< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

41/01/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الخلل(47)

 

السَّادس: لو تذكَّر بعده لم يلتفت، زاد أو نقص، طابق أو خالف(1)

_______________

(1) إذا تذكَّر المصلِّي بعد فِعْل الاحتياط نقصانَ الصَّلاة، فالمشهور بين الأعلام عدم الالتفات مطلقاً، أي بلا فرق بين المطابقة للمجبورة، بأن تكون ناقصةً ركعةً من قيام مثلاً، وقد جاء بها كذلك؛ وبين عدم المطابقة، كما لو جاء بركعتين من جلوس بدلها.

وقدِ استُدل للصّحَة وعدم الالتفات: بأنَّ ذلك مقتضى قاعدة الإجزاء؛ كما أنَّه مقتضى إطلاق الرِّوايات الدَّالَّة على أنَّه متى أتى بالاحتياط، فإن كانت صلاته تامَّة كان احتياطه نافلة، وإن كانت ناقصة كانت صلاته متمّمة.

أقول: لا إشكال في الصّحَّة وعدم الالتفات إذا كان المأتي به مطابقاً للمنقوص، كمّاً وكيفاً، كما إذا شكَّ بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع، وأتى بركعة الاحتياط، ثمَّ تذكَّر كونها ثلاثاً.

وكذا لا إشكال في الصّحَّة إذا كان المأتي به مطابقاً للمنقوص كمّاً فقط، وإن كان مخالفاً له في الكيفيَّة، كما في الفرض المذكور ولكنَّه بصلاة الاحتياط بركعتين من جلوس.

فإنَّ صلاة الاحتياط مخالفة في الكيفيَّة للمنقوص، إذ المنقوص هو الرَّكعة من قيام، وليس مخالفاً له في الكمِّ؛ لأنَّ الشَّارع المقدَّس أقام الرَّكعتين من جلوس مقام ركعة من قيام.

فما يظهر من بعض الأعلام من جَعْل هذه الصُّورة من المخالفة في الكمِّ أيضاً، ففي غير محلِّه.

ومهما يكن، فما عن الموجز من القول بالبطلان في صورة المخالفة في الكيفيَّة دون الكمِّ، في غير محلِّه أصلاً، لمخالفته للرِّوايات الواردة في المقام.

وأمَّا إذا كان المأتي به مخالفاً للمنقوص كمّاً وكيفاً أو كمّاً فقط:

فتارةً: يكون المنقوص أزيد من الاحتياط، كما لو شكَّ بين الثلاث والأربع، وبنى على الأربع، ثمَّ أتى بركعة الاحتياط، فتبين له أنَّ صلاته كانت ركعتين، فقد ذكر بعض الأعلام أنَّ صلاته صحيحةً إذا أضاف ركعةً أخرى إليها، بأنْ يقوم بعد صلاة الاحتياط، فيصلِي ركعةً أخرى، ويكون السَّلام في صلاة الاحتياط غير مانع من إضافة ركعة أخرى؛ لأنَّه من قبيل السَّلام نسياناً، فهو ليس مُفْرِغاً من الصَّلاة.

ولكن الإشكال الذي يرد في المقام: هو أنَّ الرِّوايات في تدارك المنقوص لا تشمل هذه الصُّورة، بل هي مختَّصة بغير المقام، ولا يوجد عندنا إطلاق أو عموم يشملها.

نعم، يبقى الكلام في أنَّه هل يجب عليه الإعادة، أو يرجع في المسألة إلى حكم مَنْ تذكَّر نَقْصَ ركعتين، ولم يأتِ بالمنافي، فيأتي حينئذٍ بركعتين متَّصلتين، وتكون صلاته صحيحة؟ هذا الأخير هو مقتضى الإنصاف.

وأمَّا القول: بأنَّ صلاة الاحتياط التي أتى بها تكون مانعةً؛ لأنَّها فصَلت بين الصَّلاة الأصلية، وبين الرَّكعتين اللَّتين أتى بهما متَّصلتين، ففي غير محلِّه؛ لأنَّ صلاة الاحتياط، وإن كانت مشتملةً على تكبيرة الافتتاح وعلى الرُّكوع والسُّجود، وهما أركان، إلَّا أنَّ هذا لا يضرُّ؛ لما عرفت منِ اغتفار الشَّارع المقدَّس لهذه الزِّيادات.

بل عرفت سابقاً أنَّ تحقُّق عنوان الزِّيادة لا ينطبق عليها؛ لأنَّه لم يأتِ بها بعنوانِ أجزاءٍ للصَّلاة السَّابقة، وإنَّما أتى بها بقصد الأعمِّ من كونها جزءاً للصَّلاة أو نافلة، ولا ينطبق عليها عنوان الزِّيادة؛ هذا كلُّه إذا كان المنقوص أزيد من صلاة الاحتياط.

وتارةً أخرى: يكون أنقص، كما لو شكَّ بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع، واحتاط بركعتين من قيام، ثمَّ تذكر أنَّ صلاته كانت ثلاث ركعات، أي أنَّ النقص ركعة واحدة فقط.

فقد ذكر جماعة من الأعلام -منهم السَّيّد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله)، حيث قال: إنَّ صلاته باطلة، ولا بدَّ من الإعادة، وذلك (لزيادة الرَّكعة المانعة عن حصول التدارك، فلا يمكن تدارك الرَّكعة الواحدة التي اشتغلت بها الذِّمَّة بهاتين الرَّكعتين.

واحتمال إلغائهما، والإتيان بركعة أخرى، ممَّا لا وجه له؛ لاشتمالهما على الرَّكوع والسُّجود المتخللين في البين الموجبين للبطلان، لا يتوقف على قصد الجزئيَّة، بل تكفي الزِّيادة الصُّوريَّة، فضلاً عن مثل صلاة الاحتياط المتضمِّنة للقصد على تقدير النقص...).

وفيه: ما ذكرناه، من أنَّ هذه الصَّلاة التي أتى بها بعنوان الاحتياط لا يصدق عليها عنوان الزِّيادة؛ لعدم قَصْد الجزئيَّة للصَّلاة الأصليَّة.

وأمَّا قوله: إنَّ زيادة الرُّكوع والسُّجود لا تتوقَّف على قَصْد الجزئيَّة، بل تكفي الزِّيادة الصُّوريَّة.

فقد أجبنا عنه سابقاً: بأنَّه في غير محلِّه، وأنَّ قوله (عليه السَّلام): (أنَّ السُّجود زيادة في المكتوبة)، ليس المراد منه الزِّيادة الحقيقيَّة، بل تنزيل السُّجود للتلاوة منزلة الزِّيادة، فراجع ما ذكرناه في مبحث السُّجود، فإنَّه مهمّ.

ومهما يكن، فإنَّه في هذه الحالة هنا يأتي بركعة، ويكون الاحتياط الذي أتى به نافلةً، وتصحُّ صلاته، مثل الصُّورة السَّابقة، والله العالم.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo