< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ الإجزاء \ إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي\
 الإنصاف:
 إن هذا الاستصحاب لا يجري أصلا لعدم توفره على الركن الأول من أركانه، وهو اليقين السابق؛ إذ بعد دخول الوقت أصبح التكليف فعليا يقينا، نعم إن عدم وصوله إلى المكلفين لا يجعله منجزا فقط، وعليه لا يقين بعدم الفعلية بعد دخول الوقت لنستصحبه بعد انكشاف الخلاف.
 وإن قيل: بناء على احتمال سببية الأمارة، وأن الواقع هو مؤداها، فإذا عملنا على طبقها لا يبقى لدينا يقين بفعلية التكليف؛ فنستصحب عدمها،
 قلنا: هذا صحيح بناء عل تعيُّن السببية، أما بناء على احتمال الكاشفية أيضا، فالصحيح أن يقال: إنه لدينا شك بفعلية التكليف الواقعي بعد العمل على طبق الأمارة، إلا أن الإشكال على الاستصحاب يبقى واردا، وهو أنه لا يقين سابق بعدم فعلية التكليف، فهذا ما ينبغي أن يشكل على الاستصحاب، وليس ما تقدم من أنه غير مجد في إثبات كون المأتي به مسقطا لأن ذلك من اللوزام غير الشرعية.
 وبناء على عدم جريان الاستصحاب، لا يقين باشتغال الذمة بالتكليف؛ لاحتمال أن تكون الأمارة سببا وأن ما أتى به المكلف هو الحكم الواقعي، وعليه يكون المورد مجرى لأصالة البراءة، فلا تجب الإعادة.
  هذا بالنسبة إلى انكشاف الخلاف داخل الوقت
 أما إذا انكشف خارجه، فيقول صاحب الكفاية: ( وأما القضاء فلا يجب بناء على أنه فرض جديد، وكان الفوت المعلق عليه وجوب لا يثبت بأصالة عدم الإتيان، إلا على القول بالأصل المثبت، وإلا فهو واجب، كما لا يخفى على المتأمل، فتأمل جيدا )
 حاصله: بناء على تبعية القضاء للأداء، فإذا عمل المكلف على طبق الأمارة الأولى، ثم انكشف الخلاف خارج الوقت، فحكمه حكم الإعادة؛ ذلك أن المكلف مكلف بأمرين: الصلاة مطلقا، والصلاة مع الوقت، فإذا فاتت الصلاة لم يفت أصل الصلاة.
 أما بناء على عدم التبعية، كما هو الصحيح، فلا يجب القضاء؛ لأن موضوعه الفوت، وهو غير محرز؛ لاحتمال أن تكون الأمارة على نحو السببية، فيكون مؤداها هو الواقع، فلا يفوت شيء بالعمل على طبقها.
 ولا يمكن إحراز الفوت باستصحاب عدم الإتيان بالعمل داخل الوقت؛ لأن هذا الاستصحاب لا يثبت الفوت مباشرة، بل يثبت عدم الإتيان وهو أمر عدمي بينما الفوت أمر وجودي، كما أن إثبات الفوت من خلال استصحاب عدم الإتيان يعد من اللوازم العقلية غير المعتبرة. وعليه، لا يجب القضاء، وقد وافق على ذلك أغلب الأعلام.
 نقول:
 أولا: ما تقدم صحيح بناء على أن موضوع القضاء هو الفوت، أما بناء على أنه عدم الإتيان، فيجري الاستصحاب، ويثبت وجوب القضاء. وإن كون موضوع القضاء هو عدم الإتيان محتمل في صحيح زرارة عن أبي جعفر ع :( أنه سئل عن رجل صلى بغير طهور، أو نسي صلوات لم يصلها، أم نام عنها، فقال: يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار ) [1] ؛ فإن نسيان الصلاة والنوم عنها يحتمل فيه عدم الإتيان كما يحتمل فيه الفوت أيضا.
 ثانيا: صحيح أننا نشك في تحقق الفوت، وبالتالي لم نحرز موضوع القضاء، وصحيح أن استصحاب عدم الإتيان لا يثبت الفوت كلازم شرعي، ولكن أين نحن من قاعدة الحيلولة القاضية بعدم القضاء بحال الشك بالإتيان بعد مضي الوقت؟! فإن هذه القاعدة مقدَّمة على الاستصحاب، فحتى لو قلنا أن موضوع القضاء هو عدم الإتيان، فلا يمكن استصحابه لإثبات القضاء لتقدم قاعدة الحيلولة عليه.
 نعم، إنما لا تجري قاعدة الحيلولة فيما لو تعارضت مع قاعدة أخرى؛ كما لو صلينا المغرب، ثم علمنا إجمالا بفوات إما الركعة الثالثة منها، أو فوات صلاة العصر، فهنا لا تجري قاعدة الحيلولة في العصر لأنها معارضة بقاعدة الفراغ في المغرب، فجريانهما مخالف للعلم الإجمالي بفوات أحدهما، فيتعارضان، فيتساقطان، فنجري استصحاب عدم الإتيان بالركعة الثالثة، وبالتالي نثبت وجوب إعادة المغرب.
 أما العصر فلا يمكن إجراء قاعدة الحيلولة فيها بعد لسقوطها بعد تعارضها مع قاعدة الفراغ، واستصحاب عدم الإتيان بها لا يثبت الفوت موضوع القضاء، وعليه تجري البراءة في العصر.
 


[1] () وسائل الشيعة باب 57 من أبواب المواقيت ج4، ص274، ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo