< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: آية الكتمان

قال صاحب الكفاية: (ومنها آية الكتمان: إن الذين يكتمون ما أنزلنا الآية ...ألخ)[1]

أقول من جملة الآيات الشريفة التي استدل بها على حجّية خبر الواحد آية الكتمان، وهي قوله تعالى: ﴿إن الذين يكتمون ما انزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون[2] . هذه الآية الشريفة استدل بها جماعة من الأعلام، ووجه الإستدلال بها ما تقدم في آية النفر في الوجه الثاني لوجوب الحذر من أنه إذا وجب الإنذار لكونه غاية للنفر الواجب وجب التحذر والقبول من المنذر وإلا لغي وجوبه. وهكذا هنا فإن هناك ملازمة بين حرمة الكتمان ووجوب القبول من المظهر وإلا لكانت الحرمة لغواً.

وأشكل على هذا الإستدلال الشيخ الأعظم، حيث قال: (ويرد عليها ما ذكرنا من الإيرادين في آية النفر من سكوتها وعدم التعرض فيها لوجوب القبول وإن لم يحصل العلم عقيب الإظهار أو إختصاص وجوب القبول المستفاد منها بالأمر الذي يحرم كتمانه ويجب إظهاره فإن من أمر غيره بإظهار الحق للناس ليس مقصوده إلا عمل الناس بالحق ولا يريد بمثل هذا الخطاب تأسيس حجّية قول المظهر تعبّداً ووجوب العمل بقوله وإن لم يطابق الحق)[3] انتهى

وردّ على هذا الكلام صاحب الكفاية بأنه لو سلمت الملازمة التي إدعاها المستدل في المقام بين حرمة الكتمان ووجوب القبول فيها بما إذا حصل العلم من قول المظهر فإن الملازمة تنافيهما. أقول لم يذكر (ره) في عدم الإيراد عليها بالإيرادين المتقدمين إلا دعوى ان الملازمة تنافيهما، مع أنهما من باب واحد من حيث الملازمة وعدمها.

والإنصاف في الجواب عن الآية الشريفة، أنها لا ترتبط بما نحن بصدده لإن مورد الآية الشريفة هو كتمان اليهود والنصارى لعلامات النبي (ص) ومن المعلوم ان علامات النبوة لا يكتفى فيها بالظن لإنها من أصول العقائد، ومن هنا ذكر صاحب مجمع البيان في تفسير الاية الشريفة عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأكثر أهل العلم، أن المعنى بالآية الشريفة علماء اليهود والنصارى الذي كتموا أمر محمد (ص) ونبوته وهو يجدونه مكتوباً في التوراة والإنجيل.

ثم أنه لو سلّمنا أنها ليست مختصة بموردها إلا أنه يحتمل جداً أن يكون وجوب الإظهار علّيهم لإجل رجاء وضوح الحق بسبب إخبارهم من جهة حصول العلم لإجل تعدّد المظهرين لأن الجمع في الآية الشريفة للإستغراق بمعنى وجوب الإظهار وحرمة الكتمان على كل واحد من الذين كانوا عالمين بعلامات النبي (ص) وإظهار الجميع يوجب العلم فتكون لله الحجّة البالغة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo