< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

40/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبيهات الإستصحاب 75

الخلاصة:

     الكلام في: قاعدة الفراغ والتجاوز، ووجه تقديمهما على الاستصحاب.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر السادس: في المراد من «الفراغ» في قاعدة الفراغ، وهو على صورتين: الصورة الأولى:تتمة الكلام في الصورة الأولى من الأمر السادس.

     يقع الكلام في عدة أمور: الأمر السادس: في المراد من «الفراغ» في قاعدة الفراغ، وهو على صورتين: الصورة الثانية: في تحقق الفراغ فيما إذا كان الشك في الجزء الأخير. والمراد من الفراغ: إمّا الفراغ الحقيقي أو الادّعائي أو الاعتقادي والبنائي.

     استدل على كفاية الفراغ الاعتقادي بثلاثة أدلة: الدليل الأول.

     أما تتمة الكلام في الدليل الأول على كفاية الفراغ الاعتقادي، فتأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.

 

والإنصاف: هو المعنى الأوّل. ويدل عليه: موثقة ابن مسلم وحسنة ابن بكير المتقدمتين، حيث إن ظاهرهما ان الفراغ يتحقق بمجرّد الانتهاء من العمل، ويظهر ذلك أيضاً من رواية ابن مسلم الأخرى.إن قلت: إن صحيحة زرارة المتقدمة تدل على المعنى الآخر، لقوله (عليه السّلام): «فإذا قمت من الوضوء وفرغت وصرت إلى حال أخرى في الصلاة أو غيرها ...». قلت: إن التقييد بالقيام والصيرورة إلى حال أخرى انما خرج مخرج الغالب حيث إن المتوضئ، إذا فرغ من وضوئه فالغالب أنه يقوم من محله أو يتشاغل بحالة أخرى.إن قلت: إن موثقة ابن أبي يعفور المتقدمة تعارض موثقة ابن مسلم وحسنة بكير بن أعين المتقدمتين، لقوله (عليه السّلام) في الموثقة: «وقد دخلت في غيره ...» أي في غير الوضوء، فتدل على عدم كفاية مجرّد الانتهاء من العمل في تحقق الفراغ.قلت: إن قوله (عليه السّلام) في ذيل الموثقة: «... إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» يدل بوضوح على كفاية الانتهاء في تحقق الفراغ فإن التجاوز هنا عبارة أخرى عن الفراغ. وعليه: فيكون الذيل مسوقاً لبيان الضابطة والقاعدة لعدم الاعتناء بالشك، وهي مجرّد التجاوز عن الشيء من غير تقييد بالدخول في الغير، فيكون صدرها من جزئيات هذه القاعدة ويكون قوله (عليه السّلام): «وقد دخلت في غيره ...» كناية عن مجرّد الفراغ. هذا تمام الكلام في الصورة الأولى.

وأمّا الصورة الثانية: أي في تحقق الفراغ فيما إذا كان الشك في الجزء الأخير؛ ففيها خلاف بين الأعلام.وقد عرفت أنّ الفراغ عند الشهيد الأوّل (رحمه الله) في الدروس والذكرى يتحقق بالانتقال عن محله ولو تقديراً، ولم يفرق بين ما لو كان الشك في الجزء الأخير أو في غيره.وفي كشف اللثام: «وعندي أن الانتقال وحكمه -كطول القعود- يعتبر في الشك في آخر الأعضاء دون غيره» (انتهى كلامه).وفي الحدائق: «لكن يبقى في المقام اشكال أشار إليه السيد السند في المدارك فيما إذا تعلّق الشك بالعضو الأخير لعدم تحقق الإكمال الموجب لإلغاء الشك وربّما يدفع بأن الظاهر تحقق الإكمال والفراغ بمجرّد أن يجد نفسه غير مشتغل بأفعال الوضوء بعد تيقن التلبس به فحينئذٍ لو طرأ الشك لم يعتّد به» (انتهى كلامه).وقال النراقي (رحمه الله) في مستنده: «وأما إذا كان فيه -أي الشك في الجزء الأخير- فعدم الالتفات إليه انما هو بالإعراض عن الوضوء أو الدخول في فعل آخر غير الوضوء، فإنه لا يلتفت حينئذٍ لصدق الفراغ والخروج والدخول في الغير والمضّي» (انتهى كلامه).وذكر المحقق الخونساري (رحمه الله): «أن الفراغ انما يتحقق بأن لا يجد نفسه مشغولاً بأفعال الوضوء فعند ذلك لو طرأ الشك لم يعتدّ به وان كان الأحوط التدارك ما لم يحصل القيام أو ما هو حكمه» (انتهى كلامه).وأمّا صاحب الجواهر (رحمه الله): فاختار تحقق الفراغ بأحد أمرين: الأوّل: اشتغاله بفعل آخر وانتقاله إلى حال أخرى ولو بطول الجلوس. الثاني: حصول اليقين له بالفراغ آناً ما.وقال المحقق الهمداني (رحمه الله): «ولو رأى المتوضئ نفسه فارغاً من الوضوء قبل انتقاله من حاله ثم شك فيه وهو قاعد على وضوئه فبمقتضى الأدلّة المتقدمة وجوب تدارك المشكوك والالتفات إلى شكه، لأن عدم الالتفات موقوف على احراز الفراغ وهو مشكوك. ومجرّد الاعتقاد لا ينفع في ذلك» (انتهى كلامه). وتبعه السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله)، خلافاً للسيد محسن الحكيم (رحمه الله) حيث اكتفى بمجرّد الاعتقاد بالفراغ.أقول: يظهر ممّا تقدم أن المعتبر في قاعدة الفراغ هو عنوان الفراغ أو المضي ونحوهما، وعليه: فالمراد من الفراغ: إمّا الفراغالحقيقي أو الادّعائي أو الاعتقادي والبنائي.أمّا الأوّل: فلا يمكن أن يكون هو المراد، إذ تبقى قاعدة الفراغ بلا معنى، لأنه كلّما شك في الجزء الأخير فقد شك في الفراغ الحقيقي. ومع الشك فيه لا تجري القاعدة حينئذ.وأمّا الثاني: فلا يمكن القبول به أيضاً، لأنّ الفراغ الادّعائي يحصل بفعل معظم الأجزاء، ومن المعلوم عدم جريان القاعدة حينئذٍ، بل قام الدليل على عدم كفاية حصول الفراغ بتحقق معظم الأجزاء وهي صحيحة زرارة المتقدمة، حيث دلّت على لزوم الاعتناء بالشكّ ما دام قاعداً على وضوئه مع أنه أتى بمعظم الأجزاء.وعليه، فيتعيّن أن يكون المراد وهو الفراغ الاعتقادي: فإذا بنى في نفسه واعتقد الفراغ ثم حصل له شك في فعل الجزء الأخير، فيبني حينئذٍ على الصحّة لقاعدة الفراغ.وقد استدل على كفاية الفراغ الاعتقادي بثلاثة أدلة:الدليل الأول: بعض الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك:منها: ما في الخصال بإسناده عن علي (عليه السّلام) في حديث الأربعمائة، قال: «من كان على يقين ثم شك فليمض على يقينه فإن الشك لا ينقض اليقين».[1] ومنها: ما في ارشاد المفيد، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه فإن اليقين لا يدفع بالشك»[2] .حيث يظهر من هاتين الروايتين: عدم جواز رفع اليد عن اليقين السابق بمجرّد زوال الاعتقاد وصيرورة المتيقن مشكوكاً، فمفادهما اعتبار قاعدة اليقين. وقد ذكرنا سابقاً، ان قاعدة اليقين هي بعكس الاستصحاب أي أن زمن المتيقن فيها متحد مع زمن المشكوك مع الاختلاف بين زمن اليقين والشك، كما لو علمنا يوم الخميس بعدالة زيد يوم الأربعاء ثم يوم الجمعة شككنا بعدالته يوم الأربعاء، لاحتمال أن يكون علمنا السابق جهلاً مركباً بحيث سرى الشك إلى نفس ما تعلق به اليقين فتبدل يقينه بالشك، ومن هنا يسمى بالشك السّاري لأنه يسري إلى متعلق اليقين فطبّق قاعدة اليقين على محل البحث، لأنه كان يعتقد الفراغ ثم شك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo