< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات الإستصحاب 81

الخلاصة:

     الكلام في: قاعدة الفراغ والتجاوز، ووجه تقديمهما على الاستصحاب.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر الحادي عشر: في جريان قاعدتي التجاوز والفراغ في الشرط أم لا. وقبل البحث عن ذلك، نقول: إن الشرط على أربعة أقسام:

     الكلام في: القسم الثالث: وهو ما يكون الشرط عقلياً للجزء كالموالاة بين حروف الكلمة. تتمة الكلام في القسم الثالث.

     الكلام في: القسم الرابع: وهو ما يكون شرطاً شرعياً للجزء.

     الكلام في: أصالة الصّحة.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر الأوّل: في الفرق بينها وبين قاعدة الفراغ.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر الثاني: ان الحمل على الصحّة على قسمين:القسم الأوّل: هو بمعنى ترتيب الأثر على العمل الصادر من الغير، والذي هو محل الكلام هنا؛ وسيأتي بحثه بالتفصيل.القسم الثاني: هو بمعنى عدم ترتيب آثار القبيح على الفعل أو القول الصادر من الأخ المؤمن. وقد يستدل للقسم الثاني: بالكتاب العزيز والسنّة النبوية الشريفة:

     أما الاستدلال بالسنة النبوية على القسم الثاني، فيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

وأمّا حكم الشك في الموالاة بين كلمات الآية: فهو يرجع إلى الشك في عروض المبطل، لأن الفصل الطويل الماحي للصورة من المبطلات مطلقاً ولو وقع عن نسيان. وبالجملة: يكون الشك المذكور شكاً في وجود المانع وهو الفصل الطويل، والأصل عدمه، فيحكم حينئذٍ بصحّة الصلاة لأجل الاستصحاب، لا لقاعدة التجاوز.وممّا ذكرنا يتضح لك: الخلط الواقع في كلام السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله)، حيث جعل الموالاة بين الكلمات في كلام واحد من الأمور المعتبرة عقلاً، لا من الشرائط الشرعية.قال السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله): «لأنها –أي الموالاة- ممّا لا بدّ منه في صدق الكلام والكلمة عرفاً، فإنه لو تكلم بكلمة من كلام ثمّ تكلم بكلمة أخرى منه بعد فترة طويلة مانعة عن صدق الكلام عرفاً، لا يكون كلاماً مفهماً للمعنى» (انتهى كلامه). وفيه: ان عدم الصدق عرفاً لا يمنع من الصدق عقلاً، فعدم الموالاة بين الكلمات لا يتوقف عليه وجود الآية عقلاً.

وأمّا القسم الرابع: وهو ما يكون شرطاً شرعياً للجزء كالجهر والإخفات، بناءً على أنهما شرط للقراءة لا للصلاة في حال القراءة، ولم نعثر على مثال آخر.ومهما يكن: فالبحث في هذا المثال وهو الجهر والإخفات لا فائدة فيه، لورود النص الصحيح على عدم وجوب العود عند نسيانهما أو تركهما سهواً أو جهلاً. ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام): «في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه، وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه. فقال: أيُّ ذلك فعل متعمداً فقد نقض صلاته وعليه الإعادة، فإن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته»[1] .فإذا كان الأمر كذلك مع النسيان، فعدم وجوب العود إلى القراءة مع الشك فيهما من باب أولى. مضافاً إلى أنه لا تجري قاعدة التجاوز فيه: لعدم صدق «الشيء» على مثل الجهر والإخفات حتى تجري فيه القاعدة.ثم أنه مع قطع النظر عن هذا المثال، فما هو حكم الشك في هذا القسم الرابع؟فنقول: إذا شك المكلف في فوات ما يكون شرطاً شرعياً للجزء، فإن كان الشك بعد الدخول في الركن، فلا اشكال في الصحّة، لأن العلم بفواته نسياناً بعد الدخول في الركن لا أثر له فضلاً عن الشك في الفوات، وان كان الشك قبل الدخول في الركن وبعد الدخول في الغير المترتب على الجزء المشروط بالمشكوك فيه، فيجري فيه قاعدة التجاوز.والخلاصة: أنه لا فرق في جريان قاعدة التجاوز بين الشك في الشرط العقلي للجزء كالموالاة بين حروف الكلمة، وبين الشك في الشرط الشرعي للجزء، والله العالم. هذا تمام الكلام في قاعدتي التجاوز والفراغ.

 

وأمّا أصالة الصّحة؛ فيقع الكلام فيها في عدّة أمور:الأمر الأوّل: ان الفرق بينها وبين قاعدة الفراغ، هو:إنّ قاعدة الفراغ: إنما تجري بالنسبة إلى العمل الصادر من نفس المكلف، فإذا أتى المكلف بعمل كالصلاة مثلاً، ثم شك في صحّة صلاته أو فسادها لاحتمال ترك جزء منها أو شرط ونحو ذلك، فيصحح صلاته بقاعدة الفراغ.وأمّا أصالة الصّحة: فموردها عمل الغير، كما إذا عقد زيد -مثلاً- عقداً ما، كبيعٍ أو نكاحٍ أو صلحٍ ونحو ذلك، ثمّ شككنا في صحّة عقده لاحتمال عدم استجماعه للشرائط، فنحمل عمله على الصّحة ونرتب آثار العقد الصحيح.وهناك فرق آخر بينهما وهو:أن قاعدة الفراغ: لا تجري إلّا بعد الانتهاء من العمل سواء كان العمل كلاً أو جزءً، كما لو كان في أثناء الصلاة وشك في صحّة قراءته وهو في الركوع، فتجري قاعدة الفراغ بالنسبة للقراءة.وأمّا أصالة الصحة: فتجري مطلقاً، أي بعد انتهاء العمل أو في أثنائه. كما لو كان زيد مشغولاً بجريان عقد البيع، وشككنا في صحّة ما يعمله لاحتمال عدم استجماعه للشرائط فنحمله على الصحّة.

الأمر الثاني: ان الحمل على الصحّة على قسمين:القسم الأوّل: هو بمعنى ترتيب الأثر على العمل الصادر من الغير، والذي هو محل الكلام هنا؛ وسيأتي بحثه بالتفصيل.القسم الثاني: هو بمعنى عدم ترتيب آثار القبيح على الفعل أو القول الصادر من الأخ المؤمن عند الظن به بعد إمكان الحمل على الوجه الحسن. ومرجع ذلك إلى حسن الظن بالأخ المؤمن فيما يصدر منه من الأفعال والأقوال وعدم التسرع في ترتيب آثار القبيح عليه عند احتماله أو الظن به مهما أمكن.وأصالة الصحّة بهذا المعنى قد يستدل لها بالكتاب العزيز والسنّة النبوية الشريفة:أمّا الكتاب العزيز: فقوله تعالى: ﴿قولوا للناس حسناً﴾ بناءً على تفسيره بما في الكافي، كما في صحيحة معاوية بن عمار أو موثقته عن أبي عبد الله (عليه السّلام): «في قول الله عزّ وجل: ﴿قولوا للناس حسناً﴾. قال: قولوا للناس حسناً ولا تقولوا إلّا خيراً حتى تعلموا بما هو»[2] .وقوله تعالى: ﴿اجتنبوا كثيراً من الظن إنّ بعض الظن إثم[3] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo