< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/02/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة العيدَيْن(12)

ومنها: رواية محمَّد بن مسلم (قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن التكبير في الفطر والأضحى، قال: قال: اِبدأ تكبِّر تكبيرةً، ثمَّ تقرأ، ثمَّ تكبِّر بعد القراءة خمس تكبيرات، ثمَّ تركع بالسَّابعة، ثمَّ تقوم فتقرأ، ثمَّ تكبِّر أربع تكبيرات، ثمَّ تركع بالخامسة)(1)، وهي ضعيفة بعبد الله بن بحر.

ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) (في صلاة العيدين، قال: الصَّلاة قبل الخطبة، والتكبير بعد القراءة سبع في الأُولى، وخمس في الأخيرة...)(2).

وقدِ استُدل للقول الثاني المحكي عن ابن الجنيد (رحمه الله) بعدَّة روايات أيضاً:

منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: التكبير في العيدين، في الأُولى سبع قبل القرءاة، وفي الأخيرة خمس بعد القراءة)(3).

ومنها: موثَّقة سماعة (قال: سألتُه عن الصَّلاة يوم الفطر، فقال: ركعتين بغير أَذان ولا إقامة، وينبغي للإمام أن يصلِّي قبل الخطبة، والتكبير في الرِّكعة الأُولى، يكبِّر ستّاً، ثمَّ يقرأ، ثمَّ يكبر السَّابعة، ثمَّ يركع بها، فتلك سبع تكبيرات، ثمَّ يقوم في الثانية فيقرأ، فإذا فرغ من القراءة كبَّر أربعاً، ثمَّ يكبِّر الخامسة، ويركع بها، وينبغي أن يتضرَّع بين كلّ تكبيرتين ويدعو الله، هذا في صلاة الفطر؛ والأضحى مثل ذلك سواء...)(4)، ومضمرات سماعة مقبولة، كما عرفت في أكثر من مناسبة.

__________

(1)و(2) الوسائل باب10 من أبواب صلاة العيد ح10و3و7و8و11و5.

(3)و(4) الوسائل باب10 من أبواب صلاة العيد 18و19.

 

ومنها: صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرِّضا (عليه السلام) (قال: سألتُه عن التكبير في العيدين، قال: التكبير في الأُولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الأخرى خمس تكبيرات بعد القراءة)(1).

ومنها: صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) (في صلاة العيدين، قال: تصِل القراءة بالقراءة، وقال: تبدأ بالتكبير في الأُولى، ثمَّ تقرأ، ثمَّ تركع بالسَّابعة)(2).

ومنها: رواية أبي الصُّباح (قال: سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن التكبير في العيدين، فقال: اثنتي عشرة، سبعة في الأُولى، وخمسة في الأخيرة، فإذا قمت إلى الصَّلاة فكبِّر واحدةً، تقول: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّداً عبده ورسوله -إلى أن قال:- قال: وتقرأ الحمد و{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وتكبِّر السَّابعة، وتركع وتسجد، وتقوم وتقرأ {َالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، وتقول: الله أكبر، أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، وأنَّ محمَّداً عبده ورسوله، اللَّهمّ أنت أهل الكبرياء، تتمه كلّه، كما قلته أوَّل التكبير، يكون هذا القول في كلِّ تكبيرة، حتَّى تتمّ خمس تكبيرات)(3)، وهي ضعيفة، لاشتراك محمَّد بن الفضيل الرَّاوي عن أبي الصُّباح الكناني بين الكوفي الأزدي الضعيف وبين النَّهدي البصري الثقة.

هذا، وقد أجاب الشَّيخ (رحمه الله) في كتابي الحديث عن هذه الأخبار: (بالحمل على التقيَّة، لأنَّها موافقة لمذهب بعض العامَّة).

أقول: ما ذكره الشَّيخ (رحمه الله) هو الموافق للقاعدة في المقام، لأنَّ الرِّوايات متعارضة، ولا يمكن الجمع العرفي بينها، ومقتضى القاعدة في باب التعادل والتراجيح هو الأخذ بموافقة الكتاب العزيز، فإن لم تجد أحد الخبرين موافقاً له فيتعيَّن الأخذ بما خالف العامَّة.

والطَّائفة الأُولى من الرِّوايات مخالفة لهم، والطَّائفة الثانية موافقة لأبي حنيفة وأحمد، وابن مسعود وحديفة وأبي موسى والحسن وابن سيرين والثوري، وأصحاب الرأي.

بل إذا تأمَّلت تجد أنَّ الطَّائفة الثانية من الرِّوايات أعرض عنها جميع الأعلام قديماً وحديثاً، سوى ابن الجنيد (رحمه الله) الذي قد طعنوا عليه بموافقته للعامَّة في جملة من فتواه، بل عمله بالقياس الذي هو من أصول العامَّة.

وعليه، فمخالفته لا تضرّ بصدق إعراض جميع الأعلام عن هذه الطَّائفة، وذكرنا في علم الأصول أنَّ إعراض المشهور عن رواية صحيحة، وإن لم يوجب الوهن، إلَّا أنَّ إعراض الكل يوجب سقوط الرِّواية عن الاعتبار والحجيَّة، فلا تصل النَّوبة حينئذٍ إلى التعارض والتراجيح.

وعليه، فالقول الأوَّل هو المشهور بين الأعلام، بل هو المتّفق عليه بينهم، فيتعيَّن الأخذ به، والله العالم.

الأمر الثاني: هل هذه التكبيرات التسع واجبة، أو مستحبة؟

وفي المدارك: (فقال الأكثر، كالسَّيد المرتضى وابن الجنيد وأبي الصَّلاح وابن إدريس بالوجوب، وهو الأصحّ للتأسّي، وظاهر الأمر، وقال المفيد في المقنعة: مَنْ أخلّ بالتكبيرات التِّسع لم يكن مأثوماً، إلَّا أنَّه يكون تاركاً سنَّةً ومهملاً فضيلةً، وهو يعطي استحباب التكبير الزَّائد...).

وفي الذِّكرى: (قال الشَّيخ -وتبعه صاحب المعتبر- أنَّه مستحبّ...).

_________

(1)و(2) الوسائل باب10 من أبواب صلاة العيد ح20و16.

(3) الوسائل باب26 من أبواب صلاة العيد ح5.

 

أقول: أمَّا القول بالوجوب، فقد استُدلّ له بالرِّوايات المتقدِّمة، حيث ظاهر الأمر فيها الوجوب.

وأمَّا الاستدلال بالتأسِّي، كما عن صاحب المدارك (رحمه الله)، فقد عرفت في أكثر من مناسبة، أنَّ فَعْل المعصوم (عليه السلام) مجمل، والقدر المتيقّن منه هو الاستحباب.

وأمَّا القول بالاستحباب، فقد استدلّ له الشَّيخ في التهذيب بصحيحة زرارة (أنَّ عبد الملك بن أعين ، سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن الصَّلاة في العيدين، فقال: الصَّلاة فيهما سواء، يكبِّر الإمام تكبير الصَّلاة قائماً، كما يصنع في الفريضة، ثمَّ يزيد في الرِّكعة الأُولى ثلاث تكبيرات، وفي الأخرى ثلاثاً، سوى تكبير الصَّلاة والرُّكوع والسُّجود، وإن شاء ثلاثاً وخمساً، وإن شاء خمساً وسبعاً، بعد أن يلحق ذلك إلى وتر)(1).

قال الشَّيخ (رحمه الله): (أَلَا ترى أنَّه جوَّز الاقتصار على الثلاث تكبيرات وعلى الخمس تكبيرات، وهذا يدلّ على أنَّ الإخلال بها لا يضرّ الصَّلاة).

_______

(1) الوسائل باب10 من أبواب صلاة العيد ح17.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo