< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مناقشة المقدمة الرابعة للإنسداد الكبير

(قوله: ومنه قد انقدح ثبوت حكم العقل وعموم النقل بالنسبة إلى الأصول النافية أيضاً وأنه لا يلزم محذور لزوم التناقض من شمول الدليل لها لو لم يكن هناك مانع عقلاً أو شرعاً من إجرائها...ألخ).

وحاصل كلامه مع توضيح منا ان الأصول النافية للتكليف كالبرائة والإستصحاب النافي للتكليف لا مانع من جريانها من ناحية لزوم التناقض بين صدر الدليل وذيله بعد عدم فعليّة الشك في تمام الأطراف دفعة واحدة. ان لم يكن هناك مانع آخر عنه شرعاً أو عقلاً كالعلم الإجمالي بالتكليف، ولا مانع منه كذلك إذا كان مجموع موارد الأصول المثبتة للتكليف بضميمة ما علم حكمه تفصيلاً من الخبر النص المتواتر أو المحفوف بالقرينة القطعية من حيث السند والدلالة بمقدار المعلوم بالإجمال من التكاليف الواقعية بحيث انحل العلم الإجمالي ولم يبق علم بوجود التكليف الواقعي في بقية الوقائع المشتبهة. وعليه فلا مانع من الرجوع إليها لعدم لزوم محذور المخالفة العملية القطعية من جريانها.

هذا إذا كان المانع من جريانها العلم الإجمالي. وأمّا إذا كان المانع من جريان الأصول النافية هو الإجماع على وجوب الإحتياط في الجملة، أو العلم بإهتمام الشارع بالأحكام المستكشف به وجوب الإحتياط شرعاً فهما أيضاً لا يصلحان أن يكونا مانعين من جريان الأصول، لإن القدر المتيقن من منعهما صورة عدم ثبوت مقدار ما من التكليف وان لم يكن مساوياً للمقدار المعلوم بالإجمال. وأمّا إذا ثبت مقدار بحيث لا إجماع على وجوب الإحتياط فيما عداه ولا علم بالإحتياط يستكشف به ذلك فلا يمنعان من جريان الأصول النافية أيضاً.

أقول مقتضى الإنصاف هو عدم جريان الأصول النافية للتكليف لأنه ليس التكاليف الثابتة بما يوجب العلم التفصيلي بضميمة ما ثبت بالأصول المثبتة بمقدار المعلوم بالإجمال حتى ينحل العلم الإجمالي. إذ ما ثبت بالعلم التفصيلي وبالأصول المثبتة أقل من المقدار المعلوم بالإجمال، وعليه فلا يصح الرجوع إلى الأصول النافية لأنه يستلزم المخالفة العملية القطعية.

(قوله كم ظهر أنه لو لم ينحل بذلك كان خصوص موارد الأصول النافية مطلقاً ولو من مظنونات عدم التكليف محلاً للإحتياط فعلاً ويرفع اليد عنه فيها كلا أو بعضاً بمقدار رفع الإختلال أو رفع العسر على ما عرفت لا محتملات التكليف مطلقاً ...ألخ).

يشير بذلك إلى اشكال أورده الشيخ الإنصاري (ره) على المشهور. وحاصله ان مقدمات الإنسداد على تقدير تماميتها لا تقتضي العمل بالظن بالتكليف وترك الإحتياط في المشكوكات والموهومات مطلقاً لإنه إذا كان مقتضى العلم الإجمالي هو الإحتياط التام في جميع الأطراف فبعد إعمال أدلة نفي الحرج يقتصر في رفع اليد عن الإحتياط في البعض بمقدار يرتفع الحرج فإذا كان ترك الإحتياط في بعض الموهومات يوجب ارتفاع الحرج اقتصر في رفع اليد عن الإحتياط في خصوص ذلك المقدار ووجب الإحتياط في الباقي من الموهومات فضلا عن المشكوكات والمظنونات فلا وجه لما التزم به المشهور من ان نتيجة المقدمات وجوب العمل بالظن وترك الإحتياط في المشكوكات والموهومات مطلقاً.

ومن أجل ذلك قال صاحب الكفاية (ره) انه لو لم ينحل العلم الإجمالي فاللازم وجوب الإحتياط في موارد الأصول النافية ولو كانت موهومات التكليف. وبالجملة لا يسقط الإحتياط في محتملات التكليف أعني مشكوكاته كما يقول المشهور.

(قوله وأما الرجوع إلى فتوى العالم فلا يكاد يجوز ضرورة أنه لا يجوز إلا للجاهل لا للفاضل الذي يرى خطأ من يدّعي انفتاح العلم أو العلمي فهل يكون رجوعه إليه بنظره إلاّ من قبيل رجوع الفاضل إلى الجاهل...ألخ).

هذه هي المسألة الثالثة من المقدمة الرابعة. وحاصلها مع توضيح منا هي أنه يشترط في جواز رجوع الجاهل إلى فتوى العالم أن لا يكون الجاهل معتقداً بطلان مدرك علم العَالم ولا يرى علمه جهلاً وإلاّ كان من رجوع العالم إلى الجاهل لا رجوع الجاهل إلى العالم ففي المقام من يرى انسداد باب العلم والعلمي لا يجوز له الرجوع إلى من يرى انفتاح بابهما لإنه يراه مخطئاً وجاهلاً بالمسألة فكيف يرجع إليه.

وبالجملة فالجاهل الذي يرجع إلى العالم هو الجاهل العاجز عن الفحص، وأمّا الذي يبذل وسعه ويعرف مستنداً العالم وخطأه في مستنده فلا يعقل الرجوع إليه. وكما لا يجوز الرجوع إلى فتوى الغير القائل بالإنفتاح لا يجوز أيضاً الرجوع إلى القرعة لأمرين.

الأول: ان ادلتها مختصة بالشبهات الموضوعية فلا تجري في الشبهات الحكمية ففي حسنة أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال:(بعث رسول الله (ص) علياً إلى اليمن. فقال له حين قدم: حدثني بإعجب ما ورد عليك. فقال: يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطأها جميعهم في طهر واحدٍ فولّدت غلاماً فاحتجوا فيه كلّهم يدعيه فاسهمت بينهم فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم. فقال رسول الله (ص): ليس من قومٍ ٍتنازعوا ثم فوّضوا أمرهم إلى الله إلاّ خرج سهم المحقّ). وهذه الحسنة من أقوى أدلة القرعة وموردها الشبهة الموضوعية.

الثاني: انه من المعلوم بالضرورة عدم ابتناء الدين على أساس القرعة هذا تمام الكلام في المقدمة الرابعة وقد أطلنا بها لأهميتها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo