< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/01/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : حجيّة ظواهره

قال صاحب الكفاية: (إلا أنه لا يمنع عن حجيّة ظواهره لعدم العلم بوقوع خلل فيها بذلك أصلاً. ولو سلّم فلا علم بوقوعه في آيات الأحكام...ألخ )[1] . قد عرفت أولاً أن القول بالتحريف باطل لا أساس له. وثانياً على تقدير القول به فلا يمنع من حجيّة الظواهر لعدم العلم بكون التحريف موجباً للخل بالظواهر لإحتمال عدم ارتباط الساقط بالآيات الباقية نظير إسقاط بعض جمل رواية مشتملة على أحكام عديدة غير مرتبط بعضها بالبعض الآخر. وثالثاً لو سلمنا بوقوع الخلل في الظواهر المانع من حجيّتها إلا أنّه لمّا كان بعض أطراف الشبهة خارجاً عن محل الإبتلاء لإحتمال كون الظواهر التي وردها الخلل ظواهر غير آيات الأحكام ولمّا كانت الظواهر المذكورة خارجة عن محل الإبتلاء لم يكن العلم الإجمالي منجزاً ومانعاً من الرجوع إلى الأصل فيما هو محل الإبتلاء من ظواهر الآيات.

أقول يرد على هذا أن ظواهر غير آيات الأحكام ليست خارجة عن محل الإبتداء، إذ يكفي في كونها محلّ الإبتلاء كونها موضوعاً لجواز الإعتماد عليها في الإخبار عن مضامينها الواقعيّة، وعليه فجواز إسناد مؤداها إلى الشارع المقدس يكون من الأثار الداخلة في محل الإبتلاء ولا ينحصر الأثر بخصوص الحكم الشرعي.

قال صاحب الكفاية : (نعم لو كان الخلل المحتمل فيه أو في غيره بما اتصل به لأخلّ بحجيّته لعدم إنعقاد ظهور حينئذ ...ألخ ) .

حاصله أن الكلام المتقدم كان في الخلل غير المخلّ بالظهور كما في القرائن المنفصلة وأما إذا كان الخلل المحتمل بالتحريف موجباً لإختلال أصل ظهور وعدم إنعقاده كما في القرائن المتصلة فإن احتفاف ظاهر الآيات بها يمنع عن إنعقاد أصل الظهور لها ولا أقل من الشك في إنعقاد الظهور لها ومعه لا تجري أصالة الظهور لكي يكون الكلام حجّة لإن مجراها إنما هو بعد العلم بإنعقاد الظهور لا مع الشك فيه.

وأجاب عن ذلك السيد محسن الحكيم... بأن أصالة الظهور وإن كانت كذلك إلا أن أصالة عدم القرينة لا مانع من جريانها حينئذ بالنسبة إلى ما هو محل الإبتلاء وإذا جرت أوجبت ثبوت الظهور تعبّداً فيكون موضوعاً لإصالة الظهور.

أقول: إن الشك في مفروض الكلام إنما هو الشك في قرينيّة الموجود الذي لا دافع له لا الشك في وجود القرينة حتى يجري أصالة عدم القرينة، وعليه فهذا الجواب في غير محله.

 

والجواب الصحيح عن كل هذه الإشكالات سواء الإشكال الأخير أم إشكال العلم الإجمالي بوقوع التحريف في الظواهر، هو القول بعدم التحريف وكما هو الصحيح وانه لا إشكال في حجيّة ظواهر القرآن الكريم ومن هنا وردت الروايات في وجوب عرض الأخبار المتعارضة بل مطلق الأخبار على كتاب الله وعلى ردّ الشروط المخالفة للكتاب، فلو كانت ظواهره غير حجّة لما كان معنى لوجوب عرض الأخبار المتعارضة عليه ولما كان معنى لردّ الشروط المخالفة للكتاب.

قال صاحب الكفاية : ( ثم ان التحقيق أن الإختلاف في القراءة بما يوجب الإختلاف في الظهور مثل (يطهرن) بالتشديد والتخفيف يوجب الإخلال بجواز التمسك والإستدلال لعدم إحراز ما هو القرآن ولم يثبت تواتر القراءات ولا جواز الإستدلال بها...ألخ)[2] .

أشار بذلك إلى أن اختلاف القراءات إذا كان موجباً لإختلاف الظهور منع عن التمسّك بالكتاب لعدم إحراز ما هو القرآن حتى يستدل بظاهره لإثبات الحكم الشرعي. نعم بناءً على ثبوت تواتر القراءات أو جواز الإستدلال بكل واحدة من القراءات وان لم يثبت تواترها لا مانع من التمسّك بالظاهر حينئذ، وعليه لا بدّ من البحث في أمرين الأول، في ثبوت تواتر القراءات. والثاني في جواز الإستدلال بكل قراءة وان لم يثبت تواترها.

الأمر الأول : فقد ذهب المشهور من علماء السنّة إلى تواتر القراءات السبع عن النبي (ص) ونقل عن السبكي القول بتواتر القراءات العشر. وممّن ذهب إلى تواتر القراءات السبع من علمائنا الأبرار الشهيد الثاني في المقاصد العلّيّة حيث ذكر أن كلاّ من القراءات السبع من عند الله تعالى نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين (ص) تخفيفاً على الأمة وتهويناً على أهل هذه الملّة. وقد حكي ذلك أيضاً عن بعض علماء الإماميّة ولكن المعروف عند المشهور من علماء الإماميّة أنها غير متواترة بل القراءات بين ما هو إجتهاد من القارىء وبين ما هو منقول بخبر الواحد عن النبي(ص) وأخبار هذا القول أيضاً جماعة من المحققين من علماء أهل السنّة وهذا هو الإنصاف بل الحق أيضاً أنه لم يثبت تواترها عن أصحابها فضلاً عن ثبوت تواترها عن النبي(ص) وتحقيقه يحتاج إلى بحث مفصل ليس محله هنا نعم نشير إجمالاً إلى القول بتواتر القراءات السبع بما ورد في حسنة الفضيل بن يسار حيث سأل أبا عبد الله (ع) فقال:(إن الناس يقولون إن القرآن نزل على سبعة أحرف فقال أبو عبد الله (ع)كذبوا - أعداء الله- ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد) [3] ثم أن معنى نزول القرآن على سبعة أحرف وان كان مختلف فيه على وجوه عديدة إلا أن جماعة من الأعلام ذهبوا إلى أن المراد من ذلك القراءات السبعة المشهورة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo