< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

38/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب سُليم بن قيس الهلالي

قال النجاشي في أوّل كتابه قبل الشروع في الأبواب: (سُليم بن قيس الهلالي له كتاب يكنّى أبا صادق أخبرني عليّ بن أحمد القمّي قال حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه عن محمد بن علي الصيرفي عن حماد بن عيسى وعثمان بن عيسى قال حماد بن عيسى وحدثنا إبراهيم بن عمر اليماني عن سُليم بن قيس بالكتاب)[1] . انتهى

وقال الشيخ في الفهرست: (سُليم بن قيس الهلالي يكنّى أبا صادق له كتاب أخبرنا ابن أبي جيّد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن القاسم الملقب ماجيلويه عن محمد بن علي الصيرفي عن حماد بن عيسى وعثمان عن أبان ابن أبي عياش عنه. ورواه حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عنه)[2] . انتهى

وعدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب عليّ (ع)، وأخرى من أصحاب الحسن (ع)، وثالثة من أصحاب الحسين (ع)، ورابعة من أصحاب السجّاد (ع)، وخامسة من أصحاب الباقر (ع)، ...الخ. ونقل العلاّمة في آخر القسم الأوّل من الخلاصة عن البرقي كون الرجل من أولياء أمير المؤمنين (ع).

أقول لا اشكال ان سُليم بن قيس الهلالي من العلماء المشهورين بين العامة والخاصة، وهو ممدوح ولم يطعن عليه بشيء نعم لم يوثقه النجاشي ولا الشيخ، وقد حكم العلامة في الخلاصة بعدالته، كما ان العلامة المجلسي في البحار حكم بوثقاته. والإنصاف ان الرجل من أصحاب الأمير (ع) ومن خاصته، وأنه ممدوح جدا، فلا اشكال أن هذه وأما بالنسبة للكتاب فقد وقع الخلاف فيه. ففي بعضهم أنه صحيح يؤخذ برواياته ويعمل بها.

قال النعماني في كتاب الغيبة: (وليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الائمة (ع) خلاف في أن كتاب سُليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت (ع) وأقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله (ص) وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر، ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله (ع) وأمير المؤمنين وسمع منهما. وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها ويعّول عليها)[3] . انتهى

وقال صاحب الوسائل: (والذي وصل إلينا من نسخه ليس فيه شيء فاسد ولا شيء ممّا استدل به على الوضع ولعلّ الموضوع الفاسد غيره ولذلك لم يشتهر ولم يصل إلينا)[4] . انتهى

ووافقهما جملة من الأعلام. وبالمقابل قال ابن الغضائري: (سُليم بن قيس الهلالي الغامري روى عن أبي عبد الله والحسن والحسين وعلي بن الحسين (ع) ويُنسب إليه هذا الكتاب المشهور وكان أصحابنا يقولون إن سليماً لا يعرف ولا يذكر في خبر وقد وجدت ذكره في مواضع من غير جهة كتابه ولا من رواية أبان بن أبي عياش عنه وقد ذكر ابن عقدة في رجال أمير المؤمنين (ع) أحاديث عنه والكتاب موضوع لا مرية فيه وعلى ذلك علامات شافية تدل على ما ذكرنا:

منها ما ذكر أن محمد بن أبي بكر وعظ اباه عند الموت.

ومنها ان الائمة ثلاثة عشر وغير ذلك وأسانيد هذا الكتاب تختلف تارة برواية عمر بن أذينة عن إبراهيم بن عمر الصنعاني عن أبان بن أبي عياش عن سليم وتارة يروي عن عمر عن أبان بلا واسطة)[5] . انتهى

أقول: أمّا العلامة الأولى فوجه دلالتها على كون الكتاب موضوعاً هو ما ذكر فيه من أن محمد بن أبي بكر ولد في حجّة الوداع كما في الروايات الصحيحة:

منها صحيحة العيص ابن القاسم قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن المستحاضة تحرم. فذكر أسماء بنت عميس فقال: إن أسماء بنت عميس ولدت محمداً ابنها بالبيداء وكان في ولادتها بركة للنساء لمن ولدت منهن أو طمثت ...ألخ)[6] ، وكان عمره عند موت أبيه دون الثلاث سنين لأن من حجّة الوداع إلى وفاة النبي (ص) عدّة أشهر وزمان خلافة أبي بكر سنتان وأربعة أشهر أو ستة أشهر، فيكون المجموع دون الثلاث سنين فكيف يعقل وعظه أباه عند موته. وأما العلامة الثانية الدالة على كون الكتاب موضوعاً مختلفاً هو ما ذكر في الكتاب أيضاً من أن الائمة (ع) ثلاثة عشر (ع).

وأجاب عن ذلك بعض الأعلام بما يكون جواباً عن الوضع في العلامتين جميعاً حيث قال: نقلاً عن بعض الأفاضل رأيت فيما وصل من نسخة هذا الكتاب أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند موته وأن الائمة ثلاثة عشر من ولد إسماعيل وهم رسول الله (ص) مع الائمة (ع) ولا محذور في أحد هذين.

أقول: وهذا يدل على أن نسخ الكتاب مختلفة ثم أن الشيخ المفيد (ره) ذكر أن في الكتاب خلطا بين الصحيح وغيره حيث قال في مقام الرد على الشيخ الصدوق حيث تمّسك برواية من كتاب سُليم فذكر الشيخ المفيد أن الرواية وان كانت صحيحة المعنى إلاّ أن كتاب سُليم ليس بموثوق لعدم تمييز الروايات الصحيحة من غيرها فيه...ألخ).

والإنصاف في المقام ان الكتاب المزبور لم يصل إلينا بطريق معتبر، إما لأن رواية الكتاب انحصرت بأبان بن أبي عياش المجهول على ما ذكره بعض الأعلام قال السيد أحمد العقيقي على ما حكي عنه في الخلاصة: (وكان سُليم بن قيس من أصحاب أمير المؤمنين طلبه الحجاج ليقتله فهرب وآوى إلى أبان ابن أبي عياش فلما حضرته الوفاة قال: لإبان إن لك علي حقاً وقد حضرني الموت يا ابن أخي كان من الأمر بعد رسول الله (ص) كيت وكيت واعطاني كتاباً فلم يرو عن سُليم بن قيس أحد من الناس سوى أبان وذكر أبان في حديثه قال: كان شيخا متعبداً له نور يعلوه)[7] .انتهى

وذكر نحوه ابن النديم في كتابه الفهرست ...إلى أن قال: (واعطاه كتابا وهو كتاب سُليم بن قيس الهلالي المشهور رواه عنه أبان بن عياش ولم يروه عنه غيره) وقال: (أبان في حديثه وكان شيخا له نور يعلوه) وأوّل كتاب ظهر للشيعة كتاب سُليم بن قيس الهلالي رواه أبان بن أبي عياش لم يروه غيره). انتهى

وعليه فإذا كان الراوي لكتاب سُليم بن قيس منحصراُ بأبان بن أبي عياش فالكتاب حينئذ غير واصل بطريق معتبر لعدم وثاقة أبان بن أبي عياش.

وأما لأن رواية الكتاب وان لم تنحصر بأبان بن أبي عياش – كما هو الصحيح لما عرفت من ذكر طريق النجاشي والشيخ إلى الكتاب ويظهر منهما ان للكتاب طريقاً آخر، حيث ذكرا أن حماد بن عيسى وعثمان بن عيسى وحماد بن عثمان رووا الكتاب عن أبان تارة وعن إبراهيم بن عمر عن سُليم تارة أخرى ولا يوجد في الطريق الثاني أبان بن أبي عياش بل الراوي غيره وهو إبراهيم بن عمر اليماني الثقة.

وعليه فالطريق غير منحصر بأبان بن أبي عياش – إلاّ أن الطريق الثاني الذي ذكره النجاشي والشيخ ضعيف أيضاً بمحمد بن علي الصيرفي الواقع في الطريق إلى الكتاب.

والخلاصة إلى هنا أن الروايات الموجودة في الكتاب المزبور تصلح للتأييد لا للاستدلال. والله العالم

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo