< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:حجّية الظن في الأحكام على نتيجة الإنسداد هي حجّية الظن بالأحكام لا في مقام الإمتثال

 

(قوله انما الثابت بمقدمات دليل الإنسداد في الأحكام هو حجّية الظن فيها. لا حجّيته في تطبيق المآتي به في الخارج معها فنتبع مثلاً في وجوب صلاة الجمعة يومها لا في إتيانها بل لا بدّ من علم أو علمي بإتيانها كما لا يخفى...ألخ)[1] .

اصله ان نتيجة مقدمات الإنسداد هي حجّية الظن في الأحكام لا حجّيته في مقام الإمتثال والفراغ، فإذا ظن مثلاً ان هذا واجب شرعاً كان هذا الظن حجّة في إثبات الوجوب. وأمّا إذا حصل له الظن بإتيان المأمور به مع إحتمال عدم الإتيان أو علم بأنه أتى بالواجب ولكن لم يعلم بمطابقة ما أتى به للمأمور به في الخارج بل حصل له الظن بذلك مع إحتمال عدم الإنطباق فلا يكون هذا الظن حجّة يعتمد عليه في مقام الفراغ. والمرجع حينئذٍ في هذه الحالة إلى القواعد الثابتة مثل قاعدة الفراغ والتجاوز والصحة وغيرها ولا يكفي مجرد الظن، إذ هو لا يغني عن الحق شيئاً.

ومن هنا قال الشيخ الأنصاري: (إذا شككنا في وجوب الجمعة أو الظهر جاز لنا تعيين الواجب الواقعي بالظن فلو ظننّا وجوب الجمعة فلا نعاقب على تقدير وجوب الظهر واقعاً لكن لا يلزم من ذلك حجيّة الظن في مقام العمل على طبق ذلك الظن، فإذا ظننّا بعد مضي مقدار من الوقت بأنا قد أتينا بالجمعة في هذا اليوم، لكن احتمل نسيانها فلا يكفي الظن بالإمتثال من هذه الجهة بمعنى أنه إذا لم نأت بها في الواقع ونسيناها قام الظن بالإتيان مقام العلم به بل يجب بحكم الأصل وجوب الإتيان بها، وكذلك لو ظننا بدخول الوقت وأتينا الجمعة فلا يقتصر على هذا الظن بمعنى عدم العقاب على تقدير مخالفة الظن للواقع بإتيان الجمعة قبل الزوال ...ألخ)[2] .

(قوله نعم ربما يجري نظير مقدمات الإنسداد في الأحكام في بعض الموضوعات الخارجية من انسداد باب العلم به غالباً واهتمام الشارع به بحيث علم بعدم الرضا بمخالفته الواقع بإجراء الأصول فيه...ألخ).

قد عرفت أن نتيجة مقدمات الإنسداد هي حجّية الظن في إثبات الأحكام وأما في مقام الإمتثال والفراغ فليس الظن بحجّة نعم الإطمئنان مع كونه ظنّاً فهو حجّة في الأحكام والموضوعات، ذلك لبناء العقلاء على العمل به والشارع أقرّهم عليه، إذ هو بمنزلة العلم بل يسّمى علماً عادياً، ومن هنا لا يكون مشمولاً للآيات الشريفة الناهية عن إتباع الظن. نعم لا بدّ من الإقتصار فيه على القدر المتيقن فكل مورد لم يحرز إمضاء الشارع فيه فلا يكون الإطمئنان حجّة كما في باب القضاء والشهادات ونحوه.

مهما يكن فقد يقرر في بعض الموضوعات نظير دليل الإنسداد في الأحكام ليثبت بذلك حجّية الظن به كما في موضوع الضرر فإن باب العلم به منسّد غالباً، إذ لا يعلم في الأغلب إلا بعد تحققه ووقوعه وإجراء أصل العدم في كلما إحتمل كونه ضررياً ممّا يوجب المحذور، وهو الوقوع في الضرر كثيراً ونحن نعلم أنه لا يرضى الشارع بذلك لشدّة إهتمامه بالضرر وليس هو من قبيل النجاسة والطهارة ونحوهما ممّا لا اهتمام به والإحتياط بترك كل ما احتمل كونه ضررياً غير واجب شرعاً بل غير ممكن في بعض الموارد، كما لو دار الأمر بين المحذورين إذ على تقدير ثبوت الضرر واقعاً بالوضوء، مثلاً فيحرم وعلى تقدير عدمه يجب حينئذٍ، وعليه فبضميمة قبح ترجيح المرجوح على الراجح يحكم بوجوب الأخذ بالظن لأنه أقرب إلى إدراك مصلحة الواقع فيكون الظن حجّة فيه كما يكون حجّة في الأحكام على تقدير الإنسداد.

والخلاصة أن الضرر الذي هو موضوع شرعاً لأحكام كثيرة مثل جواز التيمم والإفطار والصلاة بالنجس أو من جلوس أو غير ذلك من انحاء صلاة المضطر، فإنه وان لم يمكن إجراء مقدمات الإنسداد فيه إذ لا يلزم من الرجوع إلى الأصول فيه مخالفة لعلم إجمالي فضلاً عن المخالفة الكثيرة لقلّة ابتلاء المكلف بمحتملاته وحصول الطريق الشرعي إلى إثباته أو نفيه إلا أنه يمكن إجراء شبه دليل الإنسداد كما عرفت.

إلا أن هذا كله يتوقف على عدم أخذ الخوف موضوعاً لأدلة التشريع كما ورد في الإفطار وغيره. ففي صحيحة حريز عن أبي عبد الله (ع) قال: (الصائم إذا خاف على عينيه من الرمد أفطر)[3] . وكذا غيرها من الروايات.

بالجملة فلو أخذ نفس الخوف كان بنفسه موضوعاً للحكم الواقعي والظاهري ويحصل بالإحتمال العقلائي فضلاً عن الشك والظن. ومن هنا قال الشيخ الأنصاري: (هذا إذا أنيط الحكم بنفس الضرر وأما إذا أنيط بموضوع الخوف لا حاجة إلى ذلك بل يشمل حينئذٍ الشك أيضاً. ثم قال ويمكن أن يجري مثل ذلك في مثل العدالة والنسب وشبههما من الموضوعات التي تلزم من إجراء الأصول فيها مع عدم العلم الوقوع في مخالفة الواقع كثيراً منهم)[4] . انتهى


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo