< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/02/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجّية الإجماع المنقول

قال صاحب الكفاية:(الثاني : أنه لا يخفى أن الإجماعات المنقولة إذا تعارض اثنان منها أو أكثر فلا يكون التعارض إلاّ بحسب المسبب وأمّا بحسب السبب فلا تعارض في البين لإحتمال صدق الكل ...ألخ)[1] .

إذا حكى أحد الأعلام الإجماع على شيء، ثم حكى آخر الإجماع على ما ينافي مدلول الإجماع الأول كما إذا نقل الإجماع على وجوب صلاة الجمعة مثلاً في عصر الغيبة ثم نقل آخر الإجماع على حرمتها في زمان الغيبة، فهنا يقع التعارض بين الإجماعين من حيث المسبب وهو قول المعصوم (ع) إذ لا يمكن صدور حكمين متنافيين في واقعةٍ واحدةٍ في زمانٍ واحدٍ من المعصوم (ع) لإن التعارض هو تنافي مدلوليَ الدليلين في مقام الجعل وأمّا حكم المتعارضين فسيأتي إن شاء الله تعالى في بابه.

وأمّا بحسب السبب وهو أقوال الأعلام وفتاواهم فقد ذكر صاحب الكفاية (ره) أنه لا تعارض فيه لإحتمال صدق الكل، ولكن الإنصاف أن حاكي الإجماع ان حكى فتاوى الأعلام كلّهم من المتقدمين والمتأخرين. فهنا يقع التعارض بين السببين إذ لا يمكن أن يكون جميع الأعلام يفتون بشيء ثم ينقل آخر عنهم أنهم يفتون بنقيض ذاك الشيء أو ضده، وكذا يقع التعارض بين السببين إذا نقل أحدهم فتاوى جميع الأعلام في عصرِ ثم ينقل آخر عن هؤلاء الأعلام في نفس العصر ما ينافي النقل الأول، نعم لا يقع التعارض بين النقلين إذا كان حاكي الإجماع ينقل أقوال أو فتاوى جماعة من الأعلام قطع من خلال أقوالهم بقول المعصوم(ع) ثم ينقل آخر أقوال جماعة أخرى ما ينافي الإجماع الأول وقطع من خلالهم بقول المعصوم(ع) وفي هذه الصورة لا تنافي ولا تعارض بين السببين نعم نقل السبب وان لم يتعارض مع نقل السبب الآخر إلاّ ان نقل السبب لا يكون سبباً تاماً للقطع بقول المعصوم(ع) لثبوت الخلاف بين الأعلام وإطلاع المنقول إليه على هذا الخلاف فكيف يحصل له العلم بقول المعصوم (ع) مع وجود هذا الخلاف بين الأعلام إلاّ اذا كان في أحد المتعارضين خصوصية توجب القطع بقوله (ع) كما إذا كان المنقول في أحد الإجماعين فتاوى مثل الشيخ المفيد والسيد المرتضى والكليني والصدوقين والشهيدين والفاضلين والمنقول في الإجماع الآخر فتاوى جماعة من الأعلام هم أقلّ بمراتب من أولئك ولا فرق حينئذٍ بين كون المنقول إليه مطّلعاً بالتفصيل على فتاوى الأعلام المختلفة أو بالإجمال.

خلافاً لصاحب الكفاية حيث استبعد أن يقطع المنقول إليه بقول المعصوم (ع) فيما إذا كان مطلعاً إجمالاً على فتاوى الأعلام المختلفة، إذ لا استبعاد في ذلك، وذلك لتفاوت حال الناقل في الفحص والتتبع في كلمات الأعلام، فقد يكون ناقل الإجماع في أحدهما في أقصى مرتبة التتبع وطول الباع وسعة الإطلاع بخلاف ناقل الإجماع الآخر إذ هو بعكسه فحينئذٍ قد يحصل القطع بقوله (ع) بنقل أحد الإجماعين دون الآخر مع أن المنقول إليه لم يطلّع إلاّ إجمالاً على فتاوى الأعلام المختلفة.

قال صاحب الكفاية :(الثالث : أنه ينقدح ممّا ذكرنا في نقل الإجماع حال نقل التواتر وأنّه من حيث المسبب لا بدّ في اعتباره من كون الإخبار به إخباراً على الإجمال بمقدار يوجب قطع المنقول إليه بما أخبر به لو علم بها...ألخ).

المعروف بين الأصوليين أن حال نقل التواتر بخبر الواحد كحال نقل الإجماع من حيث المسبب أي المخبر به – والمسبب في نقل التواتر هو المخبر به والسبب هو إخبار الجماعة الكثيرة عنه فإذا قال شخص أخبرني خمسون رجل بزواج زيد من هند فإخبار الخمسين هو السبب وزواج زيد من هند هو المسبب – وأنه لا بدّ أن يكون نقل التواتر إخباراً عن إخبارات كثيرة بمقدار لو علم المنقول إليه بذلك المقدار لقطع المخبر به، ومن هنا قال الشيخ الأعظم(ره) : لو أخبرنا بإخبار جماعة يستلزم عادة لتحقق المخبر به بأن يكون حصول العلم المخبر به لازم الحصول لإخبار الجماعة كأن أخبر مثلاً بإخبار ألف عادل أو أزيد بموت زيد وحضور جنازته كان اللازم من قبول خبره الحكم بتحقق الملزوم وهو إخبار الجماعة فيثبت اللازم وهو تحقق موت زيد[2] . انتهى

هذا كله في نقل التواتر بخبر الواحد من حيث المسبب وأمّا من حيث السبب فإذا كان نقله يتضمن نقل مقدار من الإخبار بحيث تكون ملازمة للمسبب بنظر المنقول إليه أيضاً، فهو نقل للسبب التام وإلاّ فلا بدّ من الضميمة ولحوق مقدار آخر من أخبار المخبرين ليكمل به السبب مع مراعاة عدم إحتمال كون ما ظفر به من الأخبار هو عين ما استند إليه الناقل في نقل التواتر هذا كله إذا كان الاثر مترتباً على ما هو المتواتر عند المنقول إليه، وأمّا لو كان الأثر مترتباً على التواتر في الجملة ولو عند الناقل كما لو نذر أن يحفظ الأخبار المتواترة ولو عند غيره فلا يحتاج في ترتيب الأثر المزبور إلى الضميمة بل يكفيه تواتره ولو عند الناقل كما هو الظاهر، والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo