< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:حجّية خبر الواحد

قال الصادق (ع): (إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه)[1] ، ومع قطع النظر عن كل ما تقدم فإنه يمكن الجواب بالإلتزام بالتخصيص. وتوضيحه إن هذه الروايات الناهية عن العمل بخبر الواحد مطلقة من حيث كون الراوي ثقة أم لا.

وأدلة إعتبار خبر الواحد موردها ما إذا كان الراوي ثقة، وعليه فأدلة إعتبار خبر الواحد مخصّصة لتلك الروايات ومن هنا تكون الروايات الدالة على إعتبار العلم بأنه قولهم أو اعتبار موافقة الكتاب أو الشاهد أو الشاهدين من كتاب الله أو من قول رسول الله (ص) أو من أحاديثهم المتقدمة، انما هو في صورة عدم كون الراوي ثقة مأموناً على الدين والدنيا.

ويؤيد هذا الجمع ما في رواية الحسن بن الجهم عن الرضا(ع) قال قلت له: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة فقال ما جائك عنا فقس على كتاب الله عزوجل وأحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منّا وان لم يشبههما فليس منّا قلت يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيهما الحق قال فإذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت) [2] فإن قول الراوي يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة يشهد بأن الكلام أولاً كان مفروضاً في غير أحاديث الثقات ولذا أمر (ع) بمقايسته على كتاب الله وأحاديثهم ثم فرض الراوي بعد هذا مجيء ثقتين بحديثين مختلفين فقال(ع): فموسع عليك بأيهما أخذت يعني أن كلاّ منهما حجّة يسعك الأخذ به من غير ان يعتبر فيه مقايسته على كتاب الله وأحاديثهم المرويّة. ولكن الرواية ضعيفة بالإرسال ومن هنا قلنا يؤيد هذا الجمع ولم نجعلهما دليلاً.

قال صاحب الكفاية : (وأمّا عن الإجماع فبأن المحصّل منه غير حاصل والمنقول منه للإستدلال به غير قابل خصوصاً في المسألة...ألخ)[3] .وحاصله ان الإجماع المحكي عن السيد المرتضى والطبرسي لا يمكن العمل به وقد عرفت سابقاً ان السيد المرتضى جعله في بعض مواضع كلامه بمنزلة القياس في كون ترك العمل به من مذهب الشيعة، وأمّا وجه عدم صحّة الإستدلال به فلإن المحصّل من هذا الإجماع غير حاصل لو لم نقل أن المتحقق خلافه ومن هنا قال الشيخ الأعظم: (وأمّا الجواب عن الإجماع الذي ادعّاه السيد المرتضى والطبرسي قدس سرهما فأنه لم يتحقق لنا هذا الإجماع)[4] . انتهى وأمّا المنقول منه فقد تقدم انه غير حجّة خصوصاً في هذه المسألة وذلك لإن حجّيته على المنع من العمل بالخبر الواحد تتوقف على إثبات حجّية الخبر فكيف يكون نافياً لها لإن حجّيته حينئذٍ يلزم من وجودها عدمها وان شئت فقل إنه يعلم إجمالاً بعدم حجّية هذا الإجماع المنقول أمّا لأن الخبر حجّة فيكون مخالفاً للواقع أو ليس بحجّة وهو من أفراده، ثم أنه معارض بمثله حيث إن الشيخ الطوسي إدعى الإجماع على حجّيته، مضافاً إلى أنه موهون بالشهرة للقدماء على العمل بأخبار الآحاد كما لا يخفى.

قال الشيخ الأعظم: (وتحقق الشهرة على خلافها - أي دعوى الإجماع- بين القدماء والمتأخرين وأمّا نسبة بعض العامّة كالحاجبي والعضدي عدم الحجّية إلى الرافضة فمستنده إلى ما رأوا من السيد من دعوى الإجماع بل ضرورة المذهب على كون خبر الواحد كالقياس عند الشيعة)[5] . انتهى

أقول يمكن توجيه كلام السيد المرتضى بأنه كان بصدد ردّ الأخبار المجعولة عند العامة لإبتلائه في زمانه بالعامّة وأخبارهم المروية من طرقهم ولما لم يكن متمكناً من ردّ أخبارهم إلاّ بإدّعاء الإجماع على عدم حجّية مطلقاً أنكر قدس سره حجّية الأخبار للتخلّص عن محذور عدم العمل بأخبارهم، ومن هنا تعرف السر في إدعاء الشيخ الطوسي الإجماع على حجّيته مع أنه كان في عصره وزمانه والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo