< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أحكام الخلل(12)

 

قوله: (ولا تبطل بنسيان غير الرُّكن، كالقراءة والجهر والإخفات والتسبيح، في الرُّكوع والسُّجود، والطُّمأنينة فيهما، والرَّفع منهما، والطُّمأنينة فيه، ونسيان بعض الأعضاء)

المعروف بين الأعلام أنَّ الإخلال نسياناً بواجب غير ركن لا يوجب البطلان، بل هو متَّفق عليه بين الكلِّ.

ويدل عليه -مضافاً للتسالم بينهم-: صحيحة زرارة المتقدِّمة في أكثر من مناسبة، عن أبي جعفر عليه السلام (لا تُعَادُ الصَّلاةُ إلَّا مِنْ خَمْسَةٍ: الطَّهور والوقت والقبلة والرُّكوع والسُّجود...)(1).

ويدل عليه أيضاً: الرِّوايات الخاصَّة في الموارد الخاصَّة.

فأمَّا نسيان القراءة حتَّى يركع، فيدل عليه جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة زرارة عن أحدهما عليه السلام (قال: إنَّ الله -تبارك وتعالى- فرض الرُّكوع والسُّجود؛ والقراءة سنَّة، فمَنْ ترك القراءة متعمِّداً أعاد الصَّلاة، ومن نسي فلا شيء عليه)(2).

ومثلها: رواية محمَّد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام، إلَّا أنَّه قال: (ومن نسي القراءة فقد تمَّت صلاته، ولا شيء عليه)(3)، ولكنَّها ضعيفة بجهالة محمَّد بن إسماعيل، فإنَّه البندقي النيشابوري، فالتعبير عنها بالصَّحيح في غير محلِّه.

ومنها: موثَّقة منصور بن حازم (قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: إنِّي صلَّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلِّها، فقال: أليس قد أتممتَ الرُّكوع والسُّجود؟ قلتُ: بلى، قال: قد تمَّت صلاتك إذا كنت ناسياً)(4).

ومنها: موثَّقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إنْ نسيَ أنْ يقرأ في الأولى والثانية، أجزأه تسبيح الرُّكوع والسُّجود، وإن كانت الغداة فنسي أن يقرأ فيها فليمضِ في صلاته)(5).

وكذا غيرها من الرِّوايات، من غير فرق بين نسيان القراءة جميعها أو بعضها، كالحمد خاصَّة، أو السُّورة، ففي رواية أبي بصير (قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أم القرآن؟ قال: إنْ كان لم يركع، فَلْيُعد أمَّ القرآن)(6)، ولكنَّها ضعيفة بعليِّ بن أبي حمزة البطائني، وعدم وثاقة القاسم بن محمَّد الجوهري.

وأمَّا نسيان الجهر والإخفات في مواضعهما، فقد تقدَّم الكلام عنهما سابقاً عند الكلام عن اعتبارهما.

وذكرنا أنَّه لا إشكال في عدم البطلان بنسيانهما، بل لا إشكال في عدم وجوب تداركهما، وإن ذكر ذلك قبل الرُّكوع.

وقد ذكرنا سابقاً صحيحة زرارة -الدَّالة على عدم وجوب إعادة الصَّلاة بتركهما نسياناً، أو سهوا، أو جهراً- عن أبي جعفر عليه السلام (في رجلٍ جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه، وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه، فقال: أيّ ذلك فعل متعمِّداً فقد نقض صلاته، وعليه الإعادة، فإنَّ فعل ذلك ناسياً أو ساهياً، أو لا يدري فلا شيء عليه، وقد تمَّت صلاته)(7).

وأمَّا نسيان الذِّكْر في الرُّكوع والسُّجود، فيدلُّ على عدم البطلان بنسيانهما -مضافاً إلى صحيحة زرارة المتقدِّمة: لا تعاد الصَّلاة-: صحيحة عليّ بن يقطين (قال: سألتُ أبا الحسن الأوَّل عليه السلام عن رجل نسي تسبيحه في ركوعه وسجوده؟ قال: لا بأس بذلك)(8).

ويدلّ على عدم البأس بنسيان الرفع منهما -مضافاً للتسالم بينهم-: حديث (لا تعاد الصَّلاة إلَّا من خمسة...).

وأمَّا عدم البأس بنسيان الطمأنينة، فيهما فيفهم أيضاً ممَّا تقدم، وكذا نسيان بعض أعضاء السُّجود فيما عدا الجبهة، وأمَّا فيها فنسيان السُّجود عليها في السَّجدتين معاً يوجب فوات الرُّكن، وفي الواحدة يوجب فوات الواحدة، على ما تقدَّم.

 

قوله: (ولا حكم للشَّك مع الكثرة، ويحصل بالتوالي ثلاثاً، وإن كان في ثلاث فرائض، فيبني على وقوع ما شكّ فيه، فلو فعله فالأقرب: البطلان)

يقع الكلام في ستة أمور:

الأوَّل: في معنى كثرة لا شك، أي كيف تحقُّقِ الكثرة؟

الثاني: في حكم الشَّكّ مع الكثرة.

الثالث: هل البناء على وقوع المشكوك فيه في كثير الشَّكّ على نحو العزيمة، بحيث لا يصحّ الرُّجوع، والإتيان بالمشكوك فيه، أم على نحو الرُّخصة؟

الرَّابع: هل المراد بالسَّهو في قولهم: لا حكم للسَّهو مع كثرته، هو خصوص الشَّكّ، أو الأعمّ منه، ومن النسيان؟

الخامس: لو كثر شكُّه في فعل بعينه، كالرُّكوع مثلاً، فلا إشكال في جريان حكم كثير الشَّكّ عليه.

وهل يجري بالنسبة إلى غيره من الأفعال والأعداد التي لم يكثر الشَّكّ فيها، وإنَّما حص الشَّكّ فيها اتِّفاقاً؟

السَّادس: هل يجب على كثير الشَّكّ ضبط صلاته بنصب قَيِّم، أو بالحصى، وبالخاتم، أو لا يجب؟

_______________

(1) الوسائل باب1 من أبواب أفعال الصَّلاة ح14.

(2)و(3) الوسائل باب27 من أبواب القراءة في الصَّلاة ح1و2.

(4و5) الوسائل باب29 من أبواب أبواب القراءة في الصَّلاة ح2و3.

(6) الوسائل باب28 من أبواب القراءة في الصَّلاة ح1.

(7) الوسائل باب26 من أبواب القراءة في الصَّلاة ح1.

(8) الوسائل باب15 من أبواب الركوع ح2.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo