< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات الإستصحاب 82

الخلاصة:

     الكلام في: أصالة الصّحة.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر الثاني: ان الحمل على الصحّة على قسمين:

القسم الأوّل: هو بمعنى ترتيب الأثر على العمل الصادر من الغير، والذي هو محل الكلام هنا؛ وسيأتي بحثه بالتفصيل.

القسم الثاني: هو بمعنى عدم ترتيب آثار القبيح على الفعل أو القول الصادر من الأخ المؤمن. وقد يستدل للقسم الثاني: بالكتاب العزيز والسنّة النبوية الشريفة.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر الثالث: في الدليل على أصالة الصّحة في عمل الغير، والذي هو محل الكلام، وقد استدل لذلك بعدّة أدلّة.

     أما الأمر الرابع، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

وأمّا السنّة النبوية الشريفة:

منها: رواية الحسين بن المختار عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً»[1] .ولكنها ضعيفة بالإرسال.

ومنها: حسنة إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إذا اتّهم المؤمن أخاه إنماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء»[2] .

ومنها: رواية محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، قال: «قلت له: جعلت فداك الرجل من أخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات. فقال لي يا محمد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم ...»[3] .وهي ضعيفة بسهل بن زياد وبجهالة يحيى بن المبارك. وكذا غيرها من الروايات. والمراد من قوله (عليه السلام): «فصدّقه» أي احمله على الأحسن لا على القبيح، وليس المراد من التصديق ترتيب آثار الواقع على قوله، إذ لا يمكن ترتيب آثار الواقع على خبره، وعدم ترتيبه على خبر الخمسين.

وبالجملة: فلا دلالة لشيء من هذه الروايات على الصحّة بمعنى ترتيب الأثر الصحيح على الفعل أو القول الصادر من الغير، فلو دار الأمر بين كون الكلام الصادر من الغير سلاماً أو شتماً، فلا يجب ردّ السلام بل المراد هو حسن الظن بالأخ المؤمن وعدم حمل كلامه على القبيح.

 

الأمر الثالث: في الدليل على أصالة الصّحة في عمل الغير، والذي هو محل الكلام، إذ الكلام في ترتيب الأثر على العمل الصادر من الغير سواء كان هذا الغير مؤمناً أم لا؟

أقول: لا إشكال في اعتبار أصالة الصحّة في عمل الغير في الجملة، بل هناك تسالم بين المسلمين وغيرهم في أصل اعتبارها. وإنما الكلام في اعتبارها في جميع الموارد، من العقود والإيقاعات، والعبادات، والطهارة والنجاسة، ونحو ذلك. وقد استدل لذلك بعدّة أدلّة:

منها: الإجماع. وفيه: ان الإجماع على اعتبارها في الجملة ممّا لا اشكال فيه، بل قلنا هناك تسالم وهو أعلى من الإجماع بكثير. وأمّا الإجماع على اعتبار أصالة الصّحة في جميع الموارد، بحيث انعقد الإجماع على عنوان كلّي كي يلزمه الأخذ بإطلاق معقد الإجماع في حال الشك في بعض الموارد، فهذا ممّا لم يثبت. ثم أنه على فرض ثبوته فيحتمل أنه إجماع مدركي منشأه الأدلة الآتية، ومع هذا الاحتمال لا يكون حينئذٍ إجماعاً تعبديّاً كاشفاً عن رأي المعصوم (عليه السلام).

ومنها: السيرة القطعية من المسلمين بل من كل ذي دين في جميع الأعصار والأمصار على حمل الأفعال الصادرة من الغير وان كان غير مسلم على الصّحة. والإنصاف: انه لا اشكال في ثبوت هذه السيرة، إلّا أنها دليل لبّي، فيقتصر فيها على القدر المتيقن ولا يشمل الموارد التي شك في الحمل فيها على الصّحة، كما ستأتي ان شاء الله تعالى.

ومنها: لزوم العسر والحرج مع عدم البناء على الصّحة، بل يلزم من عدم البناء على الصّحة اختلال النظام، بل اختلال النظام اللازم من عدم البناء على الصحّة أزيد من اختلال النظام الحاصل من ترك العمل بقاعدة اليد –حيث ورد في رواية حفص بن غياث المستدل بها على قاعدة على قاعدة اليد: «لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق»[4] .لأعميّة موارد أصالة الصّحة من قاعدة اليد لجريانها في جميع أبواب الفقه من العبادات والمعاملات في العقود والإيقاعات بخلاف قاعدة اليد كما لا يخفى. والإنصاف: ان هذا الدليل أيضاً قوي إلّا أنه دليل لبّي يقتصر فيه على القدر المتيقن.

والحاصل إلى هنا: أنه لا يوجد دليل لفظي على اعتبار أصالة الصحّة بل دليلها لبّي. والله العالم.

 

أما الأمر الرابع، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo