< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر الثالث عشر \ المشتق \ المبحث التاسع \ أدلة القول بالأعم
 الدليل الثالث: استدلال الإمام
 قال صاحب الكفاية: ( الثالث: استدلال الإمام ع تأسيا بالنبي ص كما عن غير واحد من الأخبار بقوله: { لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [1] على عدم لياقة من عَبَدَ صنما أو وثنا لمنصب الإمامة والخلافة، تعريضا بمن تصدى لها ممن عبد الصنم مدة مديدة، ومن الواضح توقف ذلك على كون المشتق موضوعا للأعم، وإلا لما صح التعريض؛ لانقضاء تلبسهم بالظلم وعبادتهم للصنم حين التصدي للخلافة، والجواب منع التوقف على ذلك، بل يتم الاستدلال ولو كان موضوعا لخصوص المتلبس )
 هذا هو الدليل الثالث على أن المشتق موضوع للأعم، وهو تعريض أمير المؤمنين ع بمن تصدى للخلافة قبله، بأنهم لما كانوا سابقي عهد بالشرك؛ للاتفاق على كونهم كانوا من عبدة الأوثان قبل إسلامهم، فيكونون بذلك قد تلبسوا بالظلم؛ إذ الشرك ظلم عظيم على حد قول الحق عز وجل: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [2] وعهد الله عز وجل، وهو الإمامة لا ينال الظالمين.
 وإنما يصح هذا التعريض لو صح إطلاق (الظالم) عليهم حقيقة حال تصديهم للخلافة، ولا يتم ذلك إلا على القول بالأعم؛ لفرض أنهم حال التصدي كانوا قد تركوا الشرك.
 هذا هو تمام الدليل الثالث، وقد أجاب صاحب الكفاية أن تمامية الاستدلال بالآية المباركة على عدم استئهالهم الإمامة، وبالتالي صحة تعريض أمير المؤمنين ، لا يتوقفان على القول بالأعم، بل يتمَّان ولو على ما ذهبنا إليه من أن المشتق موضوع لخصوص المتلبس بالمبدأ فعلا.
 وتوضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة نبين فيها أقسام عناوين الموضوعات الشرعية:
 القسم الأول: ويكون فيه العنوان مشيريا؛ أي مشيرا إلى حال الموضوع حال انصباب الحكم عليه، دون أن يكون له دخالة في ملاك الحكم ثبوتا وبقاء؛ كما في خبر المفضل بن عمر؛ حيث ذكر أن أبا عبد الله ع قال للفيض بن المختار في حديث: ( فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس، وأومأ إلى رجل من أصحابه، فسألت أصحابنا عنه، فقالوا: زرارة بن أعين ) [3] هنا عنوان (الجالس) لا موضوعية له، وإنما جاء إشارة إلى حال زرارة حال انصباب أمر الإمام ع وحكمه بأخذ الحديث عنه.
 القسم الثاني: ويكون للعنوان فيه دخالة في ثبوت الحكم دون بقائه؛ كما في الحدود؛ فإن حكم جلد الزاني والزانية يبقى حتى بعد انقضاء التلبس عنهما؛ إذ بمجرد تلبسهما بمبدأ الزنا يثبت الحكم، ويبقى ثابتا حتى بعد انقضائه عنهما.
 القسم الثالث: ويكون للعنوان فيه دخالة في ثبوت الحكم وبقائه؛ كأغلب مواضيع الأحكام الشرعية؛ مثل: (صل خلف العادل)؛ فإن عنوان (العادل) داخل في ملاك الحكم ثبوتا وبقاء؛ فلولا العدالة ما ثبت حكم جواز الصلاة خلفه، ومع انتفاء العدل لا يبقى الحكم بالجواز.
 إذا عرفت ذلك، فنقول:
 أما لو كان العنوان مأخوذا على نحو القسم الأول، فواضح أنه لا يتم الاستدلال حينئذ؛ لأن عنوان (الظالمين) لا يكون له دخالة أصلا في ملاك حكم عدم نيل عهد الله لهم، وإنما هو مجرد عنوان مشيري خارج تخصصا عن محل البحث.
 وأما لو كان العنوان مأخوذا على نحو القسم الثاني؛ أي إذا كان له دخالة في ثبوت الحكم دون بقائه، فلا يتم الاستدلال على القول بالأعم أيضا؛ لفرض أنه لا دخالة للعنوان في بقاء الحكم بعد انقضاء التلبس بالمبدأ، فلو سلمنا بأن المشتق موضوع للأعم، وبالتالي صح إطلاق عنوان (الظالمين) عليهم بعد انقضاء مبدأ الظلم عنهم حال تصديهم للخلافة، فلا يكون لذلك مدخلية في ثبوت حكم عدم نيل عهد الله وعليه لا تكون تمامية التعريض متوقفة على القول بالأعم؛ حيث يكون المراد من الآية المباركة بيان عظمة مقام الإمامة، فإنه لا يليق إلا بمن تنزّه عن كل ظلم، ليكون أسوة حسنة يقتدى بها.
 نعم، قد يقال بتمامية الاستدلال على القول بالأعم بالتعريض المتقدم للإمام ع ، لو كان عنوان (الظالمين) في الآية المباركة مأخوذا على نحو القسم الثالث؛ أي إذا كان له دخالة في ثبوت الحكم وبقائه؛ إذ لو يكن المشتق موضوعا للأعم، لما صح إطلاق لفظ (الظالمين) عليهم حقيقة حين التصدي وانقضاء مبدأ الشرك عنهم، وبالتالي لما صح التعريض بهم بأمر قد انقضى عنهم.
 وجوابه: لا حاجة إلى القول بالأعم لإتمام التعريض المزبور
 أولا: لإمكانية أن يكون إطلاق عنوان (الظالمين) عليهم بعد الانقضاء مجازا، وهذا قد يكون أفضل من الحقيقة.
 ثانيا: قد يكون الاستعمال (الظالمين) في حقهم بعد الانقضاء حقيقة حتى على القول بالأخص، وذلك بلحاظ حال التلبس؛ حيث يجتمع زمنه مع زمن الجري.
 الدليل الرابع: آيات الحد
 يبقى من الأدلة التي وجدوها صالحة على القول بالأعم آيات الحد؛ كقوله عز وجل: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ } [4] وقوله : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } [5] فإن الله أطلق لفظ (الزاني) و(السارق) على من انقضى عنه المبدأ؛ حيث إنهم حال إقامة الحد عليهما ليسا متلبسَين بمبدأ الزنا والسرقة.
 وجوابه: إن عنوانَي (الزاني) و(السارق) لم يستعملا في الآيتين المباركتين فيمن انقضى عنه المبدأ، وإنما استعملا بلحاظ حال التلبس به، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا يمكن أصلا استعمالهما في المنقضي؛ لأن الحكم مأخوذ على نحو القضية الحقيقية التي يكون فيها الموضوع المقدر مأخوذا على نحو المتلبس بالمبدأ.
 والخلاصة إلى هنا أنه لا إشكال في أن المشتق موضوع لخصوص المتلبس بالمبدأ
 
 
 
 
 
 


[1] - سورة البقرة، الآية 124.
[2] - سورة لقمان، الآية 13.
[3] - وسائل الشيعة باب 11 من أبواب صفات القاضي ج27، ص143، ح19.
[4] - سورة النور، الآية 2.
[5] - سورة المائدة، الآية 38

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo