< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

41/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة المسافر

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: ولا عبرة بالأعلام والأسوار*المعروف بين الأعلام أنَّه لا عبرة بالأعلام والمنائر والقِباب.وفي الجواهر: «بلا خلاف معتدٍّ به، بل عن مجمع البرهان نسبته إلى الأصحاب، مشعِراً بدعوى الإجماع عليه...». (انتهى كلامه).

أقول: قد عرفت أنَّ الوارد في النصِّ هو التَّواري عن البيوت، وهذه الأمور لا يصدق عليها البيوت حتَّى تكون معتبرةً. ومنه تعرف عدم الاعتبار أيضاً بسور البلد؛ لِما عرفت أنَّ الوارد في النصِّ هو التَّواري عن البيوت، وسورُ البلدِ لا يصدق عليه هذا العنوان. وعليه، فما عن الموجز وكشفه منِ اعتبار خفاء السُّور ضعيف، والله العالم.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: أمّا البلد العظيم فالأقرب اعتبار محلَّته*ذهب كثير من الأعلام إلى أنَّ البلد العظيم ‌ أي المتَّسع ‌ يعتبر فيه أذان محلَّته وبيوته، بل نُسِب ذلك إلى أكثر المتأخِّرين، إن لم يكن جميعهم.

وقال صاحب الحدائق (رحمه الله) بعد أنَّ حكى عن الأعلام الفرق بين البلد الصَّغير والمتوسِّط، وبين البلد المتَّسع، بأنَّه في البلد الصَّغير والمتوسِّط يعتبر في حدِّ التَّرخُّص خفاءُ الأذان والجدران من آخر البلد؛ وأمَّا في البلد الواسع فالمعتبر جدران آخر المحلَّة، وكذا خفاء أذان مسجد المحلة : «ولم نظفر لهم في هذا الفرق، ولا في اعتبار المحلَّة، بدليل يُعتمَد عليه، ولم يصرِّح أحد منهم بالدَّليل على ذلك، وكأنَّه أمر مسلَّم بينهم...». (انتهى كلامه).

أقول: لا بدَّ من ملاحظة الصِّدق العرفي في المقام ‌ بعد عدم وجود دليل بالخصوص ‌. ومن هنا، نقول: إنَّه لا يصدق السَّفر والضَّرب في الأرض مع فرض اتِّصال دور البلد وأزقَّته، على نحو اتِّصال البلد غير المتَّسع؛ ضرورة صِدْق كونه بلداً واحداً، فيشمله إطلاق الأدلَّة أو عمومها.

ثمَّ إنَّه لو صحَّ ما ذكره المشهور للزم منه ‌ لو عزم على الإقامة في البلد المتَّسع ‌ مراعاة المحلَّة، من عدم جواز التجاوز عن محلِّ التَّرخُّص فيها، وأنَّه متى نوى التَّجاوز عن محلِّ التَّرخُّص عن المحلَّة في أصل نيَّة الإقامة بطلت نِيَّتُه.

وبناءً عليه، فلا يجوز له الخروج إلى سائر المحلاَّت الخارجة عن هذا المقدار بالنسبة إلى محلَّته، وهو موجب للحرج عليه، مع أنَّ الأعلام لم يصرِّحوا به في نيَّة الإقامة عشرة أيام في مِصْر من الأمصار.

نعم، لو كانت المحلاَّت والدُّور في البلد غير متَّصلة، بل كان بعضها منفصلاً عن البعض الآخر، وكذا أزقَّته كانت منفصلة عن بعضها، كالقرى المتقاربة، كما يُحكى ذلك عن الكوفة التي كانت في السَّابق بلداً عظيماً وقيل: إنَّ بيوتها في ذلك الزَّمان ممتدَّة إلى أربعة فراسخ من كلِّ جانب.

والظَّاهر أنَّ امتدادها كان كالقرى المتقاربة، وكانت محلاَّتها ودُورها منفصلةً عن بعضها، ففي هذه الحالة لا يصدق عليه أنَّه بلد واحد حتَّى يشمله الإطلاق.

والحاصل: أنَّ المناط في صِدْق الوحدة وعدمه هو اتَّصال المحلاَّت والدُّور والأزقَّة وعدمه، فإن كانت متَّصلةً فإنَّه يصدق عليه أنَّه بلد واحد، ومكان واحد؛ وإنِ اتَّسع وعَظُم وإن كانت منفصلةً فلا يصدق عليه أنَّه بلد واحد، ومكان واحد، فالاعتبار يكون حينئذٍ بالمحلَّة.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والبدوي يعتبر حلَّته*كما تقدَّم، فلا حاجة للإعادة.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والمنزل المرتفع أو المنخفض يقدّر فيه التساوي*ذكرناه أيضاً سابقاً فراجع.

ثمَّ إنَّ هذا كلّه في المسافر من بلده، وأمَّا غيره كمَنْ خرج للصَّيد أو لطلب غريم، وفي أثناء الطَّريق بدا له أن يسافر؛ أو سافر للمعصية، ثمَّ ندم في الأثناء فسافر للطاعة، ونحو ذلك، كمن كان مُكارياً، وفي أثناء الطَّريق عزم على السَّفر لغاية أخرى، كالزِّيارة مثلاً، ففي جميع ذلك لا يعتبر حدَّ التَّرخُّص قطعاً، بل يقصِّر بمجرد قصد المسافة، أي يقصِّر من مكانه، وذلك لإطلاق الأدلَّة من غير معارِض.

وأمَّا محلُّ الإقامة، أو المكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردِّداً، فهل يعتبر حدَّ التَّرخُّص فيهما أم لا؟

أمَّا في محلِّ الإقامة: فذهب جماعة من الأعلام إلى اعتبار حدِّ الترَّخُّص فيه، مثله مثل الوطن، منهم صاحب المدارك وابن إدريس في السَّرائر، وظاهر المصنِّف في الذِّكْرَى، والعلاَّمة في التذكرة (رحمهم الله جميعاً).

قال في مفتاح الكرامة: «وهو الذي يستفاد من كلام الأكثر، من مواضع، بل هو صريح كلامهم في مسألة ناوي الإقامة في بلد، حيث ذكروا أنَّه لا يضرُّه التَّردُّد في نواحيها، ما لم يبلغ محلَّ التَّرخُّص، فقد ذكروا ذلك هناك متسالمين عليه، والأخبار منطبقة الدَّلالة عليه، فلا إشكال فيه». (انتهى كلامه).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo