< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة النبي وآله(3)

وهذه الرِّواية صحيحة، لأنَّ بسطام المذكور في السَّند هو ابن سابور الزيَّات الثقة، بقرينة رواية صفوان بن يحيى عنه، وهو متَّحذ مع بسطام بن سابور.

ثمَّ إنَّ الظاهر أنَّ كلمة (الواو) مستعملة بمعنى (أو)، أي فيقرأ بـ قُلْ هُوْ الله أَحَدٌ، أو قُلْ يَاْ أَيُّهَا الكَاْفِرُوْنَ، على التخيير، ويحتمل الجمع بينهما، فيكون مستحبّاً في مستحبٍّ.

ومثل هذه الصَّحيحة في الأمر بقراءة هاتين السُّورتين في صلاة جعفرٍ حسنةُ عبد الله بن المغيرة (أنَّ الصَّادق عليه السلام قال: اِقرأْ في صلاةِ جعفرٍ بقُلْ هُوْ الله أَحَدٌ قُلْ يَاْ أَيُّهَا الكَاْفِرُوْنَ)(1).

ومن جملة الرِّوايات الواردة في استحباب صلاة جعفر عليه السلام رواية أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام (قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجعفر بن أبي طالب: يا جعفر! ألا أمنحك؟ ألا أعطيك؟ ألا أحبوك؟ ألا أعلمك صلاة إذا أنت صلَّيتها لو كنتَ فررتَ من الزحف، وكان عليك مثلُ رملِ عَالِج، وزَبَدِ البحر، ذنوباً غُفِرتْ لك؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: تصلِّي أربعَ ركعاتٍ إذا شئت، إنْ شئتَ كلَّ ليلةٍ، وإنْ شئتَ كلَّ يومٍ، وإنْ شئتَ فمِنْ جُمُعة إلى جُمُعة، وإنْ شئتَ فمِنْ شهر إلى شهر، وإنْ شئتَ فمِنْ سنة إلى سنة؛ تفتتحِ الصَّلاة ثمَّ تكبِّر خمسَ عشرةَ مرةً، تقول: الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، ثمَّ تقرأ الفاتحة وسورة وتركع، وتقولهنّ في ركوعك عشرَ مراتٍ، ثمَّ ترفع رأسَك من الرُّكوع فتقولهنّ عشر مرات وتخرّ ساجداً، فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ في سجودك، ثمَّ ترفع رأسك من السُّجود فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ تخرّ ساجداً فتقولهنَّ عشر مراتٍ، ثمَّ ترفع رأسك من السُّجود فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ تنهض فتقولهنَّ خمسَ عشرَ مرةً، ثم تقرأ الفاتحة وسورة، ثمَّ تركع وتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ ترفع رأسك من الرُّكوع فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ تخرّ ساجداً فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ ترفع رأسَك من السُّجود فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ تسجد فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ ترفع رأسَك من السُّجود فتقولهنَّ عشرَ مراتٍ، ثمَّ تتشهَّد وتسلِّم، ثمَّ تقوم فتصلِّي ركعتين أُخْراوَيْن، فتصنع فيهما مثل ذلك، ثمَّ تسلِّم، قال أبو جعفر عليه السلام: فذلك خمس وسبعون مرَّةً، في كلِّ ركعةٍ ثلاث مائة تسبيحة، يكون ثلاث مائة مرَّة في الأربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة، يضاعفها الله عزَّوجل، ويُكْتب لك بها اثنتي عشرة ألف حسنة، الحسنة منها مثل جبل أُحُد وأعظم)(2).

وهذه الرِّواية رواها الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله في الفقيه إلى أبي حمزة الثُّمالي، وفي السَّند محمَّد بن الفضيل المردَّد بين النَّهدي الثقة وبين الصَّيرفي الكوفي الأزدي الضَّعيف، ولا مميِّز بينهما، وإن كان يغلب على الظَّنّ أنَّه النَّهدي الثقة، إلَّا أنَّ الظَّنّ لا يغني عن الحقِّ شيئاً.

وعبَّر عنها صاحب الحدائق رحمه الله: (في القويّ، وقيل: في الصَّحيح كما عدَّه العلَّامة).

وصاحب الجواهر رحمه الله وفي كلماته المتفرقة: تارةً عبَّر عنها بالخبر، وأخرى بصحيح الثُّمالي.

أقول: قال الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله في المشيخة بعد ذِكْر طريقه إلى أبي حمزة الثُّمالي: (وطُرُقي إليه كثيرة، ولكنِّي اقتصرت على طريق واحد منها).

وعليه، فمن المستبعد جدًّا أنْ تكون طُرُقه كلّها ضعيفة؛ ومن هنا تطمئنّ النَّفس إلى صحَّة واحد منها، والله العالم.

ثمَّ إنَّ ما تضمنته هذه الرِّواية من تقديم التسبيح على القراءة، وكذا ما في ترتيب أجزاء التسبيحات، مخالِف لِمَا هو مذكور في سائر الرِّوايات، فلو قلنا باعتبارها -كما هو الأقوى- لأمكن الجمع بينها وبين سائر الرِّوايات بالحَمْل على التخيير، وإنْ كان لا خلاف في ترتيب الذِّكْر سوى ما عن الفقيه من التخيير بينه وبين تقديم التكبير جمعاً بين الرِّوايات.

ولا ريب أنَّ ما عليه المشهور أَوْلى بالرِّعاية، كما أنَّه أَوْلى بالرِّواية، من حيث تقديم القراءة على التسبيح.

ثمَّ إنَّ مقتضى إطلاقِ جملةٍ من الرِّوايات جواز الاجتزاء بأيِّ سورة تكون.

ولكنْ في رواية المفضَّل بن عمر المتقدِّمة (تقرأ في صلاة جعفر في الرِّكعة الأُولى الحَمْد، وإذا زلزلت الأرض، وفي الثانية الحَمْد والعاديات، وفي الثالثة الحَمْد، وإذا جاء نصر الله، وفي الرَّابعة الحَمْد وقُلْ هُوْ الله أَحَدٌ...) (3)، وقد عرفت أنَّها ضعيفة بمحمَّد بن سنان، وعدم وثاقة محمَّد بن عليِّ بن معمَّر.

ونظيرها في الأمر بقراءة الأربع سور معتبرة إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليه السلام (قال: تقرأ في الأُولى إذا زلزلت، وفي الثانية والعاديات، وفي الثالثة إذا جاء نصر الله، وفي الرَّابعة قُلْ هُوْ الله أَحَدٌ، قلتُ: فما ثوابها؟ قال: لو كان عليه مثلُ رملِ عَالِج ذنوباً غفر الله له، ثمَّ نظر إليّ، فقال: إنَّما ذلك لك ولأصحابك)(4)، وإبراهيم بن عبد الحميد يدور أمره بين الأسدي الكوفي الثقة، وبين الصنعاني الذي مدحه الفضل بن شاذان، بقوله : (صالح)، مع التأييد بقول ابن شهر آشوب: (أنَّه موثق).

ومقتضى القاعدة هو الحَمْل على الأفضليَّة، إذ لا مقتضٍ لحمل المطلق على المقيَّد في المستحبَّات.

وفي صحيحة إبراهيم بن أبي البلاد (قال: قلتُ لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: أيُّ شيءٍ لِمَنْ صلَّى صلاةَ جعفرٍ؟ قال: لو كان عليه مِثلُ رملِ عَالِج وزَبَد البحر ذنوباً لغفرها الله له، قال: قلتُ: هذه لنا؟ قال: فلِمَنٍ هي إلَّا لكم خاصَّة، قلتُ: فأيُّ شيءٍ أقرأ فيها؟ وقلتُ: اعترض القرآن؟ قال: لا، اِقرأ فيها إذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله، وإنَّا أنزلناه في ليلةِ القدر، وقل هو الله أحد)(5).

وقد عرفت أنَّه محمول على الأفضليَّة؛ واختلاف الرِّوايات منزَّل على اختلاف جهات الفضل.

والخلاصة: أنَّه يجوز أن يقرأ بأيِّ سورة كانت، والأفضل ما عليه الأعلام، كما في معتبرة إبراهيم بن عبد الحميد، ورواية المفضَّل بن عمر.

 

قوله: (ويجوزُ تجريدُها عنه، وقضاؤه عند العجلة)

المعروف بين الأعلام أنَّه يجوز تجريدها عن التسبيح ثمَّ قضاؤه بعدها -وهو ذاهب في حوائجه- لمَنْ كان مستعجلاً.

وقد يستدلّ له بروايتَيْن:

الأُولى: رواية أبان (قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: مَنْ كان مستعجلاً يصلِّي صلاةَ جعفرٍ مجردةً، ثمَّ يقضي التسبيحَ وهو ذاهب في حوائجه)(6)، وهي ضعيفة بجهالة مُحْسِن بن أحمد.

___________

(1) الوسائل باب2 من أبواب صلاة جعفر ح1.

(2) الوسائل باب1 من أبواب صلاة جعفر ح5.

(3) الوسائل باب7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح1.

(4) الوسائل باب2 من أبواب صلاة جعفر ح3.

(5) الوسائل باب2 من أبواب صلاة جعفر ح2.

(6) الوسائل باب8 من أبواب صلاة جعفر ح.1

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo