< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الخلل(16)

الأمر السَّادس: المعروف بين الأعلام، بل هناك تسالم بينهم على أنَّه لا يجب على كثير الشَّك ضبط الصَّلاة بالحصى أو السُّبْحَة أو الخاتم، ونحو ذلك، وذلك لإطلاق الأخبار الآمرة بالمضي في سَهْوه.

مضافاً إلى الأصل؛ إذ الأصل عدم الوجوب.

ولكن هناك جملة من الرِّوايات، قد يُقال: إنَّها ظاهرة في الوجوب:

منها: رواية حبيب الخثعمي (قَالَ: شَكَوْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام كَثْرَةَ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: أَحْصِ‌ صَلَاتَكَ بِالْحَصَى (بالحصاء)، أَوْ قَالَ: احْفَظْهَا بِالْحَصَى)(1)، وهي ضعيفة سندا ودلالةً، فلأنَّ حبيب الخثعمي مشترك بين الأحول الخثعمي المجهول، وبين ابن المعلَّل الخثعمي الثقة، ولا مميِّز في البين.

وأمَّا دلالةً، فلظهور الأمر في الإرشادي لا المولوي، وذلك بقرينة السُّؤال؛ لأنَّه يشكو من هذا المرض، ويريد العلاج من الإمام عليه السلام.

ومنها: رواية حبيب بن المعلى (أنَّه سأل أبا عبد الله عليه السلام، فقال له: إنِّي رجل كثير السَّهو، فما أحفظ صلاتي إلَّا بخاتمي، أحوله من مكان إلى مكان، فقال: لا بأس به)(2)، وهي أيضاً ضعيفة سنداً ودلالةً.

أمَّا سنداً، فلعدم وثاقة حبيب بن المعلَّى.

وأمَّا دلالةً، فلأنَّ أقصى ما تدلَّ عليه كلمة (لا بأس به) هو الجواز، وأمَّا الوجوب فلا.

ومثلها في ضعف الدَّلالة حسنة عبد الله بن المغيرة عنه عليه السلام (أَنَّهُ قَالَ:‌ لَا بَأْسَ أَنْ يَعُدَّ الرَّجُلُ صَلَاتَهُ بِخَاتَمِهِ، أَوْ بِحَصًى يَأْخُذُ بِيَدِهِ، فَيَعُدُّ بِهِ‌)(3).

ومنها: صحيحة عمران الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ©أَنَّهُ قَالَ:‌ يَنْبَغِي تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ مِنْ أَجْلِ السَّهْوِ®(4)، وكلمة (ينبغي) ظاهرة في الاستحباب.

ومنها: موثَّقة عبيد الله الحلبي ©قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنِ السَّهْوِ؛ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: أَدْرِجْ صَلَاتَكَ إِدْرَاجاً قُلْتُ: فَأَيُّ شَيْ‌ءٍ الْإِدْرَاجُ؟ قَالَ: ثَلَاثُ تَسْبِيحَاتٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ®(5).

والإنصاف: أنَّ الأمر بالإدراج محمول على الاستحباب بقرينة صحيحة عمران الحلبي، وحسنة عبد الله بن المغيرة المتقدِّمتين؛ مضافاً للتسالم بين الأعلام، والله العالم.

قوله: (ولا لشكّ الإمام وحفظ المأموم، وبالعكس)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكْرَى: (لا حكم لشكِّ الإمام مع حفظ المأموم، ولا بالعكس؛ لوجوب رجوع الشَّاك إلى المتيقِّن...).

وفي المدارك: (المراد أنَّ الشَّاكّ من الإمام أو المأموم في فِعْل أو عدد، يرجع إلى حفظ الآخر -إلى أن قال:- وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب...).

وفي الحدائق: (لا خلاف بين الأصحاب -رضوان الله عليهم- في رجوع كلٍّ من الإمام والمأموم إلى الآخر لو شك وحفظ عليه والمأموم إلى الآخر لو شكَّ وحفظ عليه الآخر، وهو مقطوع به في كلامهم، كما نقله غير واحد من المتأخِّرين...).

وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده في كلٍّ من الحكمَيْن...).

أقول: هناك تسالم على أصل المسألة، وإنَّما الخلاف في بعض الخصوصيَّات.

ويدلُّ أيضاً على رجوع الشَّاكّ فيهما إلى الآخر الحافظ جملة من الرِّوايات:

منها: حسنة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: ليسَ على الإمامِ سَهْو، ولا على مَنْ خلفَ الإمامَ سَهْو...)(6).

ومنها: صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (قال: سألتُه عن الرَّجل يصلِّي خلفَ الإمامِ، لا يدري كم صلَّى، هل عليه سهو؟ قال: لا)(7).

ومنها: ما رواه الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله في الفقيه بإسناده إلى إبراهيم بن هاشم في نوادره أنَّه سئل أبو عبد الله عليه السلام (أَنَّهُ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ إِمَامٍ يُصَلِّي بِأَرْبَعِ نَفَرٍ، أَوْ بِخَمْسٍ، فَيُسَبِّحُ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا ثَلَاثاً، وَيُسَبِّحُ ثَلَاثَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا أَرْبَعاً، يَقُولُ هَؤُلَاءِ: قُومُوا، وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ: اقْعُدُوا، وَالْإِمَامُ مَائِلٌ مَعَ أَحَدِهِمَا، أَوْ مُعْتَدِلُ الْوَهْمِ، فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا حَفِظَ عَلَيْهِ مَنْ خَلْفَهُ سَهْوَهُ بِاتِّفَاقٍ (بِإِيْقَانٍ) مِنْهُمْ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ إِذَا لَمْ يَسْهُ الْإِمَامُ، وَلَا سَهْوَ فِي سَهْوٍ، وَلَيْسَ فِي الْمَغْرِبِ سَهْوٌ، وَلَا فِي الْفَجْرِ سَهْوٌ، وَلَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ سَهْوٌ، ولَاْ سَهْوَ في النَّافِلَةِ، فَإِذَا اخْتَلَفَ عَلَى الْإِمَامِ مَنْ خَلْفَهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الِاحْتِيَاطِ وَالْإِعَادَةِ، وَالْأَخْذِ بِالْجَزْمِ‌)(8)، وهي ضعيفة بالإرسال؛ لأنَّ الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله، وإن كان له طريق صحيح إلى إبراهيم بن هاشم، إلَّا أنَّ هناك واسطة بين إبراهيم بن هاشم، وبين الإمام الصَّادق عليه السلام، وهي غير معلومة.

ورواها أيضاً الكُلَيْني في الكافي عن عليِّ بن إبراهيم عن محمَّد بن عيسى عن يونس عن رجل، وهي أيضاً ضعيفة كالإرسال.

__________

(1) الوسائل باب28 من أبواب الخلل الواقع في الصَّلاة ح1.

(2)و(3) الوسائل باب28 من أبواب الخلل الواقع في الصَّلاة ح2و3.

(4)و(5) الوسائل باب22 من أبواب الخلل الواقع في الصَّلاة ح2و3.

(6)و(7) الوسائل باب24 من أبواب الخلل الواقع في الصَّلاة ح3و1.

(8) الوسائل باب24 من أبواب الخلل الواقع في الصَّلاة ح8.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo