< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/02/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة العيدَيْن(17)

 

قوله: (ويعمل مِنْبراً في الصَّحراء، ولا يُنْقل مِنْبر الجامع)

المعروف بين الأعلام أنَّه يُكره نقل المِنْبر من الجامع، ويستحبّ أن يُعمل شبهه من طِين.

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (لا يُنْقل المِنْبر من الجامع إجماعاً، بل يُعْمل شبهه من طِين...).

وفي المدارك: (هذان الحكمان إجماعيان، منصوصان في عدَّةِ رواياتٍ...).

وفي الجواهر: (بلا خلاف أَجِده فيه...).

أقول: يدلّ عليه -مضافاً للتسالم بينهم- صحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: قلتُ له: أرأيتَ صلاة العيدين، هل فيهما أَذان وإقامة، قال: ليس فيهما أَذان وإقامة، ولكن يُنادى: الصَّلاة، ثلاث مرات، وليس فيهما مِنْبر، المِنْبر لا يُحرَّك من موضعه؛ ولكن يُصْنع للإمام شِبه المِنْبر من طِين، يقوم عليه فيخطب بالنَّاس، ثمَّ ينزل)(2).

والمراد من النَّهي في الصَحيحة هو الكراهة بالاتِّفاق، بل في المعتبر: (أنَّه فتوى العلماء، وعَمَل الصَّحابة...).

وفي مصباح الفقيه: (ولكن يحتمل قويّاً كون النَّهي عن نَقْل المِنْبر لِكونه وَقْفاً للمسجد، لا لِكونه من حيث هو مكروهاً).

أقول: يحرم النقل بالعارض، كما لو أثبته الواقف في المسجد على وجهٍ ظاهرٍ في عدمِ إرادةِ نَقْله، والله العالم.

____________

(1) الوسائل باب7 من أبواب صلاة العيد ح10.

(1) صدره في الوسائل باب7 من أبواب صلاة العيد ح1، وذيله في باب 33 من أبواب صلاة العيد.

 

قوله: (ولو قدَّم التكبير على القراءة ناسياً أعاده)

اِعلم أنَّه لا تبطل هذه الصَّلاة بالإخلال بما عدا الأركان سهواً ونسياناً، بل عليه تدارك الفائت مع بقاء محلِّه، والمضي في صلاته بعد دخوله في ركوعٍ أو سجود.

وعليه، فلو قدَّم التكبير على القراءة نسياناً أعاده قطعاً.

نعم، يقتصر على إعادة التكبير خاصَّةً، لحصول الامتثال به.

قوله: (ولو نسيَه حتَّى ركع، قيل: يقضيه بعد التسليم)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (لو نسيَ التكبيرات أو بعضها حتَّى يركع مضى في صلاته، ولا شيء عليه، إذ ليست أركاناً؛ وهل تُقضى بعد الصَّلاة؟ أثبته الشَّيخ؛ ولعلَّه لِما سبق من الرِّواية في باب السَّهو المتضمنة لقضاء الفائت من الصَّلاة بعدها...).

أقول: أشار بالرِّواية إلى صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: إذا نسيتَ شيئاً من الصَّلاة، ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً، ثمَّ ذكرتَ، فاصنع الذي فاتك سواء)(1).

ثمَّ قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (ونفاه في المعتبر، وتبعه الفاضل، لأنَّه ذَكَر [عند] تجاوز محلّه، فيسقط بالنافي السليم عن المعارِض، وكأنَّه عنى بالنافي دلالة الأصل على عدم القضاء، وأنَّ الفائت لا يجب قضاؤه، وعنى بالمعارِض الأمر الجديد الدَّال على القضاء، فإنَّه منفي؛ وللشَّيخ أنْ يُبْدي وجود المعارض، وهي الرِّواية المشار إليها).

أقول: ما ذهب إليه المحقِّق رحمه الله في المعتبر -من عدم وجوب القضاء- هو الصَّحيح، بل أغلب الأعلام ذهبوا إلى عدم وجوب القضاء.

وأمَّا صحيحة ابن سنان المتقدِّمة فإنَّه غير معمول بها على إطلاقها، وإنَّما أوجب الأعلام قضاء أشياء معينة، كالتشهُّد والسَّجدة الواحدة والقنوت بالأدلَّة الخاصة، وأبطلوا الصَّلاة بنسيان الرُّكن كالرُّكوع والسَّجدتين .

والخلاصة: أنَّ التكبير لا يُقضى؛ فما ذهب إليه الأعلام من عدم القضاء هو الصَّحيح، والله العالم.

قوله: (ولو سبق المأموم وَالَى بين التكبير، فإنْ تعذَّر قضاه)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى: (لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام دخل معه، فإذا ركع الإمام ركع معه على القول بالندب، لأنَّه لا يترك المتابعة الواجبة، لأجل النَّدْب -إلى أن قال:- أمَّا على القول بوجوبه فيحتمل منعه من الاقتداء إذا علم التخلُّف عن الإمام، فلوِ اقتدى ولمَّا يعلم، ولم يمكنه الجمع بين المتابعة وبين التكبير، فإنَّه ينوي الانفراد؛ ويحتمل جواز الاقتداء، ويسقط القنوت، ويأتي بالتكبير ولاءً، لتحقُّق الخلاف في وجوبه بخلاف المتابعة؛ ويشكل بأنَّ بنينا على الوجوب، والمتابعة وإن كانت واجبةً فوجوبها ليس جزءاً من الصَّلاة من حيث هي صلاة، بخلاف التكبير والقنوت...).

أقول: لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام دخل معه، فإذا ركع معه حتَّى على القول بوجوب التكبير والقنوت، ولم يتمكن من الإتيان بالباقي ولو مخفَّفاً، لأنَّهما حينئذٍ كالقراءة، ولا قضاء عليه بعد التسليم كما عرفت، بل لو أدرك الإمام راكعاً كبر ودخل معه، واجتزأ بالرِّكعة ولا قضاء عليه، حتَّى فيما إذا لم يتمكَّن من التكبير ولاءً.

وذلك لإطلاق أدلَّة الائتمام، ففي صحيحة سُليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام (أنَّه قال في الرَّجل إذا أدرك الإمام، وهو راكع، وكبَّر الرَّجل، وهو مقيم صلبه، حتَّى ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه، فقد أدرك الرِّكعة)(2)، وهي مطلقة تشمل الفرائض اليوميَّة وغيرها.

وأمَّا عدم وجوب القضاء بعد التسليم فقد عرفته سابقاً.

______

(1) الوسائل باب12 من أبواب الركوع ح3.

(2) الوسائل باب45 من أبواب صلاة الجماعة ح1.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo