< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:على القول بالإنسداد فهل الحجية للظن بالواقع او الحجّية للظن بالطريق

(قوله ولا منشأ لتوهم الإختصاص بالظن بالواقع إلاّ توهم أن قضيته اختصاص المقدمات بالفروع لعدم انسداد باب العلم في الأصول وعدم إلجاء في التنزل إلى الظن فيها. والغفلة عن ان جريانها في الفروع موجب لكفاية الظن بالطريق في مقام يحصل الأمن من عقوبة التكاليف وان كان باب العلم في غالب الأصول مفتوحاً...ألخ)[1] .

ذكر صاحب الكفاية (ره) دليلاً لمن ذهب إلى القول بإختصاص الحجّية بالظن بالواقع وعدم شموله للظن بالطريق. وحاصله مع توضيح منّا هو أن مقدمات الإنسداد انما تجري في المسائل الفرعية والأحكام الشرعية دون المسائل الأصولية. فإن من أهم المقدمات هو انسداد باب العلم والعلمي بالأحكام الشرعية وتتبعها سائر المقدمات من العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعية، وكذا بقية المقدمات وهي في جريانها في المسائل الفرعية فقط.

وعليه فلا بدّ وان تكون النتيجة اعتبار خصوص الظن بالواقع لأن النتيجة تابعة للمقدمات. هذا وقد علل صاحب الكفاية اختصاص المقدمات بالفروع وعدم شمولها للمسألة الأصولية بعدم انسداد باب العلم في الأصول.

وفيه أولاً أن المقدمات وان كانت تجري في خصوص الأحكام الشرعية إلاّ أن نتيجتها أعم من الظن بالواقع والظن بالطريق لأن الغرض من جريان المقدمات في الفروع هو حجّية الظن في مقام تفريغ الذمة وتحصيل الأمن من العقوبة المترتبة على مخالفة التكاليف، ومن المعلوم أنه لا فرق حينئذ بين الظن بالواقع وبين الظن بالطريق لوحدة المناط في الموردين أعني الفروع والأصول وهو تحصيل الأمن من العقوبة.

إن قلت انه على القول بالكشف يستكشف من المقدمات ان الشارع المقدس جعل الظن المطلق حجّة في الأحكام الشرعية، وأمّا حجّيته في المسألة الأصولية وتعيين الطرق المنصوبة فلا تقتضيها المقدمات المذكورة.

قلت: لا موجب لإستكشاف نصب الشارع المقدس خصوص الظن في المسألة الفرعية طريقاً بل العقل يستكشف من المقدمات نصب مطلق الظن طريقاً كان مؤداه مسألة فرعية من كون الشيء واجباً أو حراماً أو مسألة أصولية من كون الشيء طريقاً.

وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية من تعليل اختصاص المقدمات بالفروع من عدم انسداد باب العلم في الأصول. فيرد عليه أنه إذا كان باب العلم فيها مفتوحاً فلا معنى حينئذٍ للإكتفاء بالظن بالواقع بل لا بدّ الإطاعة العلمية حينئذٍ، وقد عرفت أن أهم المقدمات هي انسداد باب العلم والعلمي بالأحكام.

وإذا كان باب العلم بالمسألة الأصولية مفتوحاً فلا يكون حينئذٍ باب العلمي بالأحكام منسداً. وهذا خلاف الفرض والخلاصة إلى هنا ان هذا الدليل لإختصاص الحجّية بالظن بالواقع فقط أي المسألة الفرعية. لم يكتب له التوفيق.

(وقوله كما أن منشأ توهم الإختصاص بالظن بالطريق وجهان أحدهما ما أفاده بعض الفحول وتبعه في الفصول قال فيها انا كما نقطع بأنا مكلفون في زماننا هذا تكليفاً فعلياً بإحكام فرعية كثيرة...ألخ)[2] .

هذا هو الوجه الأول فيما استدل به لحجّية الظن بالطريق دون غيره وهو للمحقق الشيخ أسد الله الشوشتري وتبعه في ذلك تلميذاه صاحب هداية المسترشدين وأخوه صاحب الفصول حيث قال: (إنا مكلفون في زماننا هذا تكليفاً فعلياً بإحكام فرعية كثيرة لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع ولا بطريق معيّن نقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه أو قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذّره. كذلك نقطع بأن الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقاً مخصوصة وكلفنا تكليفاً فعلياً بالرجوع إليها في معرفتها ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد وهو القطع بأنا مكلفون تكليفاً فعلياً بالعمل بمؤدى الطرق المخصوصة وحيث لا سبيل لنا غالباً إلى تعيينها بالقطع ولا طريق نقطع من السمع بقيامه بالخصوص أو قيام طريقه كذلك. ولو بعد تعذّره فلا ريب أن الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل انما هو الرجوع في تعيين تلك الطرق إلى الظن الفعلي الذي لا دليل على عدم حجّيته لأنه أقرب إلى العلم وإصابة الواقع ممّا عداه ... ألخ)[3] .

ولعلّ الذي دعاه إلى إختيار اعتبار خصوص الظن بالطريق هو ما زعمه من أن الوجوه التي استدل بها على حجّية خبر الواحد لو لم تفد القطع بحجّيته بالخصوص فلا أقل من كونها تفيد الظن بها فيكون الخبر الواحد ممّا ظن اعتباره طريقاً ومع تعذّر العلم يكون الشيء طريقاً يشير إلى الظن بكونه طريقاً لأنه أقرب إلى العلم.

ثم أنه يظهر من كلامه أن مراده من الطرق في قوله:(كذلك نقطع بأن الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقاً مخصوصة)[4] ، هي الطرق العقلائية التي قد أمضاها الشارع ولم يردع عنها وليس غرضه من الجعل الشرعي تأسيس الشارع طرقاً مخصوصة مخترعة من قبله،كما يظهر أن مراده من قوله:(مرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد وهو القطع بإنا مكلفون تكليفاً فعلياً بالعمل بمؤدى الطرق المخصوصة).

هو انحلال العلم الإجمالي المتعلق بالأحكام الشرعية إلى العلم التفصيلي بما تضمنته تلك الطرق والشك البدوي فيما عداها إذا كانت مؤديات الطرق بقدر المعلوم بالإجمال من الأحكام – كما هو المفروض- لأن الطرق المنصوبة إلى الأحكام لا بدّ وان تكون وافية بها وليس غرضه تقييد الأحكام الواقعية بمؤديات الطرق فإن ذلك من التصويب الباطل فلا يليق بصاحب الفصول الإلتزام به بل مراده من التكليف بالعمل بمؤدى الطرق هو العمل بالأحكام الواقعية التي تؤدي إليها الطرق بحسب دليل الحجّية وجعلها محرزة لها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo