< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

39/02/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: لاضرر ولا ضرار(8)

 

أما إذا كان ناظراً إلى عقد الوضع فتارة يكون موسعاً للموضوع وأخرى مضيقاً له.

أما التوسعة لموضوع «الدليل المحكوم» فالأمثلة على ذلك:

منها: الحديث النبوي الضعيف السند: «الطواف بالبيت صلاة» حيث وسّع موضوع الصلاة بحيث يشمل الطواف فيعطى الطواف أحكام الصلاة إلا ما استثنيَ. ومنها: موثقة عمار قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفقّاع فقال: هو خمرٌ»[1]. حيث وسّع موضوع الخمر بحيث يشمل الفقّاع فيعطى حكمه حينئذٍ.

أما التضييق لموضوع «الدليل المحكوم» فالأمثلة على ذلك:

منها: «الدليل المحكوم»: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا). «الدليل الحاكم»: «ليس بين الرجل وولده وبينه وبين عبده ولا بينه وبين أهله ربا». فهنا الدليل الحاكم ضييق موضوع المحكوم.

ومنها: ما ذكرناه سابقاً في حسنة منصور بن حازم: «لا رضاع بعد فطام» حيث ضييق موضوع الرضاع وأخرج منه الرضاع بعد انفطام الولد. أي لا تنتشر الحرمة بسبب الرضاع إذا كان بعد الفطام.

أما إذا كان ناظراً إلى عقد الحمل: فيكون مضيّقاً للحكم الشرعي الثابت للأفعال بعناوينها الأولية مثل أدلة «لا ضرر» وأدلة «لا حرج». فإنها ليست ناظرة إلى عقد الوضع أصلاً، وإنما ناظرة إلى عقد الحمل -أي الحكم الشرعي- فوجوب الوضوء بالعنوان الأولي مطلق، ولكن إذا صار ضررياً فيرتفع عنه الحكم. فبعد أن كان الحكم يشمل الوضوء الضرري وغيره، أصبح بعد مجيء «لا ضرر» مختصاً بالوضوء الغير ضرري. وهكذا بالنسبة لقاعدة «لا حرج» ونحوها.

القسم الثاني للحكومة: فهو مثل حكومة الأمارات على الأصول العملية الشرعية. أي ما كان رافعاً لموضوع دليل المحكوم وليس ناظراً إليه لا بتوسعة ولا بتضييق.

وعليه فضابط الحكومة بالقسم الأول وهو الذي لو لم يكن الدليل المحكوم مجعولاً لكان دليل الحاكم لغواً لا ينطبق على هذا القسم من الحكومة، إذ لا يوجد لغو من جعل الأمارات إذا لم تكن الأصول العملية الشرعية مجعولة. وهذا بخلاف القسم الأول إذ لا معنى لقولك لا رضاع بعد فطام إذا لم يكن للرضاع حكم. وهكذا لا معنى لقولك لا ربا بين الوالد وولده إذا لم يكن للربا حكم.

ومما ذكرنا يندفع الإشكال على الحكومة هنا. حيث أُشكل على الشيخ الأعظم (رحمه الله) أن ضابط الحكومة لا ينطبق على موردنا، إذ ليس لدليل نفي الضرر شرح وتفسير للأدلة الأولية، والحال أن معنى الحكومة هو أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي شارحاً ومفسراً للدليل الآخر.

ووجه الإندفاع أن أدلة نفي الضرر ناظرة إلى عقد الحمل كما عرفت وينطبق عليه ضابط الحكومة بالقسم الأول وهو الذي لو لم يكن الدليل المحكوم مجعولاً لكان دليل الحاكم لغواً. وعليه فلو لم يكن الحكم مجعولاً للشيء بعنوانه الأولي لكان نفي الضرري عنه لا معنى له.

والخلاصة أن الإنصاف في المقام هو أن لا ضرر حاكم على الأدلة الأولية.

بقي في المقام أنه كيف يقدّم عليه مع أن النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه كما عرفت.

وفيه: أن دليل الحاكم يقدم على الدليل المحكوم بلا ملاحظة النسبة بينهما، وبلا ملاحظة الترجيحات الدلالية والسندية.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الوسائل باب 27 من أبواب الأطعمة والأشربة ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo