< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بقية الصَّلوات المستحبَّة(2)

قوله: (وليلةُ المبعثِ ويومِه)

كما هو المعروف بين الأعلام، وتدلُّ على الاستحباب في يوم المبعث روايتان:

الأُولى: ما رواه الكليني عن عليِّ بن محمَّد رفعه -في حديث- (قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يَوْمُ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ نُبِّئَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله): مَنْ صَلّى فِيهِ -أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ- اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ مَا تَيَسَّرَ، فَإِذَا فَرَغَ وَسَلَّمَ جَلَسَ مَكَانَهُ، ثُمَّ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَالْمُعَوِّذَاتِ الثَّلَاثَ، كُلَّ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا فَرَغَ -وَهُوَ فِي مَكَانِهِ- قَالَ: لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ، (وَ)سُبْحَانَ اللهِ، وَلَاحَوْلَ وَلَاقُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: اللهُ اللهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَدْعُو، فَلَا يَدْعُو بِشَيْ‌ءٍ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ فِي كُلِّ حَاجَةٍ، إِلاَّ أَنْ يَدْعُوَ فِي جَائِحَةِ قَوْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ)(1)، وهي ضعيفة بالرفع.

ورواها الشَّيخ المفيد رحمه الله في مسار الشِّيعة، وفي المقنعة، ولكنَّها مرسلة.

والمعوِّذات الثلاث: قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ، وقُلْ أَعُوْذُ بِرَبِّ الفَلَق، وقُلْ أَعُوْذُ بِرَبِّ النَّاس.

الرِّواية الثانية: ما رواه الشَّيخ رحمه الله في المصباح (قال: صام أبو جعفر الثاني عليه السلام لمّا كان ببغداد، يومَ النِّصفِ مِنْ رجب، ويومَ سبع وعشرين منه، وصامَ معه جميعُ حشمِه، وأَمَرَنا أنْ نصلِّيَ الصَّلاةَ التي هي اثنتي عشرة ركعة، تقرأُ في كلِّ ركعةٍ الحمدَ وسورةً، فإِذَا فرغتَ قرأتَ الحمدَ أربعاً، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} أربعاً، والمعوّذتين أربعاً، وقلتُ: لا إله إلَّا الله والله أكبر، وسبحان الله والحمدلله، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم، أربعاً، الله الله ربّي لا أُشرك به شيئاً، أربعاً، لا أُشرك بربّي أحداً، أربعاً)(2)، وهي ضعيفة بالإرسال، لأنَّ الشَّيخ لم يذكر طريقه في المصباح إلى الريَّان.

ثمَّ إنَّه من هذه الرِّواية يُعلَم أنَّ المراد بالمعوِّذات الثلاث في الرِّواية المتقدِّمة هي التوحيد، مع المعوِّذتَيْن.

وأمَّا استحباب الصَّلاة ليلة المبعث، وهي ليلة سبعة وعشرين من رجب، فتدلُّ عليه أيضاً روايتان:

الأُولى: ما رواه الشَّيخ في المصباح (قال: روى صالح بن عقبة عن أبي الحسن ’ أنّه قال: صلِّ ليلةَ سبع وعشرين مِنْ رجب -أيّ وقت شئت من اللَّيل- اثنتي عشرة ركعة، تقرأُ في كلِّ ركعةٍ الحمدَ والمعوِّذتين و{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} أربع مرَّات، فإذا فرغت قلتَ وأنتَ في مكانك أربع مرَّات: لا إله إلَّا الله، والله أكبر، والحمد لله وسبحان الله، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله، ثمّ ادعُ بعدُ بما شئت)(3)، وهي ضعيفة بصالح بن عقبة، وبالإرسال.

الرِّواية الثانية: وهي مرسلة الشَّيخ في المصباح عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ الرِّضا عليه السلام (أنّه قال: إنّ في رجب لَلَيلة خير ممَّا طلعتْ عليه الشَّمس، وهي ليلةُ سبعٍ وعشرينَ مِنْ رجب، فيها نُبّىء رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله) في صبيحتِها، وإنّ لِلْعامل فيها مِنْ شيعتنا أجرَ عملِ ستّينَ سنةً، قيل له: وما العمل فيها -أصلحك الله!-؟ قال: إذا صلَّيتَ العشاءَ الآخرة، وأخذتَ مضجعَك، ثمَّ استيقظتَ أيَّ ساعةٍ شئتَ مِنَ اللَّيل إلى قبل الزَّوال صلَّيتَ اثنتي عشرةَ ركعةً، تقرأً في كلِّ ركعةٍ الحمدَ وسورةً من خفاف المفصَّل إلى الحمد، فإذا سلّمتَ في كلِّ شَفْع، وجلستَ بعد التسليم، وقرأتَ الحمدَ سبعاً، والمعوِّذتَيْن سبعاً و{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} سبعاً، و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} سبعاً، و{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ}، وآية الكرسي سَبْعاً سَبْعاً)(4)، وهي ضعيفة بالإرسال.

قوله: (والحاجةِ)

في الحدائق: (وصلاة الحاجة كثيرة مذكورة في الكتب الأربعة وغيرها، لا سيَّما مصباحَيِّ الشَّيخ والكفعمي).

وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده فيها نصّاً وفتوًى، بل قيل: إنَّه ذكر الصَّدوق والشَّيخان في الفقيه والهداية والمُقْنِع والمُقْنِعة والمصباح صلوات شتَّى للحاجة، قلتُ: منشأ ذلك النصوص المستفيضة جدّاً، إنْ لم تكن متواترةً...).

أقول: صلاة الحاجة:

منها: ما هو مطلق، بحيث يكون أدناها أنْ يصلِّي ركعتين، ويسأل الله حاجته.

ومنها: ما قدِ اشتمل على ذِكْر مقدِّمات وكيفيَّات لها، وسنذكر بعض الرِّوايات الواردة فيها، وإلَّا فهي متواترة.

أمَّا ما كان أدناها مطلق صلاة ركعتين، فتدلُّ عليه موثَّقة الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا أردتَ حاجةً فصلِّ ركعتَيْن، وصلِّ على محمَّد وآله، وسلْ تُعْطَه)(5).

وأمَّا ما كان منها مشتمل على ذِكْر مقدِّمات وكيفيَّات، فتدلُّ عليه صحيحة صفوان بن يحيى ومحمَّد بن سهل عن أشياخهما عن أبي عبد الله عليه السلام (قَالَ:‌ إِذَا حَضَرَتْ لَكَ حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ الْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ وَالْجُمُعَةَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى)- فَاغْتَسِلْ وَالْبَسْ ثَوْباً جَدِيداً، ثُمَّ اصْعَدْ إِلَى أَعْلَى بَيْتٍ فِي دَارِكَ، وَصَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي حَلَلْتُ بِسَاحَتِكَ لِمَعْرِفَتِي بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَصَمَدَانِيَّتِكَ، وَأَنَّهُ لَا قَادِرَ عَلَى حَاجَتِي غَيْرُكَ، وَقَدْ عَلِمْتُ -يَا رَبِّ!- أَنَّهُ كُلَّمَا تَظَاهَرَتْ نِعَمُكَ (نِعْمَتُكَ) عَلَيَّ اشْتَدَّتْ فَاقَتِي إِلَيْكَ، وَقَدْ طَرَقَنِي هَمُّ كَذَا وَكَذَا، وَأَنْتَ بِكَشْفِهِ عَالِمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، وَاسِعٌ غَيْرُ مُتَكَلِّفٍ، فَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى الْجِبَالِ فَنُسِفَتْ، وَوَضَعْتَهُ عَلَى السَّمَاءِ فَانْشَقَّتْ وَ عَلَى النُّجُومِ فَانْتَثَرَتْ وَ عَلَى الْأَرْضِ فَسُطِحَتْ، وَأَسْأَلُكَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَعَلْتَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ عليهم السلام -وَتُسَمِّيهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ- أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَنْ تَقْضِيَ حَاجَتِي، وَأَنْ تُيَسِّرَ لِي عَسِيرَهَا، وَتَكْفِيَنِي مُهِمَّهَا، فَإِنْ فَعَلْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَكَ الْحَمْدُ، غَيْرَ جَائِرٍ فِي حُكْمِكَ، وَلَا مُتَّهَمٍ فِي قَضَائِكَ، وَلَا حَائِفٍ فِي عَدْلِكَ، وَتُلْصِقُ خَدَّكَ بِالْأَرْضِ وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى عَبْدَكَ دَعَاكَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ -وَهُوَ عَبْدُكَ- فَاسْتَجَبْتَ لَهُ، وَأَنَا عَبْدُكَ أَدْعُوكَ فَاسْتَجِبْ لِي، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: لَرُبَّمَا كَانَتِ الْحَاجَةُ لِي فَأَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ فَأَرْجِعُ وَقَدْ قُضِيَتْ‌)(6)، وهي صحيحة، فقوله: (أشياخهما)، تدلُّ على الكثرة، قال المجلسي الأوَّل رحمه الله في روضة المتَّقِين: (أي عن كثيرٍ من أشياخهما)، وصفوان بن يحيى من أصحاب الإجماع، ويبعد جدًّا أن لا يكون شخص ثقة في قوله: (عن أشياخهما)، بل من المطمئنّ وجود الثقة فيهم، والله العالم.

وروى العيَّاشي في تفسيره بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إنَّ سورة الأنعام نزلتْ جملةً، وشيَّعها سبعون ألف ملك، فعظِّموها وبجِّلوها، فإنَّ اسم الله فيها في سبعين موضعاً، ولو يعلم النَّاس ما في قراءتها من الفَضْل ما تركوها، ثمَّ قال عليه السلام: مَنْ كانت له إلى الله حاجة يريد قضاءها فليصلِّ أربع ركعات بفاتحة الكتاب والأنعام، وليقلْ في دُبُر صلاته إذا فرغ من القراءة: يا كريم يا كريم يا كريم، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا أعظم من كلِّ عظيم، يا سميع الدُّعاء، يا مَنْ لا تغيُّره اللَّيالي والأيام، صلِّ على محمَّد وآله، وارحم ضعفي وفقري وفاقتي ومسكنتي، فإنَّك أعلم بها منِّي، وأنت أعلم بحاجتي، يا مَنْ رحم الشَّيخ يعقوب حين ردَّ عليه يُوسُف قرَّة عينه، يا مَنْ رحم أيوب بعد طول بلائه، يا مَنْ رحم محمَّداً، ومِنَ اليُتْم آواه، ونصره على جبابرة قريش وطواغيتها وأمكنه منهم، يا مغيث يا مغيث يا مغيث -تقوله مراراً- فوالذي نفسي بيده! لو دعوت بها، ثمَّ سألت الله جميع حوائجك، إلَّا أعطاه)(7)، وهي ضعيفة بالإرسال، لأنَّ العيَّاشي لم يذكر طريقه إلى أبي بصير، وكذا غيرها.

_____________

(1)و(2) الوسائل باب9 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح1و4.

(3) الوسائل باب9 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح2.

(4) الوسائل باب9 من أبواب بقيَّة الصَّلوات المندوبة ح3.

(5) الوسائل باب28 من أبواب بقيَّة الصَّلوات المندوبة ح3.

(6)و(7) الوسائل باب28 من أبواب بقيَّة الصَّلوات المندوبة ح10و11.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo