< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : لا يجوز التصرف في المغصوب
قال السيد الماتن قدس سره : لا يجوز استعمال الظروف المغصوبة مطلقا[1]، لا ريب ولا اشكال في حرمة التصرف في المغصوب فطابق العقل والنقل في الحرمة بل هذا الحكم من ضروريات الدين وتدل عليه جملة من الروايات وسنذكر بعضها وهي ذكر فيها لفظ المسلم وفي بعضها مطلقا فلا يجوز لاحد التصرف في ملك الغير فلابد ان يكون لفظ المسلم من باب افضل الافراد واشرفهم لا التخصيص حينئذ بقرينة ان العقل يحكم بانه لا يجوز التصرف في ملك الغير لا يختص هذا الحكم بخصوص المسلم فلو ذكر لفظ المسلم في هذا الروايات انما ذكره من باب اشرف الافراد مثل الآيات التي وردت في القران الكريم التي تخاطب المؤمنين انما هو من باب التشريف لهم وكونهم اهل للخطاب وغيره قد اسقط الاهلية عن خطاب المولى له، فالكلام من هذا القبيل لا من باب التخصيص وهذا هو الذي ذكروه الا اذا كان الشارع الاقدس قد اسقط اذن المالك الظاهري فالشارع الاقدس هو المالك الحقيقي لهذا الشيء اذا اذن في التصرف في مال احد ولو بغير رضى المالك الظاهري صح التصرف وجاز كما في مال الحربي فان الشارع قد اذن ان يتصرف فيه المسلم بغير اذنه وان كان هذا الحربي وهو مالك ظاهري وان كان غير راضي بالتصرف، وبعد هذا نذكر بعض الروايات الواردة في هذا المقام
منها موثقة سماعة عن ابي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه واله قال (من كانت عنده امانة فليؤديها لمن ائتمنه عليها فانه لا يحل دم مسلم ولا ماله الا بطيب نفس منه) فقد ذكر لفظ المسلم في المقام تشريفا لما سيأتي من حديث والتوقيع الرفيع الذي ورد عن الامام المنتظر عجل الله فرجه الشريف ذكر فيها لفظ احد وليس المسلم والعقل ايضا يدل على ذلك فالعقل يمنع من التصرف في املاك الاخرين الا برضاهم واذنهم، هذا هو الحديث الشريف فهو معتبر من حيث السند واضح الدلالة
ومنها التوقيع الرفيع (لا يحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه)[2] لا يختص بالمسلم بل يشمل المسلم وغير المسلم الا اذا كان الشارع قد اسقط رضاهم لأنه المالك الحقيقي
ومنها خطبة نبينا صلى الله عليه واله في حجة الوداع (فان دمائكم واموالكم عليكم حرام كحرمة يوميكم هذا) فان هذه تدل على حرمة التصرف
ومنها ما عن امير المؤمنين عليه السلام قال ( ولا يجوز اخذ مال المسلم بغير اذن منه) هذه الروايات مجموعها متضافرة لا اشكال فيها حتى وان كان بعض اسنادها ضعيف لكن عمل المشهور وتطابق العقل ضرورة من الضرورات لا حاجة الى البحث في اسناد هذه الروايات، وتبين ان بعضها قد ورد لفظ المسلم وبعضها فيها لفظ احد فنحمل لفظ المسلم على الاشرف والافضلية لا على التخصيص والحكم لا يجوز تصرف في مال الغير
ثم قال رحمه الله : والوضوء والغسل منها مع العلم يكون باطل مع الانحصار [3]، سيأتي في الشرط الرابع من شرائط الوضوء تفصيل الكلام هناك يذكر السيد الماتن هذا انه من شرط ماء الوضوء ان لا يكون مغصوب والا بطل الوضوء فلا ريب ولا اشكال في هذا والاقوال في هذه المسألة ثلاثة، الاول القول بالبطلان مطلقاً كما عليه المصنف في المقام وفي الشرط الرابع هناك، القول الثاني الصحة مطلقاً، القول الثالث التفصيل بينما اذا كان الماء منحصرا في هذا الماء فالطهارة باطلة واذا لم يكن منحصرا فالطهارة صحيحة هذا بخلاف ما يأتي في الذهن ابتداءً الانحصار معناه ضرورة والضرورات تبيح المحذورات فلابد ان يكون صحة في المقام لماذا انعكس في المقام لما سيأتي انشاء الله فهنا اذاً كان الامر منحصرا يبطل الوضوء والغسل واذا لم يكن منحصرا فالوضوء منه صحيح وهذه هي الاقوال
وعلى كل هذه الاقوال صور الاستعمال والتصرف اربعة ان تكون الطهارة على نحو الارتماس الصورة الثانية ان يكون الوضوء بالاغتراف منه غرفة غرفه الصورة الثالثة ما اذا اغترف منه مرة واحدة ثم اخذ من هذه الغرفة التي تستوفي جميع الغسلات و المسحاة وحينئذ هذه هي الصور انه يرتمس ان يأخذ غرفة غرفه او انه يصب الماء على مواضع الغسل الصورة الرابعة يأخذ منها غرفة واحدة بما يكفي للوضوء حينئذ وهذه هي الصور الاربعة وعلى كل هذه الصور الاربعة اما مع الانحصار مع هذا الماء او لا ينحصر
اما القول الاول : فقد ذهب السيد الماتن وجمع الى بطلان الوضوء والغسل من الماء مطلقا الا صورة واحدة وهي ما اذا اغترف غرفة كبيرة واخذ بهذه الغرفة بما يكفيه للغسل فحينئذ الا هذه الصورة خارجة عن كلام المصنف فانه حكم ببطلان الوضوء في جميع هذه الصور مع الانحصار كما قيده، وكلامه في المقام مطلق شامل لجميع هذه الصور الاربع لكن هذه الصورة الرابعة خارجة عن كلامه كما سياتي وهذا هو رأي السيد الماتن، واستدل لهذا القول بان التوضئ في هذا الاناء المغصوب تصرف واستعمال لهذا المغصوب فيكون هذا التصرف والاستعمال حراما واذا كان حراما فمعناه ان هذه الطهارة التي هي امر عبادي منهي عنها والعبادة اذا تعلق النهي بها فسدة هذا الوضوء من هذا الاناء المغصوب تصرف واستعمال لهذا الاناء فيكون حراما فاذا كان حراما الوضوء يكون منهي عنه والنهي في العبادة يوجب فسادها فحكم ببطلان الوضوء في جميع هذه الصور التي ذكرها، الا اننا قلنا لابد من اخراج الصورة الاخيرة وان كان كلامه مطلق ففي الصورة الاخيرة وان اثم في التصرف لكن وضوئه صحيح باعتباره توضئ من الماء بغرفته الكبيرة وليس من الاناء وهذا خارج عن كلامنا والسبب في ذلك ان هذا النوع يعد عند العرف استعمالا والمتفاهم العرفي من التوضي من هذا الاناء المغصوب يسمى استعمالا لهذا الاناء المغصوب فرجعوا الى العرفي لتبين هذا الموضوع في المقام جعلوا الوضوء في هذا الماء تصرف في هذا الاناء فيحرم حينئذ فرجعوا الى الفهم العرفي في تنقيح الموضوع وهو كذلك في جميع الاحكام الشرعية اذا لم يرد تحديد من الشارع المقدس في موضوع معين فنرجع الى العرف لتبين ذلك الموضوع فالموضوع في المقام استعمال والاستعمال حرام لأنه مغصوب، من حكم بان الوضوء من هذا الماء يسمى استعمالا بجميع تلك الصور العرف حكم بان هذا استعمال لهذا الماء المغصوب، واستشكل جمع من الفقهاء في هذا الدليل ان الوضوء من الاناء والغسل من هذا الاناء يعد استعمالا ممنوع موضوعا وحكما ذكره السيد الحكيم رحمه الله في المستمسك نقلا عن غيره فجاء عد الوضوء من الاستعمال من هذا الاناء المغصوب ممنوع موضوعا وحكما
اما الاول : نفي الموضوع عنه فان الاستعمال بمعنى اعمال الشيء لما يصلح له والاستعمال استفعال نأتي لهذا الاناء اذا اردنا نستعمله معناه نعمله للظرفية والاناء يستعمل ليجعل فيه الماء والطعام اما التوضي منه لا يسمى استعمال فكل شيء لما يصلح له فالإناء الذي يصلح له هو الظرفية للماء او للطعام ونحو ذلك هذا الذي يكون اما الوضوء لا يسمى استعمالا انما استعمال للماء وليس للإناء فلا ينطبق على الوضوء من هذه الناحية
ثانيا : ناحية الحكم فان الروايات المتقدمة ولا سيما التوقيع الرفيع الوارد عن الامام المنتظر عجل الله فرجه من انه لا يحق لاحد ان يتصرف المراد التصرف واستعمال هذا الماء وجعله للوضوء لا يسمى تصرفا فهذا العنوان أي عنوان التصرف الوارد في الروايات المفهوم تصرفا والتصرف لا يصدق على هذا النوع من الاستعمال أي اخذ الماء من هذا الاناء لأتوضأ به او اغتسل به فلا ينطبق عليه عنوان التصرف فلا تشمله الروايات
فجعل التصرف للتوضي من الاستعمال منهي موضوعا اذ الاستعمال اعمال للشيء بما يصلح له والاناء انما يصلح ان يكون ظرفا للماء والوضوء استعمال لذلك الماء لا استعمال لذلك الاناء، واما حكما فان الوارد في الروايات التصرف وهذا لا يسمى تصرفا للإناء هذا وانما لا ينطبق عليه عنوان التصرف فلا تشمله الروايات فلأجل هذين الامرين حكم بعض الفقهاء بالصحة مطلقا، وقبل بيان فساد هذا ان هذا الشيء الموضوع امامنا وهو استعمال الاناء المغصوب في الغسل هذا الذي نقوله ان رجعنا الى النظر العرفي هذا يكون من التصرف ومن الاستعمال عرفا يحكم بذلك المتفاهم العرفي وان نظرنا فيه بالدقة العقلية التي هي بعيدة عن موضوعات الاحكام والشريعة الالهية صحيح ان هذا الذي نأخذ منه وتوضئ به لا يسمى استعمال للأناء المغصوب انما يسمى استعمال للماء الموضوع في هذا الاناء الماء ليس للمغصوب منه انما الماء لي فلا يكون حراما فحينئذ هنا بالنظر الدقي العقلي اذا لاحظنا الوضوء من هذا الاناء لا يسمى استعمال ولا تصرف للأناء فان كان الحكم هو العرف والنظر المتعارف فلا اشكال ولا ريب ان الوضوء من هذا الاناء يسمى استعمال وتصرف أي عنوان فيه، وان كان المناط في تنقيح الموضع هو الدقة العقلية انه صحيح ولا يسمى هذا الوضوء لا يسمى تصرفا واستعمال في نفس الاناء فحينئذ نظر الدقة العقلية يختلف عن نظر المفهوم المتعارف والكلام عن هذين الامرين أي الخروج الموضوعي والخروج الحكمي يبتني على هذا ويأتي

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo