< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

37/05/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مناقشة الشيخ في دعواه بأن الطائفة عملت بمراسيل الثلاثة

ثم أن بعض الأعلام حاول تصحيح كلام الشيخ. وحاصله أن شهادة الشيخ في حق هؤلاء الثلاثة لا تقل عن شهادة ابن قولويه وعلي بن ابراهيم بوثاقة مشايخهما المباشرين أو مع الواسطة الموجودين في كتابيهما. وبما أنه يجب الأخذ بشهادتهما إلاّ إذا عارضها شهادة أخرى فكذلك يجب الأخذ بشهادة الشيخ إلاّ إذا عارضها شهادة أخرى فتؤخذ بشهادة المعارض في مورد التعارض وتبقى شهادته في الباقي على حالها.

ولكن الإنصاف ان هناك فرقاً بين شهادة ابن قولويه وعلي بن إبراهيم وشهادة الشيخ، وهو أن شهادتهما منتهية إلى أنفسهما، فحينئذِ إذا عارض شهادتهما شهادة اخرى فتبقى شهادتهم في الباقي على حالها إذ لا موجب لسقوطها، وهذا بخلاف ما نحن فيه، فإن الشهادة بكونهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة ليست من نفس المشايخ الثلاثة، وانما هي من الشيخ وإذا ثبت من نفس الشيخ ان بعض مشايخ الثلاثة ضعفاء – كما تقدم ذكر جملة منهم- فحينئذٍ تسقط شهادة الشيخ في حق هؤلاء فلا اعتبار في شهادته في الباقي وهذا بخلاف ما لو كانت الشهادة من نفس المشايخ الثلاثة فإذا عارضها شهادة أخرى في بعض الرواة يقتصر حينئذٍ في سقوط شهادتهم في خصوص مورد التعارض إذ يكشف ذلك عن إشتباههم في خصوص هذا المورد ولا موجب لسقوط شهادتهم في غيره كما في شهادة ابن قولويه وعلي بن إبراهيم وكم له من نظير.

لا يقال ان شهادة الشيخ في حق هؤلاء الثلاثة ليست مبنية على حدسه واجتهاده حتى يقال بسقوط شهادته بعد العثور على عدة من مشايخهم الضعفاء لا سيّما بتضعيف الشيخ بل الشيخ حكى شهادة الطائفة بذلك فهو مجرد ناقل لشهادة الطائفة بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. وبناء عليه فالعثور على شهادة أخرى منافية لشهادة الطائفة انما يوجب سقوط شهادتهما في خصوص مورد التعارض ولا تسقط شهادة الطائفة في الباقي.

وفيه أنه لا يظهر من عبارة الشيخ في العدة أنه حاكٍ لشهادة الطائفة بل ظاهرها أنه إجتهاد منه اذ هو استنبط ذلك بدليل ان ذلك لم يكن معروفاً قبله ولماذا لم يحك شهادة الطائفة بحق هؤلاء الثلاثة إلاّ الشيخ الطوسي. ولو كان لبان.

ثم أن هناك محاولة أخرى لتصحيح كلام الشيخ وهي للمرحوم السيد محمد باقر الصدر وهي قائمة على حساب الإحتمالات وحاصلها: إنا إذا لاحظنا النسبة بين ما يرويه هؤلاء المشايخ عن مشايخهم الذين لم يرد فيهم تضعيف وبين ما يروونه عن الضعفاء المنصوص على ضعفهم فنجد أن النسبة ضيئلة جداَ بحيث لا ترفع الإطمئنان ولا تخدش في حصوله بوثاقة الجميع فيكون ما روى عن الضعفاء بمنزلة الشاذ النادر الذي لا يعتني به وأمّا الأكثر والقريب من الكل فلم يرد فيهم تضعيف، وحينئذٍ لا يلتفت إلى ذلك القليل النادر لأن نسبته إلى الأكثر الأغلب كنسبة الواحد إلى المائة أو الألف مثلاً.

ولا يكون هذا موجباً للوهن في حصول الإطمئنان. ويرد عليه، انه ليس المناط قلّة المشايخ الضعفاء وكثرة المشايخ الثقات وانما المناط هو كثرة الرواية عن شخص وعدمها فلو فرضنا ان الرواية عن المشايخ الثقات أو عن بعضهم قليلة والرواية عن بعض الضعفاء كثيرة فحينئذٍ لا يوجد اطمئنان بأن الوسيط المجهول هو من الثقات بل يحتمل احتمالاً معتداً به ان يكون من الضعفاء لا سيّما ان العقلاء في الأمور المهمة يعتنون بالإحتمال ولو كان ضيئلاً.

فلو فرضنا ان طائرة تسقط من ضمن الف طائرة في اليوم فترى العقلاء يعتنون بذلك ولا يسافرون في ذلك اليوم. والأحكام الشرعية من الامور المهمّة جداً لا ينبغي التساهل فيها، وعليه فكل واسطة مجهولة يحتمل فيها ان يكون الوسيط من الضعفاء لا سيّما وان مراسيل ابن أبي عمير كثيرة. هذا بل ربما يقال ان حذف الواسطة من المشايخ الثلاثة يدل على كون الوسيط المجهول ممّا لا يعتّد به، وإلاّ فلما يحذفه فإذا روى ابن أبي عمير عن رجلٍ أو عن بعض أصحابه ونحو ذلك، فهذا ربما يكون قرينة على ضعف الواسطة المجهولة بحيث لو ذكره لكان وهناً بالرواية وإلاّ لو لم يكن كذلك لصرّح به.

وفيه ان هذا الكلام في غير محله لانه انما يصح لو كان عدم ذكر الواسطة من باب التعمّد من ابن أبي عمير بحيث كان عارفاً بالواسطة ولكنه لم يذكرها لحاجة في نفس يعقوب وأما لو كان عدم ذكر الواسطة لنسيان، ونحو ذلك كما هو الواقع فلا يتم ما ذكر. وممّا يؤكد أن عدم ذكر الواسطة لنسيان ما ذكره النجاشي في ضمن ترجمة ابن أبي عمير حيث قال:( وقيل ان أخته دفنت كتبه في حالة استتارها وكونه في الحبس أربع سنين فهلك الكتب وقيل بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت فحدث من حفظه وممّا كان سلف له في أيدي الناس فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله...ألخ )[1] .

والخلاصة ان هذه المحاولة لم يكتب لها التوفيق. وهناك محاولة ثالثة أشرنا إليها سابقاً على نحو الإجمال. وهي أن هؤلاء الثلاثة لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة بنظرهم ولا يشترط أن يكون ثقة عند غيرهم. وفيه أن ذلك لا ينفعنا لأنه إذا لم يكن ثقة بنظرنا لم يصح العمل بالرواية مضافاً إلى أن عبارة الشيخ لا يفهم منها هذا المعنى. أي كونه ثقة بنظرهم.

وممّا يؤيد أن رواية أحد هؤلاء الثلاثة عن شخص لا تدل على وثاقته ما ذكره السيد محسن الحكيم (ره) حيث قال: ( ورواية محمد بن أبي عمير عنه- أي عن زيد النرسي- لا توجب ذلك – اي وثاقته- وان قيل أنه لا يروي إلاّ عن ثقة إذ لا يبعد كون المراد منه الوثاقة في خصوص الخبر الذي رواه ولو من جهة القرائن الخارجية، لا كون الراوي ثقة في نفسه وإلاّ لأشكل الأمر في كثير من الموارد التي روى فيها محمد بن أبي عمير عن المضعّفين مضافاً إلى بنائهم على عدم كفاية روايته في توثيق المروي عنه. كما يظهر من ملاحظة الموارد التي لا تحصى ومنها المقام فإنهم لم ينصوا على وثاقة زيد بمجرّد رواية محمد بن أبي عمير عنه...ألخ )[2] .

والخلاصة إلى هنا أن دعوى الشيخ في حق هؤلاء الثلاثة أنهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. لم يكتب لها التوفيق والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo