< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/04/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الآيات(20)

أقول: يدلّ على ما ذهب إليه المشهور، بل المعظم، منِ استحباب الإعادة، صحيحة معاوية بن عمَّار (قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: صلاةُ الكُسُوف إذا فرغتَ قبلَ أنْ ينجليَ فأَعِدْ)(6).

والأمر، وإن كان ظاهراً في الوجوب، إلَّا أنَّه يُحْمل على الاستحباب، جمعاً بينه وبين موثَّقة عمَّار عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: قال: إنْ صلَّيت الكُسُوف إلى أن يذهب الكُسُوف عن الشَّمسِ والقمرِ، وتطوِّل في صلاتك، فإنَّ ذلك أفضل، وإذ أجببت أن تصلِّي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكُسُوف فهو جائز...)(7)، وهي صريحة في عدم وجوب الإعادة.

ثمَّ إنها، وإن كانت ضعيفة بهذا الطَّريق لعدم وثاقة عليّ بن خالد، إلَّا أنَّ الشَّيخ رحمه الله رواها أيضاً بإسناده عن عمَّار، وإسناده إليه صحيح، راجع الباب العاشر من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات، الحديث العاشر.

وكذا يُحْمل صحيح معاوية بن عمَّار المتقدِّم على الاستحباب، جمعاً بينه وبين حسنة زرارة ومحمَّد بن مسلم المتقدِّمة، حيث ورد فيها: (فإن فرغت قبل أن ينجلِّي فاقعد، وادعُ الله حتَّى ينجلي...)(1).

وكذا رواية دعائم الإسلام عن عليٍّ عليه السلام (أنَّه صلَّى صلاة الكُسُوف، فانصرف قبل أن ينجلي، وجلس في مصلَّاه يدعو ويذكر الله، وجلس النَّاس معه كذلك يدعون حتَّى انجلت)(2)، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

قال صاحب الحدائق رحمه الله: (والمستفاد من هذه الأخبار -بعد ضم بعضها إلى بعض- هو وجوب الجلوس والدُّعاء، أو الإعادة حتَّى ينجلي، مخيَّراً بينهما...).

وفيه: ما لا يخفى، فإنَّ ما ذهب إليه من الوجوب التخييري مخالِف للتسالم بين الأعلام من أنَّ الإعادة إمَّا مستحبَّة -وهو قول المعظم- أو واجبة تعييناً، كما حُكِي عن البعض، مع أنَّه يحتمل أن يكون مرادهم الاستحباب، فتتفق آراء الأعلام.

وأمَّا ابن إدريس رحمه الله، فقد عرفت أنَّه لا مستند له مع الاتِّفاق على رجحان الإعادة.

نعم، قد يستدلّ له بأنَّ موثَّقة عمَّار ظاهرة في حَصْر القِسْمة بين التطويل وعدمه، من غيرِ تعرُّض لذِكْر الإعادة، فلو كانت مستحبَّةً لم تكن القِسْمة حاصِرةً.

وفيه: أنَّ الحَصْر ليس من جميع الجهات، بل المنظور في الموثَّقة هو أنَّ الحكم بالجواز على تقدير الفراغ قبل الانجلاء إنَّما هو في مقابل التطويل المستحبّ، وليس في مقام البيان من جهة استحباب الإعادة وعدمه.

وعليه، فلا ينافي استحباب الإعادة من دليل آخر.

ثمَّ إنَّ الظَّاهر استحباب الإعادة مطلقاً -أي ولو أكثر مِنْ مرة- لا لأنَّ الأمر للتكرار، بل لخصوص المقام الظَّاهر في إرادة التشاغل بالصَّلاة ما دامت الآية، بل هو مقتضى إطلاق صحيحة زرارة ومحمَّد بن مسلم المتقدمة (فصلِّ له صلاة الكُسُوف حتَّى يسكن)(3).

وعليه، فما عن بعض الأعلام، من تقييد استحباب الإعادة بعدد معيّن، في غير محله، والله العالم بحقائق أحكامه.

__________

(1) الوسائل باب7 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح6.

(2) دعائم الإسلام: ج1، ص201.

(3) الوسائل باب2 من أبواب صلاة الكُسُوف والآيات ح1.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo