< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

40/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الجمعة وآدابها(36)*

 

قوله: (الإكثار من الصدقة والعمل الصالح)

كما يدلّ عليه جملة من الرِّوايات:

منها: معتبرة الثُّمالي: (قال: صلّيتُ مع عليّ بن الحسين (عليه السلام) الفجر بالمدينة في يوم جمعة، فلمَّا فرغ من صلاته وتسبيحه نهض إلى منزله وأنا معه، فدعا مولودة له تسمَّى سكينة، فقال لها: لا يعبر على بابي سائل إلَّا أطعمتموه، فإنَّ اليوم يوم الجمعة)(3)، وإنَّما كانت معتبرة لأنَّ محمَّد بن موسى بن المتوكِّل وإن لم يرد فيه توثيق بالخصوص إلَّا أنَّه من المعاريف الكاشف ذلك عن وثاقته.

ومنها: صحيحة عبد الله بن بكير أو موثَّقته عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: كان أبي أقلّ أهل بيته مالاً وأعظمهم مؤنة، قال: كان يتصدق كلّ يوم جمعة بدينار، وكان يقول: الصَّدقة يوم الجمعة تضاعف، لفضل يوم الجمعة على غيره من الأيام)(4).

ومنها: مرسلة الشَّيخ في المقنعة (قال: رُوي عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: الصَّدقة ليلة الجمعة ويومها بألف، والصَّلاة على محمَّد وآله ليلة الجمعة بألف من الحسنات، ويحطّ الله فيها ألفاً من السَّيئات، ويرفع فيها ألفاً من الدَّرجات...)(5)، وهي ضعيفة بالإرسال.

قوله: (وقراءة النِّساء)

ففي رواية زرين بن حبيش عن علي (عليه السلام) (قال: من قرأ سورة النِّساء في كلّ جمعة أَمِن من ضغطة القبر)(6)، وهي ضعيفة بجهالة أكثر من شخص.

قوله: (وهود)

كما في رواية فروة الأحمري عن أبي جعفر (عليه السلام) (مَنْ قرأ سورة هود في كلّ جمعة بعثه الله يوم القيامة في زمرة النَّبيين، ولم يعرف له خطيئة عملها يوم القيامة)(7)، وهي ضعيفة بجهالة عدَّة من الأشخاص.

قوله: (والكهف)

كما في رواية الحسن بن علي عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: مَنْ قرأ سورة الكهف في كلِّ جمعة لم يمت إلَّا شهيداً، وبعثه الله مع الشُّهداء، ووقف يوم القيامة مع الشُّهداء)(8)، وهي ضعيفة بجهالة محمَّد بن حسَّان.

___________

(1)و(2) الوسائل باب43 من أبواب صلاة الجمعة ح1و5.

(3)و(4)و(5) الوسائل باب55 من أبواب صلاة الجمعة ح1و2و4.

(6)و(7)و(8) الوسائل باب54 من أبواب صلاة الجمعة ح4و6و9.

 

قوله: (والصَّافات)

ففي رواية الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: مَنْ قرأ سورة الصَّافات في كلّ يوم جمعة لم يزل محفوظاً من كلِّ آفة، مدفوعاً عنه كلّ ليلة في الحياة الدُّنيا مرزوقاً في الدُّنيا بأوسع ما يكون من الرِّزق، ولم يصبه الله في ماله ولا ولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم، ولا من جبَّار عنيد، وإن مات في يومه أو ليلته بعثه الله شهيداً، وأماته شهيداً، وأدخله الجنَّة مع الشُّهداء في درجة من الجنَّة)(1)، وهي ضعيفة بمحمَّد بن حسان.

قوله: (والرَّحمان)

ففي صحيحة حمَّاد بن عثمان (قال: سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يستحبّ أن تقرأ في دُبُر الغَداة يوم الجمعة الرَّحمان، ثمَّ تقول: كلَّما قال: فبأي آلاء ربِّكما تكذبان، قلتَ: لا بشيء من آلائك ربِّ أكذِّب)(2)

قوله: (وزيارة النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليه السلام) وخصوصاً مولانا الحسين (عليه السلام))

راجع ما ذكرناه في باب الزِّيارات في آخر كتاب الحجّ.

قوله: (وقراءة الإخلاص بعد الصُّبح مائة مرَّة والاستغفار مائة مرَّة)

قال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى، ويستحبّ قراءة التوحيد بعد الفجر مائة مرَّة والاستغفار مائة مرة...)، ولم أعثر على ما يدلّ على ذلك بالخصوص في شيءٍ من الرِّوايات.

قوله: (وإيقاع الظُّهر في المسجد الأعظم)

لِما مرّ في فضيلة المساجد، فإنَّ عموم الرِّوايات شاملة لهذا المقام.

وبالنتيجة: يكون مثله مثل باقي الأيام في استحباب إيقاع الظُّهر فيه.

قوله: (وتقديمها على جمعة غير المقتدى به ولو صلَّى معه ركعتين وأتمَّها بعد فراغه جاز)

المعروف بين الأعلام أنَّ إمام الجمعة إذا لم يكن ممَّن يُقتدى به -كما لو كان من العامَّة- جاز أن يقدِّم المأموم صلاته على الإمام، ثمَّ يصلِّي معه جماعةً، كما أنَّه يجوز أن يصلِّي معه ركعتين بنَّية الظُّهر الرُّباعية ثمَّ يتمّها ظهراً بعد تسليم الإمام.

وقال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: (لو لم يكن الإمام مرضيّاً استُحبّ تقديم الظُّهر على صلاة الجمعة معه، وإن صلَّى معه ركعتين، وأتّمها بعد تسلميه، جاز...).

أقول: يقع الكلام في ثلاثة أمور:

الأوَّل: في جواز تقديم الظُّهر على الصَّلاة معه.

الثاني: في جواز الصَّلاة معهم بعنوان الظهر، ثمَّ يتمّها بعد تسليم الإمام.

 

الثالث: في الأفضل منهما، أي هل الأفضل الصَّلاة أوَّلاً ظهراً، ثمَّ الصَّلاة معهم، أم أنَّ الأفضل الصَّلاة معهم ثمَّ يتمّها ركعتين.

أمَّا الأمر الأوَّل: فيدلّ عليه حسنة أبي بكر الحضرمي (قال: قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): كيف تصنع يوم الجمعة؟ قال: كيف تصنع أنت؟ قلتُ: أصلِّي في منزلي ثمَّ أخرج فأصلِّي معهم، قال: كذلك أصنع أنا)(3).

كما يدلّ عليه أيضاً إطلاق صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) (أنَّه قال: ما من عبد يصلِّي في الوقت ويفرغ، ثمَّ يأتيهم ويصلِّي معهم وهو على وضوء، إلَّا ما كتب الله له خمساً وعشرين درجةً)(4)، وكذا إطلاق غيرها من الرِّوايات الكثيرة.

______________

(1)و(2) الوسائل باب54 من أبواب صلاة الجمعة ح14و1.

(3) الوسائل باب29 من أبواب صلاة الجمعة ح3.

(4) الوسائل باب6 من أبواب صلاة الجمعة ح2.

 

وأمَّا الأمر الثاني: فيدلّ عليه بعض الرِّوايات:

منها: حسنة حمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث (قال: في كتاب عليّ (عليه السلام) إذا صلّوا الجمعة في وقت فصلّوا معهم، ولا تقومنّ من مقعدك حتَّى تصلّي ركعتين أُخريَيْن، قلتُ: فأكون قد صليتُ أربعاً لنفسي لم أقتدِ به؟ فقال: نعم)(1).

ومنها: روايته الأخرى (قال: قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك! إنَّا نصلِّي مع هؤلاء يوم الجمعة وهم يصلّون في الوقت، فكيف نصنع؟ فقال: صلُّوا معهم، فخرج حمران إلى زرارة، فقال له: قد أمرنا أن نصلِّي معهم بصلاتهم، فقال زرارة: هذا ما يكون إلَّا بتأويل، فقال له حمران: قم حتَّى نسمع منه، قال: فدخلنا عليه، فقال له زرارة: إنَّ حمران أخبرنا عنك إنَّك أمرتنا أن نصلِّي معهم فأنكرت ذلك، فقال لنا: كان الحسين بن عليّ (عليه السلام) يصلِّي معهم الرِّكعتين فإذا فرغوا قام فأضاف إليها ركعتين)(2)، ولكنَّها ضعيفة بعلِّي بن حديد.

ويجوز أيضاً أن يصلِّي معهم الجمعة، ثمَّ يصلِّي أربعاً ظهراً، كما فعله أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كما في حسنة زرارة (قال: قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): إنَّ أُناساً رَوَوا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه صلى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم، فقال: يا زرارة! إن أمير المؤمنين (عليه السلام): صلَّى خلف فاسق، فلما سلَّم وانصرف قام أمير المؤمنين (عليه السلام) فصلَّى أربع ركعات، لم يفصل بينهن بتسليم، فقال له رجل إلى جنبه: يا أبا الحسن! صلَّيتَ أربع ركعات لم تفصل بينهن؟! فقال (عليه السلام): إنَّها أربع ركعات مشبَّهات وسكت، فواللهِ ما عقل ما قال له)(3).

وقد ذكرنا سابقاً أنَّه لا يصحّ الاقتصار على الرّكعتين اللتين صلاتهما معه.

وأمَّا الامر الثالث: فقدِ اختلف الأعلام في الأفضل منهما، فالمصنِّف في الذِّكرى وهنا اختار تقديم الظُّهر، وكذا المحقِّق (رحمه الله) في المعتبر.

ولكنَّه في الشَّرائع اختار أفضليَّة المتابعة والإتمام.

أقول: لا يبعد أنَّ ما ذكره المصنِّف (رحمه الله) هو الأقوى لِما ذكرناه من الرِّوايات المتقدِّمة.

وأمَّا ما دلّ على جواز المتابعة والإتمام، كحسنة حمران وروايته الأخرى، فلا يفيدان الأفضليَّة، لورودهما في مقام توهُّمِ الحظر فأقصى ما يستفاد منهما الجواز، والأمر في ذلك سهل، والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo