< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التعادل و التراجیح 7

الخلاصة:

     الكلام في: التعادل والتراجيح.

     ويقع الكلام في عدّة أمور:

الأمر الثالث: في بيان الفرق بين التعارض والتزاحم.

     الكلام في: مرّجحات باب التزاحم:

الأمر الثالث: ما إذا كان أحد المتزاحمين أهم من الآخر. الأمر

الرابع: ما إذا كان ظرف الامتثال أحد المتزاحمين مقدّماً على ظرف امتثال الآخر.

     الكلام في: أنّ الأصل في المتعارضين هل هو التساقط أم التخيير. أمّا على القول بالطريقية والكاشفية في الأمارات.

     أما تفصيل الكلام في المسألة والإنصاف فيها، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

الأمر الثالث: ما إذا كان أحد المتزاحمين أهم من الآخر، فإنه يقدّم الأهم على غيره بلا إشكال، فإن تقديم المهم يوجب تفويت المقدار الزائد من المصلحة، وهذا بخلاف تقديم الأهم.

الأمر الرابع: ما إذا كان ظرف الامتثال أحد المتزاحمين مقدّماً على ظرف امتثال الآخر، فإن المقدّم في الامتثال يقدم على غيره، فإذا دار الأمر بين القيام في الركعة الأولى وبين القيام في الركعة الثانية لعدم قدرته على القيام فيهما معاً، لمرض أو عجز ونحو ذلك، فيقدم القيام في الركعة الأولى، لأن الإتيان بالمقدم زماناً يوجب العجز عن المتأخر، وعليه: فيكون التكليف به منتفياً بانتفاء موضوعه، وهو القدرة. وهذا بخلاف ما لو ترك القيام في الركعة الأولى للحفاظ على القيام في الركعة الثانية، فإنه غير معذور في ذلك، لأن الفرض أن التكليف بالقيام في الركعة الأولى فعليّ وغير معلق على شيء، فلا عذر في تركه، وأمّا القيام في الركعة الثانية فهو ليس فعلياً، فإن جاء وقته وكان قادراً عليه فيأتي به، وإلّا كان معذوراً في تركه لعدم القدرة.

وممّا يؤكد ما ذكرناه: ما ذكره الأعلام من أنه لو فرضنا أن زيداً مثلاً، كان قادراً على صوم نصف شهر رمضان المبارك فقط، إمّا النصف الأول أو النصف الثاني، فلا يجوز له ترك الصوم في النصف الأوّل وصوم النصف الثاني، لأنه في النصف الأوّل هو فعلاً قادر على صومه فالتكليف في حقه فعليّ، وأما النصف الثاني فهو ليس فعلياً لعدم مجيء وقته، فلو صام النصف الأوّل وجاء وقت صوم النصف الثاني، فإن كان قادراً على صومه أتى به وإلّا كان معذوراً، بخلاف ما لو لم يصم النصف الأوّل حفاظاً على قدرته لصوم النصف الثاني، إذ لا عذر له في ترك الصوم الواجب عليه فعلاً.

نعم، إذا كان الواجب المتأخر زماناً أهم من الواجب المتقدم، فيترك الواجب المتقدم للحفاظ على قدرته على الواجب الأهم المتأخر، ولا يجوز له الإتيان بالواجب المتقدم المهم، لأنه يوجب عجزه عن الواجب الأهم المتأخر، فلو دار الأمر بين حفظ ماله اليوم وبين حفظ نفسه غداً، فلا إشكال في أن العقل مستقل بوجوب حفظ القدرة على حفظ نفسه غداً، وان لزم ضياع المال الآن.

ولعلّه من هذا القبيل: ما حصل لحبيب بن مظاهر الأسدي ومسلم بن عوسجة (رضوان الله عليهما) حيث لم يكونا مع من استشهد مع مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) حفاظاً على قدرتهما للقتال مع أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) لأنهما يعلمان بمجيئه (عليه السّلام) إلى الكوفة، والله العالم بما جرى.

 

قال صاحب الكفاية (رحمه الله): التعارض وأنّ كان لا يوجب إلّا سقوط أحد المتعارضين عن الحجية رأساً، حيث لا يوجب إلّا العلم بكذب أحدهما، فلا يكون هناك مانع عن حجية الآخر، إلّا إنّه حيث كان بلا تعيين ولا عنوان واقعاً ـ فإنّه لم يعلم كذبه إلّا كذلك، واحتمال كون كلّ منهما كاذباً ـ لم يكن واحد منهما بحجة في خصوص مؤدّاه، لعدم التعيّن في الحجة أصلاً، كما لا يخفى.

نعم يكون نفي الثالث بأحدهما لبقائه على الحجية، وصلاحيته على ما هو عليه من عدم التعين لذلك لا بهما...[1]

الكلام في هذا الفصل: معقود للبحث عن تأسيس الاصل، فيما إذا تعارض الدليلان مع قطع النظر عن الأخبار العلاجية، مع أن الأخبار العلاجية انما تعرضت لخصوص الأخبار، دون غيرها من الأمارات، وعليه، فهل الأصل يقتضي التساقط أم التخيير.

والمراد بالتخيير هنا: هو التخيير في المسألة الأصولية أي يكون مخيّراً في العمل بأي الحجّتين، بحيث لو دلّ دليل على الوجوب والآخر على الإباحة فيكون مخيّراً في العمل بالدليل الوارد على الوجوب فيفتي على طبقه، أو بالعمل بالدليل الدال على الإباحة فيفتي على طبقها، لا أنه تخيير في المسألة الفرعية، أعني به ما يكون مخيّراً بين الفعل والترك، فإن ذلك ليس من وظيفة الأصولي بل هو من وظيفة الفقيه.

كما أن المراد بالتخيير على القول به: هو التخيير العقلي لا الشرعي، إذ التخيير الشرعي ما كان مستفاداً من الأدلّة الخاصة، والمفروض أن البحث في المقام مع قطع النظر عن الدليل الخاص.

 

ثم إن البحث:

تارة: يكون على القول بالطريقية والكاشفية في الأمارات.وأخرى: على السببيّة والموضوعية فيها.

أمّا على القول بالطريقية: فالمعروف بين الاعلام هو التساقط مطلقاً أو في الجملة. والمراد من التساقط في الجملة، هو عدم حجّية شيء من الدليلين في المؤدى بالخصوص، وان كان مجموع الطرفين حجّة في نفي الثالث.

وقد ذهب صاحب الكفاية (رحمه الله): إلى أن الوجه في سقوطهما عن الحجّية، هو العلم الإجمالي بكذب أحدهما، وتوضيحه: أن المتعارضين ممّا يعلم بكذب أحدهما، ولا ريب أن معلوم الكذب ليس بحجّة، ولمّا لم يكن له عنوان محفوظ متعيّن وكان محتمل الانطباق على كل واحد منهما، كان كل واحد منهما ممّا يحتمل أنه ليس بحجّة، لكونه ممّا يحتمل كونه معلوم الكذب، فيسقط كلاهما عن الحجّية. ولا يخفى عليك: أن هذا الوجه مبني على القول بسراية العلم الإجمالي من نفس عنوان معروضه من الصور الإجمالية إلى الخارج، ولكنك عرفت في مبحث العلم الإجمالي عدم السراية إلى الخارج، وعليه: فكل منهما مشكوك الكذب قطعاً، ولا يحتمل كونه معلوم الكذب فيكون داخلاً تحت دليل الحجّية حتماً.

إن قلت: العلم الإجمالي وان كان لا يسري إلى الخارج إلّا أنه ينجّز متعلقه، فيجب الاحتياط في أطرافه. قلت: الكذب الواقعي لا يمنع عن شمول دليل الحجّية، وإلّا اختص الحجّة بما هو معلوم الصدق وهو خلاف الفرض، وإذا لم يكن الكذب الواقعي خارجاً عن دليل الحجّية، فالعلم به لا أثر له، غاية الأمر أن معلوم الكذب ليس بحجّة، والمفروض أنه لا ينطبق على أحدهما، بل كل واحد منهما مشكوك الكذب، فيكون داخلاً تحت دليل الحجّية.

 

أما تفصيل الكلام في المسألة والإنصاف فيها، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo