< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/02/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة العيدَيْن(3)

= الشرط الثاني: الجماعة، وهو متفق عليه، وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه، بل بالإجماع صرَّح بعضُهم).

أقول: يدلّ على هذا الشَّرط مضافاً للتسالم بين الأعلام، ومضافاً للرِّوايات المتقدِّمة، والتي منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (قال: مَنْ لم يصلِّ مع الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له، ولا قضاء عليه)(1).

وكذا حسنة زرارة (قال: قال أبو جعفر(عليه السلام): ليس يوم الفطر والأضحى أَذان ولا إقامة -إلى أن قال:- ومَنْ لم يصلِّ مع إمام جماعةً فلا صلاة له، ولا قضاء عليه)(2).

روايتان أخريان:

الأُولى: رواية محمَّد بن قيس عن جعفر بن محمَّد (عليه السلام) (قال: إنَّما الصَّلاة يوم العيد على مَنْ خرج إلى الجبانة، ومن لم يخرج فليس عليه صلاة)(3)، وهي ضعيفة بجهالة محمَّد بن خالد التميمي.

الثانية: رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لِمنِ استطاع الخروج إليها، فقلت: أرأيت إن كان مريضاً لا يستطيع أن يخرج، أيصلِّي في بيته؟ قال: لا)(4)، وهي معتبرة، فإنَّ يزيد بن إسحاق شَعَر وإن كان غير موثَّق إلَّا أنَّه ممدوح جدًّا.

وقد يستفاد من هاتين الرِّوايتين بعد قطع النَّظر عن ضعف السَّند في الأُولى جواز ترك الصَّلاة حتَّى معِ اجتماع الشَّرائط، حيث جعل فيهما بحسب الظَّاهر الخروج إلى الجبانة شرطاً للوجوب مع كونه مقدِّمةً للواجب على تقدير اجتماع سائر الشَّرائط.

وقد يجاب عن ذلك: بأنَّ هاتين الروايتين جاريتان مجرى الغالب في تلك الأعصار، من عدم كون إمام منصوبا من قِبَل الإمام المعصوم (عليه السلام)، بل من قِبَل الجائر، فلم يكن شرط الوجوب حاصلاً كي يجب الخروج إليها، والله العالم.

وأمَّا الشَّرط الثالث -وهو الاتحاد بالجمعة، والشَّرط الرَّابع وهو العدد كالجمعة، والشرط الخامس وهو الخطبتان بعدها- فسنتكلم -إن شاء الله تعالى عنها- تبعاً لِذْكر المصنِّف لها.

_________

(1) الوسائل باب2 من أبواب صلاة العيد ح3.

(2) الوسائل باب2 من أبواب صلاة العيد ح1.

(3و4) الوسائل باب2 من أبواب صلاة العيد ح9و8.

قوله: (إلَّا أنّها مع اختلالها تصلّى ندبا جماعةً وفرادى، وكذا لو فاتت مع الإمام)

قال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: (وشروطها شروط الجمعة السَّالفة -إلى أن قال:- وتُفارِق الجمعة عند الأصحاب بأنَّها مع عدم الشَّرائط تصلَّى سنَّةً جماعةً -وهي أفضل- وفرادى...وقال السّيِّد المرتضى (قدس الله روحه) تصلَّى عند فَقْد الإمام واختلال بعض الشَّرائط فرادى، وقال أبو الصَّلاح: يقبح الجمع فيها مع اختلال الشَّرائط، وصرح الأكثر بأنَّها تُصلَّى جماعةً، وقال الشيخ محمد بن ادريس: من قال: "يصلِّي على الانفراد" أراد به: من الشَّرائط لا صلاتها منفردةً، وقال الشيخ قطب الدِّين الرَّاوندي من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنة بلا خطبتين، ولكن جمهور الإمامية يصلّونها جماعةً، وعملهم حجّة، ونصَّ عليه الشَّيخ في الحائريات).

ونقل عن ظاهر الصَّدوق (في المقنع وابن أبي عقيل (رحمهم الله) أيضاً القول بعدم مشروعيَّة الانفراد فيها مطلقاً.

وقد عرفت أنَّ ظاهر جماعة من القدماء وجماعة من المتأخِّرين القول: بأنه عند فَقْد الإمام أو اختلال بعض الشَّرائط يصلِّي منفرداً، ولا يشرع له الجماعة نَدْباً.

ومنهم صاحب الجدائق (رحمه الله)، حيث قال: (إنَّا لم نقف لِمَا ذكره الأصحاب (ضوان الله عليهم) من الاستحباب جماعة مع اختلال بعض شروط الوجوب على دليل...).

وأمَّا العامَّة فإنَّهم بين قائل بتعيُّن الاستحباب جماعةً، وقائل بالتخيير بين الجماعة والانفراد، وهو قول أكثرهم.

إذا عرفت ذلك، فقدِ استُدلّ للقول بعدم مشروعيَّة الانفراد ببعض الرِّوايات:

منها: صحيحة محمَّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام): (قال: سألتُه عن الصَّلاة يوم الفطر والأضحى، فقال: ليس صلاة إلَّا مع إمام)(1)، وكذا كلّ الرِّوايات الدَّالة على نفي الصَّلاة بدون الإمام بناءً على إرادة المعصوم أو نائبه منه.

ومنها: معتبرة هارون بن حمزة الغنوي المتقدِّمة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لِمنِ استطاع الخروج إليها، فقلتُ: أرأيت إن كان مريضاً لا يستطيع أن يخرج، أيصلِّي في بيته؟ قال: لا)(2)؛ وقد عرفت سابقاً وجه اعتبارها.

ولكنْ تُحمَل هذه الرِّوايات على إرادة نفي الوجوب من ذلك كلِّه، لا المشروعيَّة، بل هذا الحمل متعيِّن، وذلك للجمع بينهما وبين ما دلّ على استحباب الإتيان بها فرادى بالصَّراحة أو الأظهريَّة، كما في جملة من الروايات :

منها: صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: من لم يشهد جماعة النَّاس في العيدين فَلْيغتسل وَلْيتطيب بما وجد، وَلْيصلّي في بيته وحده، كما يصلِّي جماعةً في جماعة)(3).

ومنها: صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: فرض أبي يوم الأضحى فصلَّى في بيته ركعتين، ثمَّ ضحَّى)(4)، وهي صحيحة بطريق الشَّيخ الطوسي (رحمه الله)، وكذا بطريق الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) لأنَّ محمَّد بن عليّ ماجيلوَيْه الواقع في طريق الصَّدوق (رحمه الله) من المعاريف الكاشف ذلك عن وثاقته.

ومنها: موثَّقة الحلبي أو صحيحته (قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرَّجلِ لا يخرج في يوم الفطر والأضحى، عليه صلاة وحده؟ قال: نعم)(6).

_________

(1و2) الوسائل باب2 من أبواب صلاة العيد ح4و8.

(3و4) الوسائل باب3 من أبواب صلاة العيد ح1و3.

(6) الوسائل باب3 من أبواب صلاة العيد ح2.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo