< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/02/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر العاشر \ الصحيح والأعم \ وجوه القول بالصحيح
 الوجه الرابع: الأخبار
 قال صاحب الكفاية: ( ومنها: استعمال الصلاة وغيرها في غير واحد من الأخبار في الفاسدة؛ كقوله (عليه الصلاة والسلام): "بني الإسلام على خمس: الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية، ولم يُنادَ أحدٌ بشيء كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع، وتركوا هذه" [1] ، فلو أن أحدا صام نهاره وقام ليله، ومات بغير ولاية، لم يقبل له صوم ولا صلاة، فإن الأخذ بالأربع، لا يكون بناء على بطلان عبادات تاركي الولاية، إلا إذا كانت أسامي للأعم. وقوله: "دعي الصلاة أيام أقرائك" [2] ؛ ضرورة أنه لو لم يكن المراد منها الفاسدة، لزم عدم صحة النهي عنها، لعدم قدرة الحائض على الصحيحة منها )
 حاصل هذا الوجه: أننا وجدنا ألفاظ العبادات قد استعملت في الأخبار للفاسد؛ كما في حديث "بني الإسلام على خمس"؛ فإن مفاده أن عبادات غير الموالي فاسدة.
 وعليه، فقوله: "فأخذ الناس بالأربع"؛ أي بالصلاة والزكاة والحج والصوم، استعمال لهذه الألفاظ في الفاسد؛ لفرض أن الآخذ بها تارك للولاية، وعبادات تاركها فاسدة. وبالتالي، لو لم تكن هذه الألفاظ موضوعة للأعم، لما صح أن يقال لمن هي فاسدة بحقه أنه أخذ بها.
 وكذا فيما روي عن النبي ص: "دعي الصلاة أيام أقرائك"، فلو كان المراد من الصلاة خصوص الصحيحة، للزم النهي عن غير المقدور، وهو محال؛ إذ ليس بمقدور الحائض الإتيان بالصلاة الصحيحة. وبالتالي لا بد أن يكون المراد من الصلاة خصوص الفاسدة حتى يصح النهي عنها.
 الجواب:
 يجيب صاحب الكفاية عما قيل في الحديث الأول، بأنه
 أولا: لو سلمنا جدلا بأن استعمال ألفاظ هذه العبادات في هذا الحديث للأعم، ولكننا لا نسلم بصلاحية هذا الاستعمال للدلالة على كونها موضوعة للأعم؛ لأن الاستعمال أعم من الحقيقي والمجازي.
 ثانيا: إن صدر الحديث كاشف عن كون هذه الألفاظ موضوعة للصحيح؛ إذ لا يعقل أن يكون الإسلام مبنيا على الفاسد منها.
 
 إن قلت: كيف تكون الأربع التي أخذوا بها صحيحة، والحال أنهم تاركون للولاية؟
 قلنا: هي صحيحة باعتقادهم، وإن كانت فاسدة في الواقع ونفس الأمر.
 والإنصاف: إن هذا الكلام في الرواية خارج عن دائرة للبحث؛ لأننا حينما نتكلم عن الصحة والفساد، فإنما نقصد الصحة الاقتضائية؛ أي تمامية الأجزاء والشرائط الداخلة في المسمى، لا الصحة الفعلية، والولاية ليست داخلة في مفهوم الصلاة ومسماها، وبالتالي لا ربط لها بالصحة الاقتضائية محلِّ البحث، وإنما هي؛ كقصد القربة، شرط في الصحة الفعلية. وعليه، فلا تصلح هذه الرواية دليلا للأعم.
 أما بالنسبة للحديث الثاني: فيجيب عنه صاحب الكفاية ، بأنه إنما يتم هذا الكلام لو كان النهي مولويا ناشئا عن مفسدة ملزمة في المتعلَّق؛ حيث تلزمه الحرمة الذاتية لصلاة الحائض، وهذا بعيد. ولكن الحق أن النهي هنا إرشادي إلى مانعية الحيض عن صحة الصلاة، وهذا يتناسب مع القول بالصحيح؛ لأن الذي يشترط فيه عدم الحيض هو الصلاة الصحيحة.
 ومهما يكن من شيء، فلو سلمنا بأن النهي هنا مولوي، لكنه لا يصلح دليلا على الأعم؛ لما تقدم من أنه استعمال، وهو أعم من الحقيقي والمجازي.
 الوجه الخامس: صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في الأماكن المكروهة
 قال صاحب الكفاية: ( ومنها: أنه لا شبهة في صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تكره فيه، وحصول الحنث بفعلها، ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة، لا يكاد يحصل به الحنث أصلا؛ لفساد الصلاة المأتي بها لحرمتها، كما لا يخفى، بل يلزم المحال، فإن النذر حسب الفرض قد تعلق بالصحيح منها، ولا يكاد يكون معه صحيحة، وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال. قلت: لا يخفى أنه لو صح ذلك، لا يقتضي إلا عدم صحة تعلق النذر بالصحيح، لا عدم وضع اللفظ له شرعا، مع أن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقة، فلا يلزم من فرض وجودها عدمها ).
 مفاد هذا الوجه
 أولا: أنه لو نذر المكلف أو عاهد أو حلف على ترك الصلاة في الأماكن المكروهة؛ كالحمام والطريق وبين المقابر ... لصح نذره وعهده ويمينه، فإذا حنث أثم، ولزمته الكفارة. وعليه، لو كان المراد من الصلاة خصوص الصحيحة، لما أمكنه الحنث، بأن يأتي بها صحيحة؛ لأنه بعد النذر أو العهد أو اليمين تصبح الصلاة منهيا عنها، والنهي عنها موجب لفسادها، فلا سبيل حينئذ إلى الإتيان بها صحيحة في الأماكن المكروهة، وبالتالي لا سبيل إلى الحنث مع أنه ممكن.
 ثانيا: إن عدم إمكان الحنث، وبالتالي عدم التمكن من الإتيان بالصلاة الصحيحة في الأماكن المكروهة بعد النذر أو العهد أو اليمين، لما تقدم، يلزمه فساد هذه الثلاثة؛ لعدم القدرة على متعلقها، ولا يعقل أن تكون صحيحة وفاسدة في آن واحد.
 وبناء عليه، تكون الصلاة موضوعة للأعم.
 
 


[1] - الكافي باب دعائم الإسلام، ج2، ص18، ح3.
[2] - وسائل الشيعة باب7 من أبواب الحيض، ج2، ص287، ح2

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo