< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ الإجزاء \ إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي\
 وأما الصورة الرابعة: فيما لو كانت المصلحة القائمة في متعلق الأمر الاضطراري غير وافية بالمصلحة القائمة في متعلق الأمر الواقعي، مع وجوب تدارك هذا التفاوت، فقد ذكر صاحب الكفاية بأن المكلف مخير بين أن يأتي بالفعل بالأمر الاضطراري وإعادته بحال ارتفاع العذر في الوقت أو قضائه بحال ارتفع بعده، وبين أن ينتظر حتى يرتفع العذر ويأتي بالمأمور به بالأمور الواقعي. وعليه، لا يجزي الاقتصار على الأمر الاضطراري، وأما البدار فهو جائز، إلا أنه أن ارتفع العذر في الوقت وجبت الإعادة، وإن ارتفع خارجه وجب القضاء.
 هذا الكلام من صاحب الكفاية في غير محله
 أولا: تخيير بين الأقل والأكثر الاستقلالين؛ إذ الأقل هو الفعل بعد ارتفاع العذر، والأكثر هو الفعلان قبله وبعده، وهذا غير معقول؛ لأن المفروض أن الإتيان بالأقل مسقط للوجوب، فكيف يتصف الأكثر به؟! نعم، إن رجع إلى التخيير بين المتباينين؛ أي التخيير بين الأقل بشرط لا؛ أي بشرط عدم الزيادة، والأكثر؛ فيصح التخيير حينئذ؛ كما بالنسبة إلى التسبيحات الأربع؛ حيث أرجعنا التخيير بين المرة والثلاثة إلى التخيير بين المتباينين؛ فيكون الإتيان بالأقل، أي بالمرة، كافيا لسقوط التكليف، ولكنه مشروط بعدم الزيادة، فإذا أتى المكلف بالزائد؛ أي بالاثنين الباقيين، فكأنه لم يأت بالأقل.
 ثانيا: إما أنه يجب تحصيل مصلحة الوقت بالإضافة إلى مصلحة الصلاة أو لا، فإن كان واجبا، فلا بد من الأمرين بدون التخيير بينهما وبين الانتظار إلى ارتفاع العذر، فيصلي في الوقت لتحصيل مصلحة الوقت، ويصلي بعد ارتفاع العذر لتحصيل مصلحة الصلاة الباقية. وإن لم يكن تحصيل مصلحة الوقت واجبا، فلا معنى لأمره بالصلاة أول الوقت قبل ارتفاع العذر، فإن هذا الأمر لا يحصل مصلحة الصلاة الكاملة، وإنما يأمره بالصلاة بعد ارتفاع العذر ولو خارج الوقت.
 الصورة الأولى: مقام الإثبات
 قال صاحب الكفاية: ( وأما ما وقع عليه، فظاهر إطلاق دليله، مثل قوله تعالى: { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } وقوله ص: ( التراب أحد الطهورين ) ( ويكفيك عشر سنين ) هو الإجزاء، وعدم وجوب الإعادة أو القضاء، ولا بد في إيجاب الإتيان به ثانيا من دلالة دليل بالخصوص. وبالجملة: فالمتبع هو الإطلاق لو كان".
 نقول: إن موضع الكلام في مقام الإثبات هو الفقه؛ إذ لا بد من مراجعة كل أدلة الاضطرار لكي نتمكن من إثبات الإطلاق وعدمه، إلا أنه لما كانت روافد العلوم متلاقية، فنذكر شيئا من هذه الأدلة هنا لنعرف أنه هل موضوع الأمر الاضطراري هو الاضطرار في الجملة؛ أي ولو في جزء من الوقت، أم أن موضوعه الاضطرار حتى نهاية الوقت؟
 استدل صاحب الكفاية بإطلاق قوله تعالى: { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } على أن الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري مجز عن المأمور به بالأمر الواقعي؛ بحيث إذا ارتفع العذر في الوقت لم تجب الإعادة، وإن ارتفع خارجه لا يجب القضاء.
 وتوضيحه: إن الإطلاق في الآية الشريفة قد يصور على نحوين:
 الأول: إن في الآية الشريفة إطلاقا لفظيا أحواليا من باب أن البدل نزل منـزلة المبدل منه في جميع أحواله؛ فكما أن المبدل منه يفي بالمصلحة الواقعية في كل مراتبها، كذلك حال البدل، فهو يفي أيضا بتمام المصلحة الواقعية في أي مرتبة من مراتب البدلية.
 الثاني: إن في الآية الشريفة إطلاقا مقاميا؛ فإن المولى في مقام بيان تمام غرضه بالنسبة إلى الأمر الاضطراري، فذكر التيمم ولم يذكر معها الإعادة أو القضاء بعد ارتفاع العذر، فنستكشف من ذلك عدم وجوبهما، وبالتالي إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن المأمور به بالأمر الواقعي.
 وفيه: إن جل العلماء على أن الآيات الشريفة الواردة في العبادات مهملة، وإن كان الإنصاف أنها في الغالب كذلك ولو من جهة من الجهات؛ إذ لا دليل على إهمالها جميعا، ومن هنا تمسكنا بإطلاق آيات الحج. أما فيما يخص آية التيمم، فهي في مقام بيان أصل بدليته عن الوضوء فحسب، وليست في مقام بيان وجوب الإعادة أو القضاء بعد ارتفاع العذر.
 وعليه، فلا يكون مجازفا من ذهب إلى أن الآية ليست في مقام البيان من هذه الجهة المبحوثة لنتمسك بإطلاقها سواء إطلاقها اللفظي الأحوالي لنثبت وفاء المبدل بالمصلحة الواقعية للمبدل منه، أو إطلاقها المقامي لنثبت أن عدم ذكر الإعادة والوضوء كاشف عن عدم وجوبهما، وبالتالي إجزاء المأمور به الأمر الاضطراري عن المأمور به بالأمر الواقعي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo