< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة النبي وآله(4)

الثانية: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (قَاْلَ: إِذَا كُنْتَ مُسْتَعْجِلاً فَصَلِّ صَلَاْةَ جَعْفَرٍ عليه السلام مُجرَّدةً، ثمَّ اقضِ التَّسْبِيْحَ)(1)، وهي ضعيفة بعليِّ بن أبي حمزة البطائني الواقع في إسناد الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله إلى أبي بصير.

ثمَّ إنَّه ينبغي التنبيه على أمور:

الأوَّل: قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (ولو صلَّى منها ركعتين، ثمَّ عرض له عارض، بنى بعد إزالة عارضه، رواه ابن بابويه).

أقول: أشار بذلك إلى صحيحة عليِّ بن الريَّان (أنَّه قال: كتبتُ إلى أبي الحسن الماضي الأخير عليه السلام أسأله عن رجل صلَّى صلاةَ جعفرٍ ركعتين، ثمَّ تعجَّله عن الرِّكعتين الأخيرتين حاجة، أيقطع ذلك لحادث يحدث؟ أيجوز له أنْ يتمَّها إذا فرغ من حاجته، وإن قام من مجلسه، أو لا يحتسب بذلك إلَّا أنْ يستأنف الصَّلاة، ويصلِّي الأربع ركعات كلّها في مقام واحد؟ فكتب عليه السلام: بل إنْ قَطَعَه عن ذلك أمرٌ لا بدَّ له منه فَلْيقطع، ثمَّ ليرجع فَلْيبنِ على ما بقي -إن شاء الله-)(2)، وهي صحيحة بطريق الشَّيخ الطُّوسي رحمه الله وحسنة بطريق الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله.

ثمَّ إنَّه يظهر من هذه الصَّحيحة أنَّه لا ينبغي الفَصْل بين أداء الأربع بزمان ونحوه اختياراً.

وعن مصابيح الظَّلام فيما حُكِي عنه (يأتي بالأخيرتين بعد زوال العُذُر بلا فصل اختياراً).

ولكنَّ الإنصاف: أنَّه يجوز الفَصْل اختياراً وإن كان الأحوط عدمه.

الأمر الثاني: ذَكَر جماعة من الأعلام، منهم صاحب الحدائق وصاحب مجمع البرهان وصاحب الجواهر والمحقِّق الهمداني (قدس الله أسرارهم) أنَّه لو سها عن التسبيحات كلًّا أو بعضاً في بعض أحوال هذه الصَّلاة قضاها في الحال الذي يذكرها فيها، فإنْ كان يفوته سهواً في حال القيام، ثمَّ يذكره في حال الركوع والسجود، قضى ما فاته في تلك الحال.

وقدِ استُدلّ لذلك بما ذكره الطَّبرسي رحمه الله في كتاب الاحتجاج (قال: ممَّا ورد من صاحب الزَّمان إلى محمَّد بن عبد الله بن جعفر الحِمْيري في جواب مسائله، حيث سأله عن صلاة جعفر إذا سها في التسبيح، في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود، وذكره في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصَّلاة، هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكره أم يتجاوز في صلاته؟ التوقيع: إذا سَهَا في حالةٍ عن ذلك، ثمَّ ذَكَرَه في حالةٍ أُخْرى قَضَى ما فاتَه في الحالةِ التي ذَكَرَه)(3)، وهي ضعيفة بالإرسال.

ورواها الشَّيخ رحمه الله في كتاب الغيبة، ولكنَّ السَّند ضعيف أيضاً بأحمد بن إبراهيم النُّوبختي فإنَّه مجهول.

ومقتضى القاعدة أنَّه إذا سها عن شيءٍ غير ركنيّ، حتَّى دَخَل في ركنٍ آخرٍ، عدمُ وجوبِ شيءٍ عليه، لكن لا بأس بالعمل بما في الرِّواية من باب الرَّجاء، وإذا أراد الاحتياط فيُعِيد الصَّلاة، والله العالم.

الأمر الثالث: قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (يجوز جَعْلها من النَّوافل الراتبة، رواه ذَرِيْح عن أبي عبد الله عليه السلام، ويجوز جعلها من قضاء النَّوافل، لأنَّ في هذه الرِّواية من التهذيب: وإنْ شئتَ جَعَلْتَها مِنْ قضاءِ صلاةٍ).

قال ابن الجنيد رحمه الله: (يجوز جعلها من قضاء النَّوافل، ولا أحبُّ الاحتساب بها من شيء من التطوُّع الموظَّف عليه...).

وفي الحدائق: (المشهور بين الأصحاب € جواز احتسابها من النَّوافل الرَّاتبة اللَّيلية والنَّهارية، صرَّح به الشَّيخ عليِّ بن بابوَيْه وابن أبي عقيل، وغيرهما...).

وفي الجواهر: (ولا بأس بالاحتساب المزبور بعد فتوى غير واحد من الأصحاب به، بل ربَّما ادَّعى بعضهم الشُّهرة عليه، بل في المصابيح نسبته إلى عامَّة المتأخِّرين بعد أن حكاه فيها عن الصَّدوق وابنَي حمزة وسعيد والعلَّامة والشَّهيد...).

أقول: لا إشكال في جواز الاحتساب، وقد ذكرنا سابقاً عند البحث عن جواز احتساب صلاة الغُفَيْلة من نافلة المغرب ما له نفع في المقام، وقلنا: إنَّ مقتضى القاعدة هي جواز الاحتساب، فراجع .

وتدلُّ عليه هنا -مضافاً لكونه مقتضى القاعدة- جملة من الرِّوايات:

منها: صحيحة ذَرِيْح عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إنْ شئتَ صلِّ صلاةَ التسبيحِ باللَّيل، وإنْ شئتَ بالنَّهار، وإنْ شئتَ في السَّفر، وإنْ شئتَ جَعَلْتَها من نوافِلك، وإنْ شئتَ جعلتَها من قضاءِ صلاةٍ)(4).

ومنها: صحيحته الأخرى (قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن صلاةِ جعفرٍ أحتسب بها من نافلتي؟ فقال: ما شِئْتَ منْ ليلٍ أو نهارٍ)(5).

ومنها: رواية أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام (قال: صلِّ صلاةَ جعفرٍ في أيِّ وقتٍ شِئْتَ منْ ليلٍ أو نهارٍ، وإنْ شئتَ حسبتها من نوافل اللَّيل، وإن شئتَ حسبتها من نوافل النَّهار، وتُحْسب لك من نوافلك، وتُحْسَب لك من صلاة جعفر)(6)، وهي ضعيفة بعلي بن أبي حمزة البطائني الواقع في إسناد الصَّدوق رحمه الله إلى أبي بصير.

ومنها: ما في عيون أخبار الرِّضا عليه السلام عن رجاء ابن أبي الضحَّاك -في حديث- (قال: كان الرِّضا عليه السلام إذا زالتِ الشَّمسُ جدَّدَ وضوءَه -إلى أن قال:- فإذا كان الثُلُث الأخير من اللَّيل قامَ منْ فراشِه بالتسبيحِ والتحميدِ والتهليلِ والتكبيرِ والاستغفارِ، فاستاكَ وتوضَّأ، ثم قام إلى صلاة اللَّيل -إلى أن قال:- ثمَّ يصلِّي صلاةَ جعفرٍ بنِ أبي طالبٍ أربعَ ركعاتٍ، يسلِّمُ في كلِّ ركعتَيْن، ويقنتُ في كلِّ ركعتَيْن في الثانيةِ قبلَ الرُّكوعِ وبعدَ التسبيحِ، ويحتسبُ بها من صلاةِ اللَّيلِ...)(7)، ولكنَّها ضعيفة بعدَّة أشخاص.

وأمَّا ما رواه المصنِّف رحمه الله في كتاب الأربعين عن ابن بسطام (أنَّه قال في صلاةِ جَعْفَر: ولا تصلها من صلاتك التي كنت تصلي قبل ذلك )(8)، حيث إنَّه ظاهر في عدم جواز الاحتساب، فهو ضعيف بأبي المفضَّل الشِّيباني، وبابن بطَّة، فلا يقاوِم الرِّوايات السَّابقة.

والخلاصة: أنَّه لا إشكال في جواز احتسابها من النَّوافل النَّهارية واللَّيلية الأدائيَّة والقضائيَّة.

______________

(1) الوسائل باب8 من أبواب صلاة جعفر ح2.

(2) الوسائل باب6 من أبواب صلاة جعفر ح1.

(3) الوسائل باب9 من أبواب صلاة جعفر ح1؛ وكتاب الغيبة: ص239.

(4)و(5)و(6) الوسائل باب5 من أبواب صلاة جعفر ح1و2و5.

(7) الوسائل باب13 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح24.

(8) الوسائل باب1 من أبواب صلاة جعفر ح4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo