< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

32/11/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ الاستصحاب/ الأحكام الوضعية / تنبيهات
 الكلام ليس من بداية الدرس
 الإنصاف عندنا أن قاعدة الفراغ تجري أثناء العمل، لأن الحديث يقول: " كلما شككت فيه مما قد مضى..." والفرض أنه قد مضى...
 وقاعدة التجاوز تكون حين الشك في الإتيان بالعمل، أما قاعدة الفراغ فتكون عند الشك في صحة العمل المأتي به.
 على كل حال فإن قاعدة الفراغ لا تجري قبل العمل بالاتفاق.
 السيد أبو القاسم يقول: إن الشك الحاصل بعد الصلاة هو نفسه الشك الذي حصل قبل الصلاة. يعني عندما شككت مثلا في الطهارة قبل الصلاة ثم غفلت عن شكي وصليت وشككت مجددا بعد الصلاة فالشك الحاصل بعد الصلاة هو نفسه الشك الحاصل قبل الصلاة طبعا عرفا لا عقلا -كما يقول السيد الخوئي.
 وعليه يكون الشك قد حصل قبل الصلاة لا بعدها وقاعدة الفراغ لا تجري في هذه الحالة وهذا هو حاصل كلام السيد الخوئي رحمه الله.
 لكننا لا نقبل بهذا الكلام، أما بالدقة العقلية فهو نفسه يعترف أن الشك الأول غير الثاني بالدقة العقلية، أما عرفا وهو محل الكلام فنحن نخالفه في ما يقول، ونرى أن العرف يحكم بأنهما ليسا بشك واحد سواء نوعا أو شخصا .
 وعليه فمقتضى الإنصاف أن قاعدة الفراغ تجري حين الشك بعد الصلاة وإن كان مسبوقا بشك قبل الصلاة فذلك لا يمنع من صدق الشك بعد العمل، والعرف يقضي حتى والحال هذا بأنني شككت بعد الصلاة وعليه فحصول الشك قبل الصلاة لا يمنع من جريان قاعدة الفراغ إذا حصل الشك بعد الصلاة. ولم يشترط في قاعدة الفراغ عدم حصول شك قبل العمل وإن كان متحدا نوعا مع الشك اللاحق.
 إذا فقاعدة الفراغ تجري في المقام وهي حاكمة على الاستصحاب الجاري بعد الصلاة، نعم إذا قلنا باشتراط عدم العلم بالغفلة في قاعدة الفراغ أي أنها من الأمارات فهي لا تجري حينئذ. لكنها عندنا أصل محرز وليست من الأمارات ولذلك فهي تجري حتى مع القطع بالغفلة.
 هذا تمام الكلام في هذا التنبيه.
 تنبيه آخر:
 من المعروف في مسألة الاستصحاب أنه لا بد فيه من حصول يقين سابق وشك لاحق.
 فإذا فرضنا أنه لم يكن عندنا يقين وإنما كان عندنا ظن حاصل من خلال الأمارة مثلا، مثلا قامت شهادة عدلين على عدالة زيد فحصل عندي ظن بعدالته ثم شككت في ذلك أو أنه حصل لدي الظن من خلال خبر الواحد و... ثم شككت، فهل يجري الاستصحاب هنا أو لا يجري؟ أو أخبرني ثقة بطهارة الماء الموجود في الإناء....، أو أكثر من ذلك لو ثبت عندنا شيء بالاستصحاب أو بالبراءة أو بأصل الحلية أو ... ثم شككنا في البقاء، فهل يجري الاستصحاب أو لا يجري؟
 وقبل الإجابة على هذا الأمر والوصول إلى النتيجة نأتي إلى الأصول والقواعد لنرى ماذا يترتب عليها.
 أما بالنسبة للأمارة فيما لو قامت الأمارة على أمر ما ثم حصل الشك به -:
  قالوا: إن الأمارة إذا كانت طريقا إلى الواقع أي كاشفة وحاكية عن الواقع فلا يجري الاستصحاب حينئذ بمقتضى القاعدة " لا تنقض اليقين بالشك " وذلك لأن الأمارة في هذه الحالة تؤدي إلى الظن لا إلى اليقين. طبعا يأتي الجواب على هذا المدعى لكننا نريد أن نبين الإشكالات.
 أما إذا قلنا أن الأمارة موضوعية وسببية بمعنى أن قيام الأمارة على شيء يكون محدثا و موجدا لمصلحة في الفعل أي علة أو فقل واسطة في الثبوت، وبناء على ذلك فإذا نظرنا إلى الحكم الواقعي الأولي فهو مشكوك ولا يوجد عندي يقين بالحكم في أول الأمر حتى استصحبه، أما الوجوب الذي دلت عليه الإمارة - بناء على أن الأمارة تحدث مصلحة في الفعل وتكون العلة التامة لذلك - فهو يقيني وبالتالي إذا حصل لدينا شك في بقاء الوجوب نجري حينئذ الاستصحاب ونحكم بالوجوب.( طبعا بناء على هذا المبنى وإلا فنحن قد أبطلناه).
 وأما إذا قلنا أنها سببية لكن لا بالمعنى المتقدم وإنما بمعنى أن قيام الأمارة على شيء علامة على وجود مصلحة وكاشف عن وجود مصلحة في الفعل - لا أنها تحدث المصلحة وتكون علة لها -، إلا أن هذا الوجوب الذي دلت عليه الأمارة مقيد ببقاء الأمارة عليه، وليس وجوبا مطلقا.
 وفي هذه الحالة لا يجري الاستصحاب لأنه حينما حصل الشك في الزمن اللاحق لم يبقى عندي أمارة على الوجوب وإلا لو كانت الأمارة موجودة لما حصل شك أصلا ولما وصلت النوبة إلى البحث في جريان الاستصحاب أو عدمه، وإذا كانت الأمارة منتفية في الزمن اللاحق أي حال الشك حصل اليقين بعدم الوجوب لأن الوجوب كما ذكرنا كان مقيدا بوجود الأمارة عليه.
 وعليه فالاستصحاب لا يجري في المقام لا في الحكم الأولي لعدم العلم به، ولا في الحكم الثانوي لأنه انتفى بانتفاء الأمارة.
 إذا تبين هذا فلنأتي إلى ما ذكره صاحب الكفاية أولا ثم نذكر ما قاله الشيخ النائيني ،
  يقول صاحب الكفاية:إن اليقين الذي جاء في الرواية " لا تنقض اليقين..." لم يأخذ موضوعا للاستصحاب وإنما أخذ طريقا لثبوت متعلقه. إذا ليس المراد باليقين هنا اليقين الفعلي والوجداني، وإنما جعلت الرواية ملازمة بين اليقين وبين عدم نقضه بالشك يعني كلما كان هناك أمر ثابت ويقيني فلا تنقضه بالشك وبعبارة أخرى الرواية لم تقل إذا علمت بشيء لا تنقضه بالشك وإنما لو فرض ثبوت شيء فلا تنقضه بالشك، وصدق الملازمة لا يتوقف على صدق القضية، فحتى لو كانت القضية كاذبة تبقى الملازمة صادقة. كما لو قلت لو كان زيد حمارا فهو ناهق فالملازمة صادقة حتى وإن كانت القضية كاذبة.
 وللكلام تتمة تأتي

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo