة في الوضوء تشمل كلتا القدرتين الدفعيه والتدريجية، فنطبق هذا على المقام ان هنا اناء مغصوب اغترف منه غرفه فتوضئ بها أي انه غسل وجهه صحيح انه عصى لأنه تصرف بملك الغير من غير اذنه لكن يجب عليه الاتيان بالغرفة الثانية والثالثة واتمان الوضوء وان كان عالم انه عاصي ولكن على نحو الترتب يمكن ثبوت القدرة وان حصل له عصيان فهو يعصي من ناحية لكن يترتب على عصيانه انه يأمر بالوضوء لأنه قادر على الماء ونظير هذا الصلاة مع النجس الموجود في المسجد فانه مأمور بإزالة النجاسة عن المسجد لكنه يعصي ولا يزيل النجس ويصلي فانه في كل آن يعصي لأنه مأمور بإزالة النجاسة ويعصي هذا الامر لكن صلاته صحيحة لأنه كل آن يعصي فيه هو قادر على اتيان جزء من الصلاة وهذا يسمى بالترتب وفي المقام يمكن اثبات الامر في المقام بالترتب وهذا الذي ذكره صاحب الفصول وذكرناه سابقا
فيمكن لنا اثبات الامر في صورة الانحصار بأحد وجهين اما بثبوت الملاك كما ذكرنا ان الملاكات ثابته وان سقطة الاحكام لجهة من الجهات واما اذا ناقشنا في هذا وقلنا ان الملاك يسقط بسقوط الامر اذ لا طريق لنا لاكتشاف الملاك كما ذكره السيد الخوئي وجمع من الاعلام من انه لا طريق لنا لاستكشاف الملاك الا عن طريق الامر والحكم فاذا سقط الامر سقط الملاك فمن اين نثبت هذا فهذا الوجه لا يصح بناء على رأيهم لكن نثبت الصحة على نحو الترتب فان هنا قدرة تدريجية تحصل له في الآن الاول الذي عصى هو انه اثم في عصيانه لتصرفه بملك الغير بلا اذنه لكنه اغترف وغسل بها وجهه فهذا الوضوء صحيح لأنه غرفه خارجية عن الاناء وفي الغرفة الثانية نفس الامر فتحصل له عصيانات متعددة و طاعات متعددة فحينئذ نقول بالترتب وصحة الوضوء بناء على هذا الترتب واستشكل الشيخ النائيني قدس سره من انه هنا لا يثبت امر ولا ملاك في المقام و استشكاله في غير محله .


[1] سورة النساء، .آية 43

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo