< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/02/17

بسم الله الرحمن الرحیم


الموضوع : حجية الإجماع المنقول
وأمّا الوجه الثالث، وهو ما إذا كان سبب القطع هو الحدس بقوله (ع) من جهة الملازمة العادية بين إتفاق المرؤسين المنقادين على شيء وبين رضا الرئيس بذلك الشيء، ففيه أن ذلك انما يتم إذا كان إتفاق المرؤسين ناشئاً عن تواطئهم على ذلك، وكان المرؤسون يعيشون مع رئيسهم ويعاشرونه ففي ذلك تقتضي العادة موافقة الرئيس لهم وإلاّ لردعهم عمّا اتفقوا عليه. وأمّا إذا لم يكن إتفاقهم ناشئاً عن تواطئهم ولم يكن الرئيس يعيش معهم ويلازمهم فإن العادة في مثل ذلك لا تقتضي موافقته لهم، والخلاصة أن الملازمة العادية غير ثابتة نعم لو ثبتت عند المنقول إليه فيكون حاكي الإجماع الناقل للسبب والمسبب بقوله أجمع المسلمون أو المؤمنون كافة، قوله حجّة وإن لم يكن نقل المسبب عن حسّ لطالمة الملازمة ثابتة عند المنقول إليه لقيام السيرة العقلائية على العمل بهكذا خبر كما تقدم.
أمّا الوجه الرابع، وهو ما كان مستند القطع بقوله (ع) الملازمة العادية أيضاً بين أقوال المجمعين وقوله(ع) لإجل تراكم الظنون، ففيه ان الملازمة غير ثابتة بنحو كلي إذ لا ضابطة لذلك بل يختلف ذلك بإختلاف مراتب الظنون والموارد والأشخاص وعليه فقد يحصل من تراكم الظنون القطع لشخص وقد لا يحصل فكيف يصلح ذلك أن يكون مدركاً لحجّية الإجماع لا سيّما إذا نظرنا إلى أن أقوال المجمعين انما تستند إلى حدسهم واجتهادهم من الأدلّة ومن الظاهر ان الظنون الحاصلة من مثل ذلك لا تستلزم القطع بقوله (ع) عادة فإن نسبة الخطأ في الحدس والإجتهاد إلى الجميع كنسبته إلى الواحد لعدم الفرق في إحتمال عدم المطابقة للواقع بين ان يكون الإستناد إلى الدليل من شخص واحد أو أكثر ومن هنا تتفاوت الظنون من شخص لشخص وهذا بخلاف الخبر المتواتر لإن الخبر في مورده يستند إلى الحس واحتمال المخالفة للواقع انما تنشأ من الإشتباه في الحس لا من الإشتباه في الحسّ لا من احتمال الخطأ في الحدس وفي مثله كلما كثر المخبر ضعف إحتمال عدم المطابقة إلى أن ينعدم بالمرّة وهذا بخلاف ما نحن فيه لإن إحتمال عدم المطابقة ينشأ من إحتمال الخطأ في الحدسّ والإجتهاد وهذا الإحتمال يبقى وان كثر المجتهدون نعم قد يحصل القطع بالمطابقة للواقع لبعض الأشخاص وهذا لا ضابطة له والخلاصة لو ثبتت الملازمة العادية هنا لقلنا بشمول حجّية الخبر لحاكي الإجماع الناقل للسبب والمسبب وان كان نقله للمسبب عن حدس للملازمة العادية بين ما أخبرته وما أحسّه.
وأمّا الوجه الخامس، وهو أن يكون سبب القطع بقوله(ع) الملازمة العادية أيضا بين أقوال المجمعين وقوله (ع) ففيه ان إتفاق العلماء جميعاً انما يستلزم القطع بقوله (ع) عادة إذا انضمّ إليهم أيضاً أقوال أصحاب الأئمة (ع) اللذين ليست أقوالهم مستندة إلى الرأي والإجتهاد بل إلى محض السماع عن الإمام (ع) ولو مع الواسطة وإلاّ فمجّرد إتفاق أهل الرأي والإستنباط ممّا لا يستلزم القطع عادة برأيه (ع) لجواز استناد الجميع إلى اجتهادهم وامكان خطأهم في الإجتهاد جميعاً نعم لو تمّ ما حكي عن النبي (ص) من أنه لا تجتمع أمتّي على ضلالة. وكان المراد بالأمّة خصوص علماء الإمامية لثبت الملازمة العادية بين أقوالهم وقوله (ع) ولكنك عرفت أن المروي نبوي لم يثبت ولم يرد من طرقنا وانما ورد من طرق العامة. وثانياً ان المراد من الأمّة جميع الأمة من الإمامية وغيرهم والعلماء وغيرهم من العوام ولا تكاد تجتمع الأمّة الإسلامية إلاّ على المسائل الضرورية والبديهية ومثلها خارج عن اصطلاح الإجماع.
وأمّا الوجه السادس، وهو أن يكون سبب القطع بقوله (ع) كون إتفاق العلماء كاشفاً عن وجود دليل معتبر عند المجمعين وهذا يوجب القطع بقوله(ع) وقد جعله الميرزا النائيني (ره) أقرب المسالك . وفيه أولاً ان هذا انما يتم إذا لم يكن في مورد الإجماع أصل أو قاعدة أو دليل على وفق ما أجمعوا عليه وإلاّ فمع وجود ذلك يحتمل أن يكون مستند المجمعين أحد هذه الأمور فلا يكشف إتفاقهم عن وجود دليل آخر وراء ذلك، وعليه فيكون الإجماع مدركياً أو محتمل المدركية. وثانياً اتفاقهم وان كان يكشف عن وجود دليل بإعتبار إن الإفتاء بغير علم ودليل غير محتمل في حقهم إلاّ أن هذا الدليل لو وصل إلينا قد لا يكون معتبراً عندنا لا من حيث السند ولا من حيث الدلالة واجتهادهم ليس حجّة على الآخرين فكونه معتبراً عندهم لا يلازم اعتباره عندنا لو وصل إلينا وعليه فلا ملازمة بين أقوال المجمعين وقوله (ع).
وأمّا الوجه السابع، وهو ان يكون سبب القطع بقوله (ع) من جهة الإجتهادات والأنظار بأن يكون وجود أصل أو قاعدة أو رواية في المسالة موجباً لحصول القطع بإتفاق العلماء فيها بحسب اجتهاده فيحصل من ذلك القطع بقوله (ع). والإنصاف ان تحقق مثل هذه الإجماعات المنقولة وان كان غير قابل للإنكار فإن بعض الإجماعات المحكية من هذا الباب، انظر إلى توجيه المحقق اسناد السيد المرتضى والشيخ المفيد جواز إزالة النجاسة بغير الماء من المايعات إلى مذهب الإمامية إلاّ أنه مع ذلك لا يمكن الإعتماد على مثل هكذا إجماعات لعدم شمول أدلة حجّية خبر الواحد لها لأن الحاكي للإجماع انما نقل السبب عن حسّ وأمّا المسبب فقد نقله عن حدس مع عدم الملازمة العقلية ولا العادية عند المنقول إليه بين ما أخبر به المخبر وبين ما أحسّه.
وأمّا الوجه الثامن، وهو أن يكون مستند القطع بقوله (ع) هو تشّرف مدّعي الإجماع بحضوره (ع) وهو ما يسّمى بالإجماع التشّرفي، وفيه مع قطع النظر عن جواز رؤية الفقيه للإمام (ع) في زمان الغيبة الكبرى، إلاّ أن هذا ليس إجماعاً اصطلاحياً بل هو أجنبي عنه لإنه لم يلاحظ فيه أقوال الأعلام وبعبارة أخرى فهو في الواقع ينقل المسبب فقط وانما ينقل السبب معه ظاهراً لبعض الدواعي كما تقدم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo