< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

41/01/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الخلل(43)

 

الصُّورة الثالثة -وهي ما لو حصل الشَّك بعد الرُّكوع، أو في أثنائه، أو بعد رفع الرَّأس منه، أو في أثناء الهوي للسُّجود، أو في السَّجدة الأولى، أو بين السَّجدتين، أو قبل وضع الجبهة في السَّجدة الثانية.فقد ذكر صاحب الحدائق (رحمه الله): أنَّ (المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنَّ حكمها كحكم سابقتها في الصّحّة، والبناء على الأربع، وسجود السَّهو؛ و قطع العلَّامة (قدِّس سرُّه) في جملة من كتبه بالبطلان، واقتفاه المحقِّق الشَّيخ علي (قدِّس سرُّه) على ما نُقِل عنه). أقول: ذهب جماعة كثيرة من الأعلام إلى البطلان؛ لخروج هذه الصُّورة عن المنصوص، وعدم قبولها للعلاج، وهو الإنصاف.وقبل أن نذكر الوجه لبطلان هذه الصُّورة، أقول: قد يستدلّ للصّحّة بأنَّ الرَّكعة اسم للرُّكوع، فلو عرض الشَّكّ بعد رفع الرأس منه، أو في أثنائه، فيندرج حينئذٍ في موضوع النصوص المتقدِّمة الدَّالة على الصَّحّة فيما إذا شكّ بين الأربع والخمسة، بعد تمام السَّجدتين .

أو قد يقال: إنَّ الركعة، وإنْ قلنا: إنَّها اسم لتمامها، ولكن معظمها الرُّكوع، فبعد رفع الرَّأس منه، فضلاً عما بين السَّجدتين، يطلق عرفاً أنَّه لا يدري صلَّى خمساً أو أربعاً.

وفيه: أمَّا الوجه الأوَّل، فيرد عليه: أنَّ الرَّكعة اسم لتمامها، وإطلاقها على الرُّكوع أحياناً -كما في صلاة الكسوف- يحتاج إلى قرينة، وبدونها تحمل على معناها الحقيقي.

وأما الوجه الثاني، فيرد عليه: أنَّ الإطلاق مبني على المسامحة، ولا اعتبار به في المقام.

والإنصاف حينئذٍ: هو البطلان؛ لِما عرفت من خروج هذه الصُّورة عن المنصوص، وعدم قبولها للعلاج، وللعلم الإجمالي بوجود خلل في صلاته؛ لأنَّه إذا أراد أن يتعامل مع هذه الصُّورة معاملة الشَّك بين الثلاث والأربع -إذ يصدق عليه بملاحظة الرَّكعات التي فرغ منها أنَّه لا يدري ثلاثاً صلَّى أم أربعاً- فيتعيَّن عليه إلغاء الرُّكوع.

وفي هذه الحالة يعلم إجمالاً إمَّا بزيادة ركوع سهواً لو كان ما بيده هي الرَّكعة الخامسة، أو ينقص السَّجدتين عمداً لو كان ما بيده هي الرَّكعة الرَّابعة.

نعم، لو كان الاستصحاب جارياً في المقام لاستصحب عدم الإتيان بالرَّابعة، ومضى في صلاته وأتمَّ الرَّكعة، وبعد إتمامها يندرَّج في موضوع مَنْ لم يدرِ أنَّه صلَّى أربعاً أو خمساً، فيعمل بموجبه.

ولكنَّك عرفت أنَّ الاستصحاب لا يجري في باب الشَّكّ في ركعات الفريضة، خلافاً للعامَّة، حيث يجري عندهم ويبنون على الأقلّ.

ثمَّ إنَّه قد ذُكِر للبطلان وجهاً آخر، وهو أنَّ الأمر دائر بين محذورَيْن، إمَّا إكمال الرَّكعة الذي هو معرض للزَّيادة، وإمَّا الهدم الذي هو معرض للنقيصة.

وقد أشكل على هذا الوجه: بأنَّ المبطِل إنَّما هو يقين الزِّيادة لا احتمالها، ولو أثَّر ذلك لأثَّر فيما لو عرض الشَّكّ بعد السُّجود أيضاً مع أنَّهم اتَّفقوا هناك على الصَّحّة.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّ هذا الإشكال في غير محلِّه؛ لأنَّ المبطِل إنَّما هو نفس الزِّيادة لا يقينها، فاليقين طريق لإحراز المبطِل، من غير أن يكون له دخل في مبطليته، فمتى شكَّ في تحقُّق الزِّيادة فقد شكَّ في صحَّة صلاته فعليه إعادتها؛ إذ لا يوجد دليل، ولا أصل، يحرز به عدم الزِّيادة، واستصحاب عدم الإتيان بالرَّابعة لا يجري لِما عرفت.

ومن هنا، يظهر فساد قياس ما نحن فيه بما لو حدث الشَّكّ في الزِّيادة بعد تمام السَّجدتَيْن؛ وذلك لوجود النصّ وهو الفارق بين الصُّورتين.

مضافاً: للتسالم بينهم على الصّحة هنا، دون هذه الصُّورة، والله العالم.

    

قوله: (الثاني: لو خالط الشَّكّ في المسائل الأُوَل الشَّك في الخامسة، فالحكم واحد، إلَّا أنَّه يزيد المرغمتين، ويحتمل البطلان)

 

إذا تعلَّق الشَّكّ بعدد لم يرد فيه نصّ بصحّته، ولكنَّه ينحلُّ إلى شكَّيْن أو شكوك صحيحة، كما لو شكَّ بين الإثنين والأربع والخمس بعد إكمال السَّجدتين، أو بين الثلاث والأربع والخمس، أو بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس، فكلٌّ من هذه الصُّوَر الثلاث ينحلُّ الشَّكّ فيها إلى شكَّيْن صحيحين:

الأُولى: تنحلُّ إلى الشَّكّ بين الاثنتين والأربع، وبين الأربع والخمس.

والثانية: بين الثلاث والأربع، وبين الأربع والخمس.

والثالثة: بين الاثنتين والثلاث والأربع، وبين الأربع والخمس، وقد ذكر جماعة من الأعلام ، منهم المصنِّف وصاحب الحدائق (قدِّس سرُّه) أنَّه يعمل بموجب الشكَّيْن.

ففي الصُّورة الأولى: يبني على الأربع، ويحتاط بركعتين قائماً، ثمَّ سجود السَّهو.

وفي الصُّورة الثانية: يبني على الأربع، ويحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس، ثمَّ السُّجود للسَّهو.

وفي الثالثة: يبني على الأربع ويحتاط بركعتين من قيام، ثمَّ بركعتين من جلوس ثمَّ السُّجود للسَّهو.

وعن العلَّامة الطباطبائي (رحمه الله) ((الإجماع على عدم تأثير الهيئة الاجتماعيَّة في الشُّكوك بالنسبة إلى الصِّحة والبطلان، فالشَّكّ المركَّب تابع لبسائطه فيهما، وفي البناء على الأقلِّ والأكثر، وكيفية الاحتياط)).

وقدِ استدلّ صاحب الحدائق (رحمه الله) للصِّحّة بإطلاق أدلَّة أحكام الشُّكوك الشامل لحالتي الانفراد والاجتماع، قال: ((إنَّ النصوص الواردة في أحكام تلك الصُّوَر التي أسلفناها في المسائل المتقدِّمة مطلقة لا تقييد فيها بحال انفراد أو اجتماع -إلى أن قال:- فالشَّاك بين الثلاث والأربع والخمس يصدق عليه أنَّه شاكّ بين الثلاث والأربع، فيدخل تحت عموم أخباره، وأنَّه شاكّ بين الأربع والخمس، فيدخل تحت عموم دليله أيضاً))

ولكن أشكل عليه جماعة كثيرة من الأعلام، منهم صاحب الجواهر والمحقق الهمداني والسَّيد محسن الحكيم والسَّيد أبو القاسم الخوئي (قدس الله أسرارهم)، فإنَّ النصوص الواردة في كلٍّ من الشُّكوك الصَّحيحة منصرفة إلى صورة انفراده، وعدم مجامعته مع شكٍّ آخر، وهو الإنصاف.

وعليه، فإلحاق صورة الاجتماع به يحتاج إلى دليل، وهو مفقود .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo