< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ الإجزاء \ إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي\
 توضيح عدم إجزاء الأصول العملية:
 إن الأمر الظاهري لا يغير في الواقع شيئا، كل ما هنالك أن المكلف يكون معذورا بحال عمل على طبقه وانكشف له أنه مخالف للواقع، وإلا فإن الأمر الظاهري لا يحمل حكما غير الحكم الواقعي. وعليه، فلا منافاة بينه وبينه؛ لأن الأحكام الشرعية أمور اعتبارية، فلا تنافي بينها في نفسها، إذ التنافي بين الأمور الحقيقية التكوينية.
 وإنما جاءت المنافاة بين الأحكام الواقعية من خلال المبدأ والمنتهى. أما من حيث المبدأ؛ فلأن الأحكام الواقعية تابعة للمصالح والمفاسد القائمة بمتعلقاتها، وعليه لا يمكن أن يوجب المولى شيئا وجوبا ملزما، وينهى عنه نهيا ملزما أيضا؛ لوقوع التنافي بين الحكمين من حيث المبدأ؛ إذ الوجوب الملزم تابع للمصلحة الملزمة بمتعلقه، والنهي الملزم تابع للمفسدة الملزمة بمتعلقها، فلا يجتمعان.
 وأما من حيث المنتهى؛ لأن وراء الوجوب بعث وتحريك، ومن وراء النهي زجر، وهما لا يجتمعان أيضا.
 هذا بالنسبة للتنافي بين الأحكام الواقعية فيما بينها. أما الأحكام الظاهرية، فلا تنافي بينها وبين الأحكام الواقعية مطلقا؛ أما في نفسها، فلا تنافي لأن كلا من الأحكام الواقعية والظاهرية أمور اعتبارية، ولا تنافي بين الاعتباريات كما تقدم.
 وأما من حيث المبدأ، فلأن المصلحة في الأحكام الواقعية قائمة بمتعلقاتها، بينما المصلحة في الأحكام الظاهرية قائمة في نفس سلوكه، فلا يقع التنافي بينهما.
 وأما من حيث المنتهى، فلأن البعث والتحريك في الأحكام الواقعية لا يجتمعان مع ما ينافيهما في الأحكام الظاهرية، إذ تحقق البعث والتحريك الواقعيين منوط بتناهي الأحكام الواقعية إلينا، ومع فرض ذلك لا مسرح للأحكام الظاهرية ليقع التنافي؛ بعد أن كان موضوعها الشك في الأحكام الواقعية.
 وبناء على ما تقدم، إذا قام الأصل العملي على شيء، كما لو قام على طهارة الماء المشكوك النجاسة، فتوضأنا به وصلينا، ثم جاءت بينة شهدت بنجاسته، فانكشف بطلان وضوئي وصلاتي، فتجب إعادتهما، ولا يجزي العمل طبق الأصل العملي عن المأمور به بالأمر الواقعي؛ إذ الأصل العملي لا يغير في الواقع شيئا، كل ما هناك أن كوني موجدا لشرط الطهارة الأعم، فهذا يجعلني معذورا فحسب، وإلا فلا دليل على أن المأتي به غير المأمور به يجزي عن المأمور به غير المأتي به.
 وعليه، لا فرق من حيث عدم الإجزاء بين الأمارات والأصول العملية.
 التفصيل في الأمارات:
 الإنصاف أنه بناء على القول بالسببية فتجزي الأمارة، وبناء على طريقيتها وكاشفيتها عن الواقع لا تكون مجزية لا في الوقت ولا خارجه، لا في العبادات، ولا في المعاملات؛ لما تقدم من أنها كشف ناقص تممه الشارع تعبدا، فلا يكون مجزيا عن الواقع بحال انكشف عدم انطباق المأمور به على المأتي به واقعا.
 وقد استدلت جماعة على إجزاء الأمارة بناء على الكاشفية بأن الأمارة الأولى حجة إلى حين ورود الأمارة الثانية الأقوى التي ترفع حجية الأولى فحسب، لا أنها تكشف عن عدم حجيتها من قبل.
 وبالتالي، فإن ارتفاع حكم الأمارة الأولى بارتفاع موضوعها، وليس بانكشاف خلافها، وهذا من قبيل ارتفاع حكم التقصير بارتفاع موضوعه، وهو السفر، كما لو وجب التقصير لتحقق السفر، إلا أن المكلف لم يصلِّ حتى دخل بلده، فوجب عليه الإتمام لارتفاع موضوع التقصير، وليس الأمر من قبيل ارتفاع حكم التقصير لانكشاف أن المكلف لم يقطع المسافة بعدُ مثلا.
 ثم إن الأمارة الثانية لم تكشف عن كون عمل المكلف طبق الأمارة الأولى مخالفا للواقع يقينا، بل كما يحتمل مخالفتها للواقع، يحتمل ذلك في حق الأمارة الثانية وإن وجب العمل على طبقها. وعليه، لا بد من الإجزاء.
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo