< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر العاشر \ الصحيح والأعم \ الأمر الثالث
 الأمر الثالث: القدر الجامع على القول بالصحيح والأعم
 قال صاحب الكفاية: ( ومنها: أنه لابد - على كلا القولين - من قدر جامع في البين، كان هو المسمى بلفظ كذا، ولا إشكال في وجوده بين الأفراد الصحيحة، وإمكان الإشارة إليه بخواصه وآثاره، فإن الاشتراك في الأثر كاشف عن الاشتراك في جامع واحد، يؤثر الكل فيه بذاك الجامع، فيصح تصوير المسمى بلفظ الصلاة مثلا: بالناهية عن الفحشاء، وما هو معراج المؤمن، ونحوهما )
 حاصل كلام صاحب الكفاية أن للصلاة الصحيحة مثلا أفرادا كثيرة؛ كصلاة الحاضر والمسافر، وصلاة القادر والعاجز، وصلاة الفريضة والنافلة ...، وللأعم أفرادا أكثر، فلا بد من عنوان جامع لذلك كله.
 فإن قيل: لا حاجة إلى تصوير الجامع، لأن لفظ (الصلاة) مثلا مشترك لفظي بين كل أفرادها.
 قلنا: إن الاشتراك اللفظي مقطوع البطلان؛ فلا يعقل أن يكون الواضع قد وضع لكل فرد لفظ (الصلاة) على حدة. ومما يدل عليه، أننا لو دخلنا على جماعة، وكان كل واحد منهم يصلي صلاة مختلفة عن الآخر، فنقول: (هؤلاء يصلون)، فلو كان لفظ (الصلاة) مشتركا لفظيا لكل أفراده، لكان استعمالنا هذا استعمالا للفظ في غير ما وضع له.
 وإن قيل: لمَ لا يكون لفظ (الصلاة) من قسم الوضع العام والموضوع له الخاص.
 قلنا:
 أولا: هذا القسم يحتاج إلى جامع أيضا؛ لأننا نتصور فيه معنى كليا مشيرا، ثم نضع لفظا لأفراده، فلا بد من تصوير جامع على كل حال.
 ثانيا: الوضع في هذا القسم تعييني؛ حيث يتصور الواضع معنى كليا، ثم يضع لفظا بإزاء أفراده، وقد عرفت أن الوضع في الصلاة وغيرها من الألفاظ العبادية وضعٌ تعّيني حصل بكثرة استعمال النبي ص وأصحابه، وليس وضعا تعيينيا.
 ثالثا: الوضع العام والموضوع له الخاص اشتراك لفظي في الواقع؛ لأن الواضع حينما يتصور المعنى الكلي، ويضع لفظا لكل الأفراد، والفرض أن الأفراد متباينة، فيكون الوضع منحلا في الواقع لأوضاع متعددة بعدد الأفراد؛ ففي (أكرم العلماء) مثلا، ذهب الفقهاء إلى انحلال الحكم إلى وجوبات متعددة بتعدد الموضوعات.
 وهكذا يبطل الاشتراك اللفظي، ويتعين الاشتراك اللغوي؛ وهو المعنى الجامع المنطبق على الأفراد. فما هو المعنى الجامع الكلي للصلاة الصحيحة المنطبق على جميع أفرادها؟
 ثم إن النائيني وتبعا لأستاذه الأنصاري ذهب إلى عدم الحاجة إلى تصوير جامع؛ لأن الصلاة موضوعة لقسم خاص من الصحيح، وهو الصحيح الأعلائي؛ أي صلاة العالم القادر المختار، أما استعمالها في باقي الأقسام، فهو من باب الادعاء والتنزيل والعناية؛ فاستعمال لفظ (الصلاة) في موارد الجهل أو العجز أو الاضطرار ادعاءٌ وتنزيل؛ لأن حقيقتها في هذه الموارد مغايرة لحقيقة صلاة العالم القادر المختار، ولكننا شبهناها بها ادعاء؛ لاشتراكهما في أغلب الأجزاء.
 ثم أشكل الميرزا على نفسه بأن بعض الأفراد يطلق عليها لفظ (الصلاة) رغم انتفاء إمكانية التشبيه الادعائي فيها؛ كصلاة الغريق القلبية؛ إذ لا تكبير ولا قراءة ولا ركوع ولا سجود فيها. ثم أجاب على ذلك بأن الشارع لما أطلق على صلاة الغريق القلبية لفظ (الصلاة)، فنتبعه على ذلك سواء كانت صلاته صحيحة أم أعم.
 نعم، ينقل السيد الخوئي إضافة للنائيني، وهو أننا لا نحتاج إلى تصوير جامع إلا في صلاة السفر والحضر؛ لأنهما في عرض واحد تشريعا.
 ثم إنه بناء على كلام النائيني من عدم الاحتياج إلى تصوير جامع، لا يصح التمسك بقوله: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" لمن يصلي جالسا؛ لأننا لا نعلم إن كان الشارع نزل صلاة العاجز منزلة القادر، وبالتالي لم نعلم انطباق لفظ (الصلاة) على صلاة العاجز، فنحتاج إلى دليل آخر لإثبات وجوب الفاتحة عليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo