< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة العيدَيْن(19)

أقول: ما ذكره السَّيّد المرتضى (رحمه الله) واستقربه المصنِّف (رحمه الله) هو الصَّحيح، لأنَّ المفهوم من الرِّوايات أنَّ التخيير إنَّما هو للمأمومِين، ولا أقلّ أنَّه لا ظهور في الرِّوايات، بحيث يشمل الإمام، بل ظاهر بعضها خلافه، كما في موثَّقة إسحاق بن عمار: (فأنا أصلِّيهما جميعاً).

وعليه، فيجب على الإمام أن يحضر، فإنْ حصل معه العدد صلَّى جمعةً، وإلَّا صلَّى ظهراً، والله العالم.

__________

(1) الوسائل باب15 من أبواب صلاة العيد ح2.

 

قوله: (ويستحبّ التكبير في الفطر عقيب أربع صلوات، أوَّلها المغرب ليلته، وآخرها صلاة العيد، وأضاف ابن بابويه الظُّهرين)

قال المصنِّف في الذِّكرى: (يستحبّ التكبير في العيدين؛ وفيه مباحث، أحدها: الأشهر أنَّه مستحبّ، وعليه معظم الأصحاب -إلى أن قال:- هذا التكبير مستحبّ للمنفرد والجامع والحاضر والمسافر والبلدي والقروي والذَّكر والأنثى والحرّ والعبد للعموم).

وفي المدارك: (استحباب التكبير في الفطر عقيب هذه الفرائض الأربع، مذهب أكثر الأصحاب؛ وظاهر المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ في الانتصار أنَّه واجب؛ وضم‌ بن بابويه إلى هذه الصَّلوات الأربع صلاة الظُّهرين؛ وابن الجنيد النوافل أيضاً).

وفي الجواهر: (على المشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً، بل عليه عامَّة المتأخِّرين، بل يمكن دعوى الإجماع عليه، كما عن جامع المقاصد والغريَّة -إلى أن قال:- وعن المعتبر استحبابُه في الفطر قَوْلُ فضلائنا وأكثر الجمهور؛ بل عن الخلاف والغنية الإجماع عليه؛ وعن الأَمالي أنَّه من دِين الإماميَّة؛ بل عن مصابيح الظلام قدِ اتَّفقت الشِّيعة‌ في الأعصار والأمصار على عدم الالتزام به أي في العيدين، العلماء والأعوام) .

أقول: قدِ استُدل للمشهور القائل بالاستحباب بجملة من الرِّوايات:

منها: رواية سعيد النقَّاش (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام لِي: أَمَا إِنَّ فِي الْفِطْرِ تَكْبِيراً وَلكِنَّهُ مسنون (مَسْتُورٌ خ ل)، قَالَ: قُلْتُ: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي لَيْلَةِ الْفِطْرِ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَفِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَفِي صَلَاةِ الْعِيدِ، ثُمَّ يُقْطَعُ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ (الله أكبر خ ل) لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلّهِ‌ الْحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ عَلى مَا هَدَانَا، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} يَعْنِي الصِّيَامَ {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ})(1).

ولا يخفى أنَّ ما في ذَيْل الرِّواية من التصريح بوقوع هذا التكبير امتثالاً للأمر بالتكبير الوارد في الكتاب، كالنصّ في إرادة السُّنة، بمعنى الاستحباب، لا ما ثبت وجوبه بغير الكتاب.

وإلَّا لو كان المراد من الآية الوجوب لكان حقّ العبارة في الرِّواية أن يُقال: إنَّه مفروض، أي واجب بالكتاب.

ولكنَّ الرِّواية ضعيفة بجهالة سعيد النقَّاش، وعدم وثاقة خَلَف بن حمَّاد.

وما فيها من تثليث التكبير، إنَّما هو في بعض نسخ التهذيب، ولكن في نسخة الكافي والفقيه وأكثر نسخ التهذيب تثنية التكبير.

ومنها: صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام (قال: سألته عن التكبير أيام التشريق أَوَاجب هو أم مستحبّ؟ قال: يستحبّ، فإنْ نسي فليس عليه شيء)(2)، وهذه الصَّحيحة وإن وردت في تكبير أيام التشريق، إلَّا أنَّه يثبت الحكم في المقام، بناءً على عدم القول بالفصل بينهما، فثبوت الاستحباب في أيام التشريق تلزمه في المقام، كالعكس، فيصحّ الاستدلال بأدلّة كلّ من الطرفين على الآخر، بناءً على عدم القول بالفصل بينهما، كما هو الأقوى.

ومنها: ما عن مستطرفات السَّرائر نقلاً عن جامع البزنطي ©وقال: يكبِّر أيام التشريق عند كلّ صلاة، قلتُ له كم؟ قال: كم شئت، إنَّه ليس بمفروض®(3).

فقوله: (كم شئت)، مع تعليله بأنَّه ليس بمفروض، كالصَّريح في إرادة نفي الوجوب بالمعنى المصطلح عليه.

والمقصود بالسُّؤال على ما يظهر من سَوْق الرِّواية هو تكبير الفطر والأضحى.

ولكنَّ الرِّواية ضعيفة السَّند، لأنَّ ابن إدريس (رحمه الله) لم يذكر طريقه إلى نوادر البزنطي، فتكون مرسلةً أو بحكم المرسلة.

_________

(1) الوسائل باب20 من أبواب صلاة العيد ح2.

(2) الوسائل باب21 من أبواب صلاة العيد ح10.

(3) الوسائل باب24 من أبواب صلاة العيد ذيل ح1.

 

ويدلّ على مشروعيَّة التكبير ليلة الفطر وقوعه، مع قطع النَّظر عن وجوبه أو استحبابه، حسنة معاوية بن عمَّار عن أبي عبد الله عليه السلام: (قال: تكبِّر ليلة الفطر، وصبيحة الفطر، كما تكبّر في العشر)(1).

والمراد بـ (العشر)، هي العشر صلوات التي سنذكر استحباب التكبير عقيبها في عيد الأضحى، في سائر الأمصار.

والإنصاف: أنَّ هناك تسالماً بين الأعلام قديماً وحديثاً على رجحان التكبير في الفطر مع قطع النَّظر عن الاستحباب أو الوجوب.

ثمَّ إنَّه قدِ استُدلّ للوجوب بظاهر الآية الشّريفة: {وَلْتكبروا الله على ما هداكم}).

وفيه: أنَّ الأمر محمول على النَّدب جمعاً بينها وبين ما تقدَّم وما سيأتي.

وقدِ استُدل أيضاً بجملة من الرِّوايات:

منها: ما رواه الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في كتاب الخِصال بإسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمَّد عليه السلام في حديث شرائع الدِّين (قال: والتكبير في العيدين واجب؛ أمَّا في الفطر ففي خمس صلوات مبتدأ به من صلاة المغرب ليلة الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر، وهو أن يقال: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر، على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا لقوله عزَّوجل: {وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم}، وبالأضحى في الأمصار في دبر عشر صلوات، مبتدأ به من صلاة الظّهر يوم النحر إلى الصَّلاة الغَدَاة يوم الثلاث، وفي مِنًى في دُبُر خمس عشرة صلوات، مبتدأ به من صلاة الظُّهر يوم النّحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع، ويزاد في هذا التكبير والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام)(2).

وقد ذكرنا في أكثر من مناسبة أنَّ إسناد الصَّدوق (رحمه الله) إلى الأعمش في حديث شرائع الدِّين ضعيف بجهالة أكثر من شخص.

ومنها: رواه الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في عيون الأخبار بإسناده عن الفضل بن شاذان عن الرِّضا (أنَّه كتب إلى المأمون: والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دُبُر خمس صلوات، ويبدأ في دُبُر صلاة المغرب ليلة الفطر...)(3).

والمراد بالخمس في هذه الرِّواية والرواية السَّابقة هو خمس فرائض مع صلاة العيد فتكون ستّاً.

وقد ذكرنا أيضاً في أكثر من مناسبة أنَّ إسناد الصَّدوق للفضل بن شاذان عن الرِّضا عليه السلام فيما كتبه إلى المأمون ضعيف بجهالة عبد الواحد بن محمَّد بن عبدوس النيشابوري العطار.

وهذه الرِّواية رواها أيضاً الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول(4)، ولكنَها أيضاً ضعيفة بالإرسال؛ وهذه مشكلة كتاب تحف العقول فإنَّه مرسل.

________

(1)و(2)و(3)و(4) الوسائل باب20 من أبواب صلاة العيد ح1و6و5وذيل ح5.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo