< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإستدلال على حجية خبر الواحد بالدليل العقلي

قوله: )ثانيها: ما ذكره في الوافية مستدلاً على حجّية الأخبار الموجودة في الكتب المعتمدة للشيعة كالكتب الأربعة مع عمل جمع به من غير ردّ ظاهر. وهو أنّا نقطع ببقاء التكليف إلى يوم القيامة ولا سيّما بالأصول الضرورية كالصلاة والزكاة والصوم والحج والمتاجر والأنكحة ونحوها، مع أن جلّ أجزائها وشرائطها وموانعها إنما يثبت بالخبر غير القطعي بحيث نقطع بخروج حقائق هذه الأمور عن كونها هذه الأمور عند ترك العمل بخبر الواحد. ومن انكر فإنما ينكره باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان...ألخ)[1] .

هذا الوجه عن صاحب الوافية ذكره الشيخ الأنصاري أيضاً. وأورد عليه بإيرادين أمّا الإيراد الأول فقوله: (إن العلم الإجمالي حاصل بوجود الأجزاء والشرائط بين جميع الأخبار لا خصوص الأخبار المشروطة بما ذكره ومجرد وجود العلم الإجمالي في تلك الطائفة الخاصة لا يوجب خروج غيرها عن أطراف العلم الإجمالي كما عرفت في الجواب الأول عن الوجه الأوّل إلى أن قال: فاللازم حينئذ أما الإحتياط والعمل بكل خبر دلّ على جزئية شيء أو شرطيته وأما العمل بكل خبر ظن صدوره ممّا دلّ على الجزئية أو الشرطية )انتهى.

وحاصله أن العلم الإجمالي بموافقة جملة من الأخبار الدالة على الجزئية ونحوها يوجب الإحتياط بالعمل بكل خبر دلّ على ذلك. ومع تعذّره او لزوم الحرج ينتقل إلى الظن بالصدور.

أقول ظاهر عبارة صاحب الوافية هو انسداد باب العلم بجلّ الأجزاء والشرائط والموانع، وأنه لا طريق لنا في الوصول إليها سوى العمل بالخبر الغير القطعي، بحيث لو لم يعمل بخبر الواحد لخرجت تلك الأمور أعني مثل الصلاة والصوم والحج ونحوها عن كونها حقائق بحيث لا يصدق عليها حقيقة انها صلاة أوصوم وهكذا. وعليه فما ذكره غير دعوى العلم الإجمالي بوجود الأجزاء والشرائط والموانع في خصوص الأخبار المشروطة بما ذكره.

ثم أنه لو سلمنا ان عبارة الوافية ظاهرة فيما ذكره الشيخ، لكن إشكاله بإن العلم الإجمالي حاصل بوجود الأجزاء والشرائط بين جميع الأخبار لا خصوص الأخبار المشروطة بما ذكره. يمكن الجواب عنه بما ذكرناه سابقاً. وحاصله ان العلم الإجمالي بوجود الإجزاء والشرائط في مطلق الأخبار ينحل بالعلم الإجمالي بوجودها في الأخبار الواجدة للشرائط المذكورة لأن المقدار المعلوم وجوده من الإجزاء والشرائط في مطلق الأخبار لا يزيد على المقدار المعلوم وجوده في الأخبار الواجدة للشرائط المذكورة.

وعليه فلا يجب الإحتياط إلا في خصوص أطرافها دون أطراف مطلق الاخبار، نعم إذا فرضنا العلم الإجمالي بصدور مقدار من الأجزاء والشرائط أكثر من المقدار المعلوم بالإجمال في خصوص الأخبار الواجدة للشرائط المذكورة فلا ينحل العلم الإجمالي الكبير حينئذ ويجب الإحتياط في جميع الأخبار لا خصوص الأخبار الواجدة للشرائط.

وأما الإيراد الثاني للشيخ فقوله:(إن مقتضى الدليل وجوب العمل بالأخبار الدالة على الشرائط والأجزاء دون الأخبار الدالة على عدمها خصوصاً إذا اقتضى الأصل الشرطية والجزئية) انتهى. لا يخفى قوّة هذا الإشكال.

وحاصله ان هذا الدليل أخص من المدعى إذ مقتضاه هو العمل بالأخبار المثبتة للجزئية أو الشرطية دون الأخبار النافية لهما لأن أطراف العلم الإجمالي هي خصوص هذه الروايات المثبتة لها دون النافية مع العلم أن البحث عن حجّية الخبر لا يختص بالأخبار المثبتة للتكاليف.

(قوله) والأولى أن يورد عليه بأن قضيّته إنما هو الإحتياط بالأخبار المثبتة فيما لم تقم حجّة معتبرة على نفيها من عموم دليل أو إطلاقه لا الحجّية بحيث يخصص أو تقيّد بالمثبت منها أو يعمل بالنافي في قبال حجّة على الثبوت ولو كان أصلاً كما لا يخفى ...ألخ).

هذا إشكال صاحب الكفاية على هذا الدليل العقلي. وحاصله أن هذا الدليل غير تام لا بالنسبة إلى الأخبار المثبتة ولا بالنسبة إلى الأخبار النافية.

أمّا عدم تماميته بالنسبة إلى الأخبار المثبتة فلإن العمل بها من باب الإحتياط – كما هو مقتضى العلم الإجمالي – إنما يصح إذا لم يكن في مقابلها ما ينفي التكليف من عموم أو إطلاق، إذا الإحتياط أصل عملي والدليل مقدم عليه لأن الأمارات حاكمة على الأصول الشرعية وواردة على الأصول العقلية. فمع قيام الحجّة المعتبرة على نفي التكليف لا تجري أصالة الإحتياط في العمل بالخبر المثبت له كما لو قامت البيّنة على طهارة أحد أطراف الشبهة المحصورة.

وبالجملة أنه لو قامت حجّة على نفي التكليف ولو كانت هذه الحجّة بلسان العموم أو الإطلاق لم يكن الخبر المثبت له مخصصاً لعمومها أو مقيّداً لإطرافها حتى يؤخذ به، إذ الأخذ بالخبر المثبت إنما هو من باب الإحتياط والأمارة مقدمة عليه وليس الأخذ بالخبر المثبت للتكليف من باب الحجّية حتى يكون أمارة فيخصص به العموم أو يقيد الأطلاق به.

وأما عدم تماميته بالنسبة إلى الأخبار النافية فلإن جواز العمل بالنافي مشروط أيضاً بما إذا لم يكن في مورده ما يثبت التكليف ولو أصلاً.

والخلاصة في نهاية المطاف ان وجوب العمل بالخبر المثبت من باب الإحتياط مشروط بعدم قيام حجّة على نفي التكليف كما أن جواز العمل بالنافي مشروط بعدم قيام الحجّة على ثبوت التكليف ولوكان أصلاً.

وقد اتضح ممّا ذكرناه أن العمل بالإخبار لو كان من جهة كونها حجّة بالخصوص لصحّ إسناد مؤدها إلى الشارع للعلم بكون مفادها حكماً للشارع تعبدّاً.

بخلاف ما لو كان العمل بها من جهة العلم الإجمالي بصدور أكثرها فإنه لا يصح إسناد مفادها إلى الشارع لعدم العلم بكون مفادها بخصوصها حكماً للشارع لا وجداناً ولا تعبّداً.

كما أنه اتضح أيضاً أن العمل بها لو كان من جهة كونها حجّة بالخصوص لتقدمت على الأصول مطلقاً سواء كانت الأصول أصول عملية أو لفظية – من عموم أو إطلاق ونحوهما- وهذا بخلاف ما لو كان العمل بها من جهة العلم الإجمالي بصدور أكثرها فإن العمل بها حينئذ يكون من باب أصالة الإحتياط فيكون حكمه حكمها والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo