< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/12/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مناقشة حديث الرفع

الثاني: ان يكون المراد من الموصول ما يعم الحكم والفعل جميعا وهو الظاهر من الشيخ (ره) حيث صرّح: (بأن تقدير المؤاخذة في الرواية لا يلائم عموم الموصول للموضوع والحكم ...الخ)[1] ، وأما القول بأنه لا جامع بين الشبهات الموضوعية والشبهات الحكمية حتى يمكن إرادة ما يعمهما من الموصول بدعوى ان المرفوع في الشبهات الحكمية بعدما كان عبارة عن نفس متعلق الجهل، أعني الحكم الواقعي المجهول كان اسناد الرفع فيه إلى الموصول من قبيل الإسناد إلى ما هو له بخلاف الشبهات الموضوعية فإن متعلق الجهل فيها أوّلا وبالذات هو الموضوع الخارجي وبالتبع يتعلق بالحكم الشرعي والموضوع الخارجي لما كان بنفسه غير قابل للرفع كان اسناد الرافع إليه من قبيل الإسناد إلى غير ما هو له وحيث أنه لا يمكن الجمع بينهما في استعمال واحد واسناد واحد فيدور الأمر بين أن يراد من الموصول الحكم المشتبه أو الموضوع.

فيرد عليه أن المراد من الموصول فيما لا يعلم هو مطلق الحكم الشرعي المجهول الجامع بين الشبهات الحكمية والموضوعية حيث لا فرق بينهما إلا أن منشأ الشك في الشبهات الحكمية فقد النص أو اجماله وفي الشبهات الموضوعية الأمور الخارجية ولا يوجب ذلك فرقا بينهما في إضافة الرفع واسناده إلى الموصول

وبعبارة أخرى فإن المرفوع في جميع الأشياء التسعة إنما هو الحكم الشرعي وأما إضافة الرفع في غير ما لا يعلمون إلى الأفعال الخارجية فإنما هو لمكان أن الإكراه والإضطرار ونحو ذلك، إنما يعرض الأفعال لا الأحكام وإلا فالمرفوع فيها أيضا هو الحكم الشرعي كما أن المرفوع فيما لا يعلمون هو الحكم الشرعي أيضا ولمكان أن الرفع التشريعي لا بدّ وأن يرد على ما يكون قابلا للوضع والرفع الشرعي فالمرفوع إنما يكون هو الحكم الشرعي سواء في ذلك الشبهات الحكمية والموضوعية.

وبناء على هذا الإحتمال فالحديث الشريف يشمل كلا من الشبهات الحكمية والموضوعية جميعا. إذا عرفت ذلك فقد يقال أن المتعين هو الإحتمال الأوّل أي الشبهات الموضوعية فقط وذلك لعدة أمور:

الأوّل: ان وحدة السياق تقتضي ذلك لأن المراد من الموصول في بقية الفقرات هو الفعل الذي لا يطيقون والفعل الذي يكرهون عليه والفعل الذي يضطرون إليه لما تقدم من أنه لا معنى لتعلق الإكراه والإضطرار وما لا يطيقون بالحكم فيكون المراد من الموصول فيما لا يعلمون أيضا هو الفعل لوحدة السياق.

وفيه ما تقدم من ان المرفوع في جميع الأشياء التسعة، إنما هو الحكم الشرعي إضافة الرفع في غير ما لا يعلمون إلى الأفعال الخارجية، إنما هو لأجل أن الإكراه والإضطرار ونحو ذلك، إنما يعرض الأفعال لا الأحكام وإلا فالمرفوع فيها هو الحكم الشرعي لما تقدم من أن الرفع بالنسبة إلى جميع المذكورات لا يكون إلاّ رفعا تنزيليا تشريعيا لا حقيقيا.

الثاني: أن ورود الحديث مورد الإمتنان يقتضي أن يكون المرفوع ممّا فيه ثقل على المكلف ومن المعلوم أن الثقيل هو الفعل لا الحكم إذ الحكم فعل صادر من المولى فلا يعقل كونه ثقيلا على المكلف، وبعبارة أخرى الثقيل على المكلف هو فعل الواجب أو ترك الحرام لا مجرّد إنشاء الوجوب والحرمة من المولى سبحانه وتعالى. ومن هنا يتعين أن يكون المراد من الموصول في الجميع هو الفعل لا الحكم.

وفيه أن الثقل وان كان في فعل الواجب أو ترك الحرام إلا أنه لما كان منشأ ذلك هو إلزام المكلف بالفعل أو الترك فصح اسناد الرفع إلى الحكم إذ الموجب للثقل والضيق على المكلف هو حكم الشارع كما لا يخفى.

الثالث: انه لا إشكال في شمول الحديث للشبهات الموضوعية إذ لا إشكال في إرادة الفعل من الموصول فيما لا يعلمون، فلو أريد به الحكم أيضا لزم استعماله في معنيين وهو غير جائز.

وفيه ما تقدم من أن المرفوع في جميع الأشياء التسعة إنما هو الحكم الشرعي بالتصوير الذي ذكرناه ولا حاجة للإعادة.

الخلاصة: إلى هنا انه قد تبيّن ان الإحتمال الأوّل وهو كون المراد من الموصول فيما لا يعلمون الشبهة الموضوعية فقط لم يكتب له التوفيق بل المرفوع فيها هو الحكم الشرعي وهو المراد من الموصول وهو الجامع أيضا بين الشبهات الحكمية والموضوعية ومجرد اختلاف منشأ الجهل وانه في الشبهات الحكمية إنما يكون إجمال النص أو فقده أو تعارض النصين وفي الشبهات موضوعية يكون المنشأ إختلاط الأمور الخارجية لا يقتضي الإختلاف فيما اسند إليه الرفع فإن الرفع قد اسند إلى عنوان ما لا يعلم ولمكان ان الرفع التشريعي لا بدّ وأن يرد على ما يكون قابلا للوضع والرفع الشرعي فالمرفوع، حينئذ إنما هو الحكم الشرعي سواء ذلك في الشبهات الحكمية والموضوعية فالإستدلال بالحديث الشريف على البرائة متين جدا ولا غبار عليه والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo