< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/05/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: دليل الإنسداد الكبير
قوله:(الرابع: دليل الإنسداد وهو مؤلّف من مقدمات يستقل العقل مع تحققها بكفاية الإطاعة الظنية حكومة أو كشفاً ...ألخ). اعلم ان مراتب الإمتثال والإطاعة عند العقل أربعة: الأولى الإطاعة التفصيلية سواء كانت بالعلم الوجداني أو بالطرق والأمارات والأصول المحرزة التي تقوم مقام العلم فإن الإطاعة بالظنون الخاصة وبالأصول المحرزة يكون في حكم الإطاعة بالعلم الوجداني نعم بين الإطاعة بالعلم الوجداني والإطاعة بالطرق والظنون الخاصة فرق لا دخل له فيما نحن فيه وهو أنه بعد الإطاعة بالعلم الوجداني لا يبقى موقع للإحتياط لعدم تطرق إحتمال مخالفة الإطاعة للواقع بخلاف الإطاعة بالظنون الخاصة فإنه يبقى موقع للإحتياط لتطرق إحتمال مخالفة الظن للواقع.
المرتبة الثانية من مراتب الإمتثال والإطاعة. الإطاعة الإجمالية كالإحتياط في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي. المرتبة الثالثة الإطاعة والإمتثال الظنّي سواء في ذلك الظن الذي لم يقم دليل على إعتباره أو الظن المطلق عند إنسداد باب العلم بناء على الحكومة. المرتبة الرابعة الإطاعة الإحتمالية كما في الشبهات البدوية أو الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي عند تعذر الإطاعة الإجمالية أو الظنية.
وعليه فالبحث هنا في المرتبة الثالثة اي الإطاعة الظنية وقد تعارف عند الأعلام على تسمية الظن الذي يكون مستند حجّيته دليل الإنسداد بالظن المطلق والظن الذي يكون مدرك حجّيته غير دليل الإنسداد بالظن الخاص.
قوله: وهي خمس أولها أنه يعلم إجمالاً ثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة. ثانيها أنه قد انسدّ علينا باب العلم والعلمي إلى كثير منها. ثالثها أنه لا يجوز لنا إهمالها وعدم التعرّض لإمتثالها أصلاً. رابعها أنه لا يجب علينا الإحتياط في أطراف علمنا بل لا يجوز في الجملة كما لا يجوز الرجوع إلى الأصل في المسألة من استصحاب وتخيير وبرائة واحتياط.
خامسها انه كان ترجيح المرجوح على الراجح قبيحاً فيستقل العقل بلزوم الإطاعة الظنيّة لتلك التكاليف المعلومة ...ألخ هذا والمعروف بين الأعلام أن المقدمات أربعة لا خمسة ومنهم الشيخ الأعظم حيث اسقط المقدمة الأولى حيث قال:(الدليل الرابع هو الدليل المعروف بدليل الإنسداد وهو مركب من مقدمات الأولى انسداد باب العلم والظن الخاص في معظم المسائل الفقهية...ألخ).
ثم أنه قد يقال ان الوجه في إسقاط المقدمة الأولى هو أن العلم الإجمالي بثبوت التكاليف ان كان المراد منه هو العلم بثبوت الشريعة وعدم نسخ احكامها فهذا من البديهيات التي لا ينبغي عدّها من المقدمات فإن العلم بذلك كالعلم باصل وجود الشارع وإن كان المراد من العلم بثبوت التكاليف العلم الإجمالي بثبوتها في الوقائع المشتبهة التي لا يجوز إهمالها فهو أيضاً ليس من مقدمات دليل الإنسداد بل هو راجع إلى المقدمة الثالثة بترتيب صاحب الكفاية.
فإن من جملة الوجوه التي استند إليها لعدم جواز إهمال الوقائع المشتبهة هو العلم الإجمالي ثبوت التكاليف ولكن يرد على هذا الشق الأول(وهو كون المراد منها العلم بثبوت الشريعة وعدم نسخ أحكامها) ان كون ذلك من البديهات لا يوجب الإستغناء عنها بل تبقى مقدمّة يحتاج إليها القول بالإنسداد.
قوله:(أما المقدمة الأولى فهي وان كانت بديهية إلا انه قد عرفت انحلال العلم الإجمالي بما في الأخبار الصادرة عن الإئمة (ع) الطاهرين التي يكون فيما بأيدينا من الروايات في الكتب المعتبرة ومعه لا موجب للإحتياط إلاّ في خصوص ما في الروايات وهو غير مستلزم للعسر فضلاً عمّا يوجب الإختلال ولا إجماع على عدم وجوبه....ألخ).
وحاصله مع توضيح منّا ان المقدمة الأولى وان كانت بديهية إذ كل من يلتفت إلى اصل الشريعة يعلم بثبوت تكاليف فعلية إلزامية على نحو الإجمال إذ لا معنى لشرع بدون شريعة. وهذا العلم الإجمالي منّجز لها فيقتضي وجوب أمتثالها وأما الأضطرار إلى ترك بعض محتملات الوجوب أو ارتكاب بعض محتملات الحرمة فلا يوجب سقوطه عن التنجيز في بقية الأطراف ليصح الرجوع إلى البرائة فيها سواء قلنا بأن الأضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجمالي غير المعين – كما إذا اضطر إلى شرب احد الإنائين المملوئين بالماء – لا يوجب سقوطه عن التنجيز في بقية اطرافه.
أو قلنا بأن الإضطرار إلى احد الأطراف الغير المعين يوجب سقوط العلم الإجمالي عن التنجيز لعدم العلم بفعلية التكليف لسقوطه في مورد الإضطرار قطعاً وثبوته في غيره غير معلوم ومعه لا مانع من الرجوع إلى البرائة.
أمّا بناء على الأول أي عدم السقوط فواضح وأمّا بناء على الثاني فإن الأضطرار إلى غير المعين وان كان يوجب سقوط العلم الإجمالي عن التنجيز إلا أن ذلك فيما إذا لم يكن الرجوع إلى البرائة مستلزماً لتعطيل الدين كما فيما نحن فيه فإن الرجوع إلى البرائة في بقية الأطراف معناه عدم وجود شيء من الواجبات والمحرمات ولازمه ترك الإلتزام بشريعة سيد المرسلين. ومن المعلوم ان الشارع لا يرضى بذلك قطعاً وعليه فلا يصح الرجوع إلى البرائة وان لم نقل بتنجز العلم الإجمالي وذلك للمحذور المتقدم ولكن مع ذلك لا يلزم من هذه المقدّمة وجوب العمل بالظن لإمكان الإمتثال بنحو الإحتياط من دون أن يستلزم محذور إختلال النظام أو العسر والحرج.
وذلك لإنحلال العلم الإجمالي بثبوت التكاليف بالإخبار الصادرة عن الإئمة (ع) الموجودة في ضمن الروايات في الكتاب المعتبرة ومع الإنحلال لا موجب للإحتياط في جميع الوقائع المشتبهة حتى يلزم المحذور المتقدم إذ الموجب للإحتياط التام هو العلم الإجمالي الكبير والمفروض انحلاله بالعلم الصغير لأن المقدار المعلوم من التكاليف في الشريعة لا يزيد عدداً على المقدار الموجود في مضامين الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة.
ومن المعلوم ان الإحتياط فيه لا يستلزم العسر والحرج فضلاً عن إختلال النظام كما أن الرجوع إلى البرائة في غيرها لا يستلزم تعطيل الدين. والخلاصة ان هذه المقدمة الأولى لا توجب لزوم العمل بالظن بل على تقدير تمامية بقية المقدمات يجب الإحتياط في أخبار الكتب المعتبرة وهو ممكن بلا محذور.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo