< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

35/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

هذا فيما يتعلق بالنهي عن جزء العبادة، أما النهي عن الشرط، فيقول صاحب الكفاية: "وأما القسم الثالث، فلا يكون حرمة الشرط والنهي عنه موجبا لفساد العبادة، إلا فيما كان عبادة؛ كي تكون حرمته موجبة لفساده المستلزم لفساد المشروط به. وبالجملة لا يكاد يكون النهي عن الشرط موجبا لفساد العبادة المشروطة به، لو لم يكن موجبا لفساده، كما إذا كانت عبادة".
حاصل كلامه أن الشرط إن كان عباديا؛ كما في الطهارات الحدثية الثلاث، فهي شروط لصحة الصلاة، فالنهي عنها يوجب فسادها؛ لأنها عبادة محبوبة للمولى ومقربة منه، فلا تجتمع مع كونها مبغوضة له ومبعدة عنه. وإذا فسد الشرط فسد المشروط؛ إذ المشروط عدم بعدم شرطه، وإذا خلت الصلاة من الطهارة، فلا تنطبق مع المأمور به.
وأما إن كان الشرط توصليا؛ كالاستقبال والتستر، فالنهي عنه لا يوجب فساده، وبالتالي لا تفسد العبادة المشروطة به؛ فمن طهر ثوبه بالماء المغصوب، طهر ثوبه، وبالتالي صحت صلاته بهذا الثوب؛ لأنها واجدة لتمام الأجزاء والشرائط ومطابقة للمأمور به، وإن كان المكلف منهيا عن استعمال الماء المغصوب.
هذا حاصل كلام صاحب الكفاية، وللميرزا كلام في الفوائد، حاصله: إن النهي عن الشرط كالنهي عن الوصف؛ إذ الشرط يرجع إلى الوصف، فإن كان الشرط متحدا وجودا مع المشروط، فيكون النهي عنه كالنهي عن الوصف المقارن؛ كاتحاد الجهر والإخفات مع القراءة؛ إذ ليس للجهل وجود مغاير لوجود القراءة، فلا إشكال حينئذ في أن النهي عنه يوجب فساده، وبالتالي يوجب فساد العبادة.
وإن كان الشرط غير متحد وجودا مع المشروط؛ كالاستقبال والتستر في الصلاة، فإن النهي عنه لا يقتضي فساد العبادة؛ حيث إنه لا موجب له؛ إذ أقصى ما يقتضيه ذلك النهي هو حرمة ذلك الوصف والشرط، ووقوع شيء محرم في أثناء العبادة لا يوجب فسادها إذا لم تقيد العبادة بالخالي عنه، فيكون حال الوصف المنهي عنه في العبادة حال النظر إلى الأجنبية في أثناء العبادة. نعم، إذا كان الشرط المنهي عنه عبادة، فيكون الشرط فاسدا، وبفساده تفسد العبادة المشروطة به أيضا.
هذا حاصل كلام الميرزا في الفوائد، وهو كلام وجيه، إلا أن السيد الخوئي نسب إليه كلاما آخر، ولعله سابق عن كلام في الفوائد، وحاصله: إن المصدر واسم المصدر أمران متغايران، والفرق بينهما هو أن المصدر عبارة عن الفعل، بينما اسمه عبادة عن نتيجة هذا الفعل وأثره؛ أي المصدر مقدمة لاسمه؛ مثلا التوضؤ مصدر لأنه عبارة عن فعل الغسلتين والمسحتين، بينما الوضوء اسم مصدر لأنه عبارة عن نتيجة أفعال التوضؤ. وكذا التستر مصدر لأنه فعل، بينما الستر اسم مصدر لأنه نتيجة فعل التستر.
وعليه، فإن المنهي عنه هو المصدر؛ أي الفعل ومقدمة الشرط، وليس الشرط نفسه، وإذا لم يكن الشرط منهيا عنه، فلا موجب لفساده، وبالتالي لا موجب لفساد العبادة. ويترتب على ذلك أمران:
- أولا: لا يوجد شرط عبادي حتى بالنسبة للطهارات الثلاث؛ لأن العبادة عبارة عن الأفعال التي تنتج الشرط، فهي مقدمة له، وليست هي نفسه.
- ثانيا: لا يوجد شرط منهي عنه؛ لأن النواهي تنصب دائما على الأفعال لا على نتائجها.
هذا حاصل ما نسبه السيد الخوئي إلى أستاذه، وقد أشكل عليه بأن المصدر واسمه متحدان خارجا، وإنما التغاير بينهما من جهة الإضافة؛ فإن لاحظنا الفعل بالإضافة إلى فاعله فهو مصدر، وإن لاحظناه بالإضافة إلى نفسه فهو اسم مصدر؛ تماما كالفرق بين الإيجاد والوجود؛ فالأول لوحظ فيه الوجود بالإضافة إلى الواجد، والثاني لوحظ فيه الوجود بما هو.
وعليه، بما أن المصدر واسمه متحدان خارجا، فإن النهي عن أحدهما نهي عن الآخر، والإضافة لا تنفع في التفكيك بينهما بحيث يمكن تعلق الأمر بأحدهما والنهي بالآخر.
وأما بخصوص ما ترتب على تغاير المصدر واسمه من أنه لا شرط عبادي، وإنما كل الشروط توصلية، فهو في غير محله؛ إذ يكفي الرجوع في الطهارات الثلاث إلى الروايات ليتضح أنها نظرت إلى الأفعال على أنها نفس الشروط، لا أنها مقدمة لها، والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo