< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

41/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة المسافر

الأمر الثاني: ولا يخفى عليك أنَّ الحكم بوجوب التَّمام على مَنْ خرج ينتظر الرِّفقة فيما دون المسافة إنَّما هو فيما إذا لم يكن جازماً بمجيء الرِّفقة، أو عازماً على السَّفر على تقدير عدم تيسُّر الرَّفيق أيضاً، وإلاَّ وجب التقصير، كما هو واضح.

وهل يلحق الظَّنّ بمجيئهم بالجزم به؟ وجهان، أقواهما: العدم.خلافاً للمصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى، حيث جعل غلبة الظَّنّ بذلك كالجزم به. وفيه: أنَّه يحتاج إلى دليل، وهو مفقود.

ولو تيسَّر له الرِّفقة، فعزم على السَّفر، اعتُبِر في جواز الترخُّص له بلوغ ما بقي ‌ مِنَ الذي أراد قطعه مع الرَّفيق ‌ مسافةً؛ لِعدم اعتبار ما قطعه أوَّلاً حال خلوِّه عن الجزم بقصد المسافة، فلا يُضمُّ حينئذٍ إليه، بل قد يظهر من كلمات الأعلام التَّسالم عليه، حيث جعلوه كطالب الآبق والهائم على وجهه الذي يجب عليه التمام، وإن قطع مسافات.

الأمر الثالث: إذا قصد مسافةً، ثمَّ تردَّد في أثنائها، ثمَّ عاد إلى الجزم، فهل يعتبر كون الباقي بنفسه مسافةً، أم يكفي بلوغها بضمِّه إلى السَّابق؟

وجهان، مِنْ ذهاب حكم ما قطعه بالتَّردُّد، فإنَّه يجب عليه التَّمام؛ ومِنْ أنَّ هذا لا يقتضي سقوطُ ما قطعه عن الاعتبار، بل ذهابُ حكمه بعروض التَّردُّد، فإذا عاد إلى الجزم زال أثر تردُّده، وهذا هو الأقوى ‌ كما ذهب إليه الأكثر ‌ إذ لا دليل على اعتبار استمرار القصد، بحيث لا يتخلَّل في أثنائه تردُّد.

ولو قطع حال التردُّد شيئاً من الطَّريق، ثمَّ رجع إلى الجزم، احتمل اعتبار بلوغ ما بقي مسافةً في ترخُّصه؛ لِذهاب حكم ما قطعه أوَّلاً بالتَّردُّد.

ولكن الأقوى: الاكتفاء ببلوغ ما قطعه حال الجزم، وما بقي، مسافة، وإسقاط ما تخلَّل بينهما ممَّا قطعه حال التَّردُّد، أو العزم على الرُّجوع.

وأمَّا احتمال الاكتفاء ببلوغ المجموع مسافةً حتَّى ما قطعه حال التردُّد؛ لِرجوع القصد الأوَّل الذي كان سبباً في القصر، فضعيف جدّاً، والله العالم.

الأمر الرَّابع: قد ذكرنا أنَّه لو تمادى به السَّير إلى أنْ قطع ثمانية فراسخ يقصِّر في الرُّجوع إلى منزله بلا خلاف؛ لِحصول القصد إلى المسافة بنيَّة الرُّجوع.

ولو بدا له بعد أن قطع الثمانية بلا قصد أن يذهب إلى ما دون المسافة، ثمَّ الرُّجوع، فهل يضمُّ ما قصد من الذَّهاب أيضاً إلى الإياب؟

وجهان، بل قولان، نُسِب إلى المشهور عدم الضَّمِّ، إلاَّ أن يكون ما قصده من الذَّهاب أربعة فراسخ وأراد الرُّجوع ليومه، بناءً على اشتراطه في المسافة الملفَّقة، كما هو المشهور.

وحُكِي عن الوافي القول: بالضمِّ مطلقاً، وإن كان فرسخاً أو فرسخين.

والإنصاف: هو ما ذهب إليه المشهور.

نعم، لا يشترط الرُّجوع ليومه، وسيأتي توضيح ذلك كلِّه ‌ إن شاء الله تعالى ‌ عند الكلام عن الشَّرط الثاني، وهو قطع المسافة.

الأمر الخامس: لا يعتبر اتِّصال السَّير مع قصد المسافة، فيُقصِّر وإن كان من قصده أن يقطع الثَّمانية في عدَّة أيام، وإن كان ذلك اختياراً، لا لضرورة من عدوٍّ أو بَرْد أو انتظارِ رفيقٍ، ونحو ذلك؛ إذ لا دليل على اشتراط اتِّصال السَّير، كما هو واضح.

*قال الشهيد الأول (رحمه الله) في الدروس: والمكره على السفر إن ظن الوصول ولا مندوحة يقصر، وقَصْدُ المتبوع كافٍ عن قصد التَّابع كالزَّوجة والعبد*المعروف بين الأعلام أنَّه لا فرق في اعتبار قصد المسافة بين التَّابع وغيره، سواء أكانت التبعيَّة واجبةً، كما في الزَّوجة والعبد، أم غير واجبة، اختياريَّةٍ كانت كالخادم، أم اضطرارية كالأسير والمكره، ونحوهما مما أُخِذ ظُلْماً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo