< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الوضوء بالأناء المغصوب
قلنا بان الاقوال ثلاث الاول البطلان مطلقا الا في صورة واحدة وهي صورة الاغتراف منه غرفة واحدة ثم يتوضأ بالمغترف منه هذا سيأتي انه مستثنى من كلام المصنف وان كان اطلق في ذلك الا انه خارج، القول الثاني الصحة مطلقا، القول الثالث التفصيل مع الانحصار يبطل ومع عدم الانحصار لا يبطل
اما الوجه الاول : استدل على ان هذا باطل لان التوضي من الاناء المغصوب تصرف واستعمال لذلك الاناء المغصوب والاستعمال منهي عنه لحرمة التصرف بمال الغير بلا اذنه ولان الوضوء امر عبادي تعلق النهي به يوجب فساد هذه العبادة كما عرفتم في مباحث الاصول ان النهي في العبادة يوجب فسادها ففي المقام الوضوء عبادة وتصرف في الاناء المغصوب منهي عنه فيوجب بطلان الوضوء مطلقا الا الصورة التي ذكرناها هذا الذي ذكروه، ونقش في هذا الاستدلال :-
اولا : ان هذا الاستعمال لا يسمى للإناء بل هذا استعمال للماء لان الاستعمال اعمال الشيء لما يصلح له وبما ان الاناء انما يصلح للظرفية والاستعمال هذا استعمال للماء لا للإناء فكل شيء نريد ان نستعمله فنفعل به بما يصلح له الاناء للظرفية الثياب للبس والستر وهكذا اعمال الشيء لما يصلح له وهنا انما اخذنا الماء من هذا الاناء ليس اكثر من هذا فليس استعمال للإناء حتى يكون محرما انما هو استعمال للماء لا للإناء
ثانيا : انه هناك اذا كان استعمال المستفاد من الادلة الواردة في عدم جواز التصرف في ملك الغير المراد التصرف كما هو المتفاهم العرفي من لفظ الاستعمال وما يقتضيه التوقيع الرفيع كما ذكرناه لا يحل لاحد ان يتصرف في ملك الغير بغير اذنه، فالمراد من الاستعمال هو التصرف والتصرف لا يصدق بمجرد اخذ الغرفة من هذا الماء لا يسمى تصرف في الاناء وانما تصرف في الماء فلأجل هذين الاشكالين حكم بعض الفقهاء من انه يصح الوضوء بهذا الماء وان كان اثما، الا ان الجواب عن ذلك اما الاول فان العرف يرى ان الاستعمال للماء استعمال للإناء ايضا، اذا طرحنا هذا العنوان والموضوع على الانظار العرفية التي تتنزل عليها الادلة الفقهية الا اذا كان هناك تحديد شرعي خاص فنتعبد به اما اذا لم يكن تحديد شرعي في موضوع من الموضوعات او مفهوم من المفهومات التي تبتني عليها الاحكام الفقهية نرجع في تعين ذلك الموضوع وذلك المفهوم الى الانظار العرفية ففي المقام انه استعمال الماء من هذا الاناء المغصوب استعمال للإناء المغصوب العرف يرى اتحادهما اختلفا مفهوما صحيح ولكن تصادقا عند العرف في الخارج فهما يتصادقان في الخارج استعمال للماء والاناء كليهما عندهم في الانظار العرفية فلا معنى للقول بان الاستعمال تحقق للماء للإناء واستعمال الاناء محرم وليس استعمال الماء والعرف يرى اخذ الماء لأجل التوضي من هذا الاناء المغصوب انما هو تصرف في الاناء قد يتطابقان في الخارج مصداقا لكن بنظر العرف شيء اناء مغصوب ماء موجود في هذا الاناء المغصوب اخذ الماء استعمل ذلك الاناء عند العرف فهذا المفهوم الذي فككتموه بينهما بعيد بحسب الانظار العرفية
واما الوجه الثاني : الذي ذكروه في المقام من انه حكما ايضا ان التصرف عند العرف الموجود في الروايات او المتفاهم من الادلة قلتم التصرف والتصرف غير الاستعمال فنحن استعملنا الماء لكن لم نتصرف في الاناء والعرف يرى ان اخذ الماء من هذا الاناء المغصوب تصرف فانهما وان اختلفا مفهوما التصرف مفهوما والاستعمال مفهوما لكن تصادقا خارجا عن العرف فالعرف لا يرى اذا عرض عليه هذا اخذ الماء من هذا الاناء المغصوب يرى بانه هنا تصرف بالإناء المغصوب استعمال للماء ولكنه تصرف في الاناء المغصوب ففي النظر العرفي ايضا لا يختلفان وان اختلفا بحسب المفهوم لكن بحسب المصداق عند النظر العرفي واحد وهو كافي والنهي في العبادة يوجب فساد تلك العبادة فما ذكروه غير تام الا في الصورة التي ذكرناها من انه اذا اخذ غرفة ماء من هذا الاناء المغصوب ثم توضئ من هذا الماء صحيح وضوئه وان اثم في التصرف بذلك الانا لكن وضوئه كان من مال حلال ولم يكن تصرف بذلك الاناء ونظير هذا ما لو صب هذا الماء الموجود في اناء حلال وتوضئ من ذلك الماء في الاناء الحلال فوضوئه صحيح نفس الامر في المغصوب لكن حرام تصرفه ولكن وضوئه صحيح ومأثوم من جهة التصرف فهذا خارج لعدم انطباق الدليل عليه، وهذا ما يقتضيه النظر العرفي الذي تتنزل عليه الاحكام الفقهية ولم يرد في الشرع المبين ما يحدد مفهوم الاستعمال او مفهوم التصرف الوارد في بعض الروايات فأوكل هذا الى النظر العرفي في تعين مفهوم الاستعمال ومفهوم التصرف وقلنا بان النظر العرفي يرى ان اخذ الماء من هذا الاناء المغصوب استعمال لذلك الاناء وهو تصرف فهذا هو ما يتعلق ومن اجل ذلك القول الثاني بالصحة مطلقا قالوا بان الوضوء بالماء المغصوب يصح مطلقا الا بعض الصور التي سوف تأتي واستدلوا على الصحة :
الدليل الاول : بوجود الملاك نحن نتبع الاحكام الشرعية وانها تابعة الى ملاكات واقعة الاملاك موجود في هذا الاناء المغصوب وذلك لان ملاك الوضوء هو التنظيف والتطهير فهذا الملاك كما هو موجود في الوضوء الحلال موجود في الوضوء المنهي عنه ايضا فلو فرض انه تصرف في هذا الاناء وهذه العبادة منهي عنه فلا امر وحينئذ سقط الامر لان الامر مشروط في بالقدرة العقلية او الشرعية فسقط الامر في المقام لأنه تصرف في هذا الاناء المغصوب فسقط الامر لكن الملاك موجود وهو التنظيف والتطهير كما هو موجود في هذا الوضوء الذي اخذنا من هذا الاناء المغصوب موجود في الوضوء الذي نأخذ مائه من الاناء الحلال فما هو الفرق بينهما لكن في الاناء الحلال امر موجود وفي الاناء المغصوب امر سقط فنأخذ بالملاك حينئذ ويكفي هذا الملاك في القول بصحة الوضوء، لكن هذا الكلام ممنوع صغرا وكبرى :-
اما الصغرى فمن قال ان الملاك في الوضوء مجرد التنظيف والطهارة يمكن ان يكون جزء هذا الوضوء هو التنظيف والتطهير لكنه ملاكه تماما ان يكون تنظيف وتطهير هو اول الكلام انما شيء اخر وراء هذا الوضوء لذا ورد في الحديث (الوضوء على وضوء نور على نور)[1] فمن قال ان الوضوء منحصر بالنظافة والطهارة اذ ربما يكون مع النظافة شيء اخر هذا اولا، وثانيا ان الملاك في الوضوء مشروط بوجدان الماء كما ان الوجوب مشروط به فوجوب الوضوء انما هو مشروط بوجدان الماء كما في قوله تبارك وتعالى (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً)[2] فشرط وجوب الوضوء بوجود الماء فالملاك ايضا مشروط به لان هذا الامر يكشف عن الملاك فاذا كان هذا الامر مطلقا يكون الملاك مطلقا واذا كان الامر مقيدا فالملاك ايضا يكون مقيدا فبما ان وجوب الوضوء والامر بالوضوء مشروط بوجدان الماء كذلك الملاك مشروط بوجد الماء والوجود هذا مشروط به اعم من الوجود الخارجي والوجود الشرعي فدعوى ان هنا الماء موجود وهو موضوع في الاناء المغصوب، لكن هذه الدعوى ممنوعة بان الوجود اعم من الوجود الخارجي والوجود الشرعي صحيح ان الماء موجود لكنه ممنوع من التصرف في هذا الماء كما اذا فرضنا ان الماء موجود ويمنع من التصرف به لكونه مريضا فلا يجوز التصرف فيه ليس مجرد الوجود الخارجي بل هو اعم من الوجود الخارجي والشرعي، والمفروض ان هذا لم يكن موجود شرعا كما اعتبرنا في القدرة الاعم من القدرة العقلية والقدرة الشرعية في الوجود، فوجود الماء اعم من الوجود الخارجي او الوجود الشرعي والمفروض ان في المقام لم يوجد الماء شرعا لأنه ممنوع من التصرف هذا بالنسبة الى الصغرى
اما الكبرى فمن قال بانه كلما لم يكن في مورد الامر نأخذ بالملاك وننوي الملاك ونأتي بالعبادة وانه لابد ان يكون هناك تطابق بين عالم الاثبات والثبوت كما تبين في بحث الاصول ذكرنا انه لابد ان يكون تطابق بين عالم الاثبات وعالم الثبوت، فعالم الاثبات ان لم يكن امر فمعناه الملاك منتفي، فمن اين نكشف الملاك هل نكشفه من الامر فان لم يكن امر في البين فلا ملاك ايضا لان المنكشف والكاشف لابد ان يتطابقا اذا انكشف الكاشف فلا يبقى الملاك، رأي السيد الخوئي ان الملاك نستكشفه من الامر فاذا لم يكن امر وسقط الامر فلا ملاك في بالكلية، الا ان بعض الاصوليين قالوا ممكن ان نستكشف الملاك بالاستصحاب فاذا كان ملاك ثم سقط الامر لأجل عذر من الاعذار يمكن لنا استصحاب الملاك ونأتي بتلك العبادة بنية ذلك الملاك وهو الصحيح انه ليس دائمي ان الملاك يسقط بسقوط الامر بل ربما يمكن كشف الملاك باستصحاب الملاك حينئذ، وهذا بحث ذكرناه في علم الاصول فعلى أي حال كبرى وصغرى هذا الدليل ممنوع
الدليل الثاني : ما ذكره صاحب الفصول من الترتب في المقام قال ان الترتب في المقام يقتضي صحة الوضوء وهو ان الغرفة التي غرفها من هذا الاناء ووضع هذه الغرفة لغسل الوجه هذا صحيح انه كان منهي عنه لا امر بالنسبة اليه لكنما الاغسال المترتبة الاتية انما تترتب على هذا الغسل وان كانت هذه متعقبة بغرفات ممنوعة فترتب في البين غسلة حصلة أي غرفة حصلة وغسل بها وجهه وترتب على هذه الغسلة ان تكون ورائها غسلات هذه الغسلات وان كان مصبها كان منهي عنه لكن هذا الترتب يقتضي صحة هذا الوضوء الحاصل، لكن الكلام في ان هنا ترتب او لا يكون هنا ترتب هل يصدق في المقام ترتب كما تبين في بحث الاصول مشروط بوجود الملاك ونحن نفينا الملاك كل مورد اذا اردنا ان نقول هناك امران اهم ومهم تركنا الهم واتينا بالمهم، قلنا انه يصح هذا العمل بالترتب لكن لابد ان يكون في المهم والاهم كلاهما ملاك اما اذا سقط الملاك بالمهم فلا ترتب في البين بدا لان هذا شرط من شروط جريان الترتب لان الترتب انما يقتضي ان يكون هناك ملاك في المهم ونأتي المهم بذلك الملاك وان لم يكن امر في البين اما اذا لم يكن ملاك فما هو وجه صحة ذلك الامر ففي المقام من قال ان هناك ملاك في الغسلات الاتية حتى تقول بالترتب حينئذ فالملاك منتفي في المقام، وعلى فرض التنزل وقلنا بانه هناك ترتب هذا يختص بالغسل غرفةً غرفه نتوضأ لغسل الوجه ولغسل اليدين وهكذا اما اذا كان الغسل ارتماسي فلا يجري فيه هذا المطلب هو مرة واحدة فليس فيه غسلات متعددة وترتب عليها فارتماس لا يجري عليه الدليل فهذا المعنى غير صحيح وهو التمسك بالترتب، لان اولا لا يجري في المقام لعدم وجود الملاك في الغسلات حينئذ والترتب شرطه وجود الملاك في الاهم والمهم، وثانيا ان هذا الدليل يختص بالوضوء او الغسل غرفة غرفه واما اذا كان الوضوء ارتماسي او الغسل ارتماسي فلا يجري عليه هذا الدليل وهذا الوجه ايضا غير صحيح
الوجه الثالث : التمسك ببعض الوجوه العقلية التي قلنا بانه اذا بنينا الاحكام الشرعية على تلك الوجوه العقلية يمكن القول بالصحة لكن اذا بنينا الاحكام الشرعية على الانظار العرفية فهذا الوجه ايضا غير تام وسيأتي بيانه

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo