< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

41/01/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الخلل(48)

 

وفي أثنائه يتمُّه إنْ طابق، وإنْ خالف فإشكال(1) وفي الاحتياطين يراعي المطابقة للمقدَّم منهما(2)_______________

(1) إذا تذكَّر النقصان في أثناء صلاة الاحتياط، فإنْ كان ما بيده من صلاة الاحتياط موافِقاً لِما نقَّص من الصَّلاة في الكمِّ والكَيْف، كما في الشَّكّ بين الثلاث والأربع، فبنى على الأربعة، ثمَّ اشتغل بركعة الاحتياط قائماً، وتذكَّر في أثنائه كون صلاته ثلاثاً، فالمعروف بين الأعلام أنَّه يتمُّ الاحتياط وتصحُّ صلاته، ولا مانع من ذلك إلَّا زيادة تكبيرة الافتتاح.

ولكنَّك عرفت أنَّها لا تضرُّ بصحَّة الصَّلاة بعد صدورها بإذن الشَّارع المقدَّس، بل قد عرفت أنَّها ليست زيادةً حقيقيَّةً.

وأمَّا إن كان ما بيده من صلاة الاحتياط مخالِفاً في الكَيْف لما نقص من الصَّلاة -كما لو أتى بركعتين من جلوس في الشَّكّ بين الثلاث والأربع مثلاً، ثمَّ ذكر في الأثناء نقص الركعة- فقد يقال: إنَّه إن كان بعد الفراغ عمَّا يختلف فيه القاعد والقائم فيتمّه، وكذا إنْ كان قبله؛ لأنَّه دخل فيه بأمر الشَّارع، وقد جعله الشَّارع مقام ركعةٍ على تقدير نقصها، فحصول العلم في أثناء الاحتياط لا يوثِّر في الصّحَّة.

وقد يقال أيضاً: بوجوب إتمام صلاة الاحتياط التي بدأ بها جالساً، قائماً مع الإمكان، فلو كان في الرَّكعة الأُولى قام وأتمَّها ركعةً من قيام، وإنْ كان في الثانية قام ومضى فيها رعايةً لشرطيَّة القيام مع الإمكان.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ الإتمام بعد الفراغ عمَّا يختلف فيه القاعد والقائم، وكذا قبل الفراغ تحتاج إلى دليل، وهو مفقود؛ وأدلَّة صلاة الرَّكعتين من جلوس لا تشمل هذه الصُّورة.

كما أنَّ قيام ركعةٍ ملفَّقة من الجلوس والقيام، أو ركعتين كذلك، مقام ركعة يحتاج إلى دليل، وهو مفقود.

وعليه، فيُلغِي ما بيده من الاحتياط، ويرجع إلى حكم من تذكَّر النَّقص، ولا يضرُّ تخلُّل المقدار المأتي به من صلاة الاحتياط؛ لِما عرفت سابقاً.

وأمَّا إن كان ما بيده من صلاة الاحتياط مخالفاً في الكمِّ لما نقص من الصَّلاة، فإنْ كان الذي تذكَّره أكثر، بأنْ كان ركعتين مثلاً، والاحتياط ركعة أتمَّه ركعتين.

وإنْ كان الذي تذكَّره أنقص، كما في عكسه، سلَّم على الرَّكعة مع الإمكان، بأنْ لم يدخل في ركوع الثانية، وإن كان بعد الدُّخول ألغى الاحتياط، ورجع إلى حكم مَنْ تذكَّر النقص.

ولا يضرُّ تخلُّل المقدار المأتي به من صلاة الاحتياط، كما عرفت سابقاً، والأحوط استحباباً في جميع الصُّور المذكورة إعادة الصَّلاة أيضاً، والله العالم.

 

(2) إذا تذكر النقصان بين الاحتياطين، فإنْ كان المنقوص موافقاً للاحتياط الذي فرغ منه، كما لو صلَّى ركعتين من قيام في صورة الشَّكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، ثمَّ ذكر نقص ركعتين، فلا إشكال في صحَّة صلاته.

واحتمال كون مجموع الاحتياطين تداركاً للنقص المحتمل المردد بين الركعة والركعتين، مما لا ينبغي الالتفات إليه.

وأمَّا إذا كان المنقوص مخالفاً للاحتياط الذي فرغ منه، كما لو صلَّى ركعتين من قيام في صورة الشَّكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، ثمَّ ذكر أنَّ النَّاقص ركعة واحدة، فقد حكم المصنِّف (رحمه الله) بالبطلان على ما يظهر من عبارته، حيث قال: ©وفي الاحتياطين يراعي المطابقة للمقدَّم منهما®.

ولعلَّ الوجه فيما ذكره: هو أنَّ وقوع الجَبْر بالثاني يلزم منه حصول الفصل بينهما بأركان من تكبيرة الافتتاح والرُّكوع والسُّجود.

وفيه أوَّلاً: أنَّ إطلاق الأدلَّة يدفعه.

مضافاً إلى أنَّه إنَّما شُرِّع كذلك لأجل ذلك، فكيف يكون منشأً للإشكال؟!

وثانياً: إنَّ صِدْق الزِّيادة على الصَّلاة المأتي بها بعنوان الاحتياط غير متحقِّق، كما عرفت سابقاً.

وعليه، فلا إشكال حينئذٍ في الجَبْر بالاحتياط الثاني وإن لزم منه الفصل المزبور، والله العالم بحقائق أحكامه.

 

-------------------السَّابع: الأقرب المنع من الاقتداء فيه، وبه، إلَّا في الشَّكّ المشترك بين الإمام والمأموم(1)_______________

(1) الأفضل أن تبحث هذه المسألة في مبحث صلاة الجماعة الآتي -إن شاء الله تعالى- لأنَّه محلّها هناك.

ومن هنا، لم يتعرَّض لها في هذا المبحث إلَّا مَنْ شذَّ.

ولكن نقول بشكل مختصر: إنَّ المعروف بين الأعلام أنَّ مَنْ عليه صلاة الاحتياط لا يجوز له أن يقتدي فيها بشخص آخر، سواء كان ذلك الشَّخص يصلِّي الفريضة الأصليَّة التي عليه، وأنَّه يصلِّي صلاة الاحتياط.

وقدِ استثنى المشهور من هذه المسألة صورةً واحدةً، وهي ما لو اتَّحد سبب الشَّكّ بين الإمام والمأموم، كما لو شكّ كلٌّ من الإمام والمأموم بين الثلاث والأربع، فقد ذهب المشهور إلى جواز ائتمام المأموم بالإمام في هذه الصَّلاة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- ما هو الصَّحيح في المقام.

ثمَّ إنَّ معنى قول المصنِّف (رحمه الله) لا يقتدي فيه: أي أنَّ المكلَّف بصلاة الاحتياط لا يصلِّيها مأموماً.

ومعنى لا يقتدى به: أي أنَّ المكلف إذا كان يصلِّي صلاة الاحتياط لا يقتدى به، بحيث يكون إماماً، سواء كان المأموم يصلِّي صلاة الاحتياط أو صلاته الأصلية، فلا يأتمّ به.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo