< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة النبي وآله(5)

وهل يجوز احتسابها من الفرائض، قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (ويظهر من بعض الأصحاب جوازُ جعلِها من الفرائض أيضاً، إذ ليس فيه تغيير فاحش...)، وجوَّز المصنِّف رحمه الله في البيان احتسابها من الفرائض.

قال صاحب الحدائق رحمه الله -بعد نَقْله لكلام المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى-: (ربَّما أشعر نَقْلُه -قدِّس سرُّه- للقول المذكور، وعدمُ تعرُّضه لردِّه، اختيارَه القولَ بجوازه، وإليه يميل كلام بعض مشايخنا المحقِّقين من متأخِّري المتأخِّرين ، وهو محلُّ إشكال، وأيُّ تغيير أفحش ممَّا عليه هذه الصَّلاة بالنسبة إلى غيرها من الصَّلوات الخالية من هذه الأذكار...).

أقول: قد ذكرنا في مبحث القواطع أنَّ الإتيان بالذِّكر والدُّعاء في أثناء الصَّلاة، في أيِّ حال يكون، ليس منافياً لهيئتها المعتبرة شرعاً، فيجوز أنْ يسبِّح في كلٍّ من قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه أكثر من مائة تسبيحة أو تكبيرة أو تحميدة، ما لم يكن موجباً لفوات وقتها، وما لم يستلزم تغيير الهيئة، فلو قرأ سورة البقرة أو هي مع غيرها بين السَّجدتَيْن، أو قبل الهويّ للسُّجود، فقد يُقال: بعدم صحَّة صلاته، للفصل الطَّويل المغيِّر للهيئة، بحيث لا يُقال له عند العرف: إنَّه يصلِّي.

وعليه، فمع عدم استلزام تغيير الهيئة فلا مانع حينئذٍ من احتسابها من الفرائض، ولكنْ يختصُّ ذلك بالثنائيَّة، كفريضة الصُّبح أو الصَّلوات المقصورة التي لا مانع من الإتيان بها بصورة ركعتين، دون الرُّباعيَّة والثلاثيَّة، كما لا يخفى.

ثمَّ إنَّ معنى الاحتساب في الفريضة أنْ يقصد أنَّها صلاة جعفر والفريضة، وليس الاحتساب في النَّوافل والفرائض بأنْ ينوي المكلَّف الفريضة خاصَّةً، أو النافلة خاصَّةً، من غير ضمِّ نيِّة صلاة جعفر، إلَّا أنَّه يختار هذه الكيفيَّة في الأداء التي لا تنافي الفريضة أو النَّافلة، لأنَّها أذكار، فيُعطَى حينئذٍ تفضُّلاً من الله ثواب صلاة جعفر، فإنَّ هذا لا إشكال فيه، وليس من التداخل في شيء، بل معنى الاحتساب هو ما عرفت من قصْد صلاة جعفر والنَّافلة الموظَّفة، إذا كان الاحتساب في النَّوافل، أو قصَد صلاة جعفر والفريضة إذا كان الاحتساب في الفرائض، ولا مانع من ذلك، كما لو قال المولى: أكرم العالم، وأكرم الهاشمي، فإنَّه يمكن امتثالهما بإكرام شخص واحد جَمَع العنوانين، كما في العالم الهاشمي، والله العالم.

وأمَّا القول: بأنَّه كيف يصحُّ قصْد صلاة جعفر مع قصْد الفريضة؟!

فنقول: إنَّه لا يشترط في قصْد الفريضة أنْ لا يقصد معها شيئاً آخر إذا لم يكن هنا الشَّيء الآخر منافياً للفريضة.

الأمر الرَّابع: المعروف بين الأعلام قاطبةً أنَّه يُؤتَى بهذه الصَّلاة في أيِ وقتٍ كان من ليلٍ أو نهارٍ، وفي سفر أو حضر، كما يستفاد ذلك من جملة من الرِّوايات المتقدِّمة، والتي منها صحيحة ذَرِيح عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إنْ شئتَ صلِّ صلاة التسبيح باللَّيل، وإنْ شئتَ بالنَّهار، وإنْ شئتَ في السَّفر، وإنْ شئتَ جعلتَها من نوافلِك، وإنْ شئتَ جعلتَها من قضاءِ صلاةٍ)(1).

ولكنَّ المعروف بينهم أنَّ أفضل أوقاتها صدر النَّهار من يوم الجُمُعة، كما يستفاد ذلك ممَّا رواه الطَّبرسي في الاحتجاج عن محمَّد بن عبد الله بن جفعر الحِميري عن صاحب الزَّمان عجل الله فرجه الشريف (أنَّه كتبَ إليه، فسأله عن صلاةِ جعفر بن أبي طالب، في أيِّ أوقاتها أفضل، أن تصلَّى فيه؟ وهل فيها قنوت؟ وإنْ كان ففي أيِّ ركعةٍ منها؟ فأجاب عليه السلام: أفضل أوقاتها صدر النَّهار من يوم الجُمُعة، ثمَّ في أيِّ الأيام شئت، وأيِّ وقتٍ صلَّيتها من ليلٍ أو نهارٍ فهو جائز، والقنوت فيها مرَّتان، في الثانية قبل الرُّكوع (وفي الرَّابعة بعد الرُّكوع)، وسأله عن صلاة جعفر في السَّفر، هل يجوز أن تصلَّى أم لا؟ فأجاب: يجوز ذلك)(2)، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

الأمر الخامس: المعروف بين الأعلام أنَّ في هذه الصَّلاة قنوتَيْن، في الثانية من الرِّكعتين الأولتَيْن.

والثانية من الرِّكعتين الأخيرتين، وأنَّه بعد القراءة وقبل الرُّكوع فيهما).

أقول: يدلّ على ذلك صريحاً رواية رجاء بن أبي الضحَّاك المتقدمة عن الرِّضا عليه السلام (أنَّه كان يصلِّي صلاةَ جعفرٍ أربعَ ركعاتٍ يسلِّم في كلِّ ركعتين، ويقنتُ في كلِّ ركعتين، في الثانية قبل الرُّكوع وبعد التسبيح)(3)،ولكنَّها ضعيفة بعدَّة أشخاص.

ويدلّ على ذلك أيضاً الرِّوايات العامَّة الواردة في قنوت سائر الصَّلوات.

ثمَّ إنَّك عرفت أنَّ مكاتبة الحميري المتقدِّمة عن صاحب الزمان عليه السلام دلَت على أنَّ القنوت في الرَّابعة بعد الرًّكوع لا قبله، وهو على خلاف ما عليه الأعلام.

ولكنَّ الذي يهوِّن الخطب أنَّها ضعيفة.

الأمر السَّادس: المعروف بين الأعلام أنَّه يستحبّ أن تدعو في آخر سجدة من هذه الصَّلاة بعد التسبيح بالدُّعاء المخصوص، وهو ما ورد في روايتين:

الأُولى: رواية أبي سعيد المدائني (قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ألا أعلِّمك شيئاً تقولُه في صلاة جعفر؟ فقلتُ بلى، فقال: إذا كنتَ في آخرِ سجدةٍ من الأربع ركعات فقل -إذا فرغتَ من تسبيحِك-: سبحان مَنْ لَبِس العزَّ والوَقَار، سبحان مَنْ تعطَّف بالمجد وتكرَّم به، سبحان مَنْ لا ينبغي التسبيح إلَّا له، سبحان مَنْ أحصى كلَّ شيء علَّمه، سبحان ذي المنِّ والنِّعَم، سبحان ذي القُدْرة والكَرَم (الأمر) اللَّهمَّ إنِّي أسألك بمعاقد العزِّ مِنْ عرشك، ومنتهى الرَّحمة من كتابك، واسمك الأعظم وكلماتك التامَّة التي تمَّت صِدْقاً وعَدْلاً، صلِّ على محمَّد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذا)(4)، وهي ضعيفة بالإرسال، وبعبد الله بن أبي القاسم وبجهالة أبي سعيد المدائني.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo