< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/11/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المعاملات/ المكاسب المحرَّمة(21)

> رواية المثنى..

ويرد على هذا الاستدلال أوَّلاً: أنَّ رواية مثنَّى ضعيفة بجهالته.

وثانياً -مع قطع النَّظر عن ذلك-: أنَّ المراد من أنَّ عليّاً عليه السلام لم يكره الحلال هو أنَّه لم يكره الحلال الذي يتساوى طرفاه، أي المباح، وإلَّا فهو كان كارهاً للمكروه قطعاً.

وعليه، فيكون المراد من الكراهة في رواية المثنَّى هو الأعمّ من الحرمة والكراهة المصطلحة.

وكذا غيرها من الرِّوايات المستدلّ بها على حرمة الاقتناء، وقد عرفت أنَّ جميع تلك الرِّوايات غير دالَّة على الحرمة، سواء أكان لِضعف السَّند، أم لِضعف الدلالة، أم لكليهما معاً.

ثمَّ إنَّه لو سُلِّم الظُّهور في الجميع فهي معارَضة بجملة من الرِّوايات الدَّالَّة بالصَّراحة على جواز الاقتناء، ولا أقلّ إنَّها أظهر من تلك الرِّوايات المتقدِّمة.

منها: صحيحة الحلبي (قال: قال أبو عبد الله (ع): ربَّما قُمْتُ فأصلِّي وبين يَدَي الوِسَادَة، وفيها تماثيلُ طَيْرٍ، فَجَعَلْتُ عَلَيْهَاْ ثوباً)(1).

ومنها: صحيحة محمَّد بن مسلم (قال: قلتُ لأبي جعفر (ع): أصلِّي والتماثيلُ قُدَّامِي وأنا أَنْظُر إليها؟ قال: لا، اِطرح عليها ثوباً، ولا بأس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك، وإن كانت في القبلة فألقِ عليها ثوباً وصلِّ)(2).

ومنها: صحيحة ثانية لمحمَّد بن مسلم (قال: سألتُ أحدهما (ع) عن التماثيل في البيت، فقال: لا بأس، إذا كانت عن يمينك وعن شمالك وعن خلفك أو تحت رجلك، وإنْ كانت في القِبْلة فألقِ عليها ثوباً)(3).

ومنها: صحيحة ثالثة لمحمَّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (قال: قال له رجل: رحمك الله! ما هذه التماثيل التي أراها في بيوتكم؟ فقال: هذا للنِّساء، أو بيوت النِّساء)(4).

ومنها: موثَّقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: سألتُه عن الوِسادة والبِساط يكون فيه التماثيل، فقال: لا بأس به يكون في البيت، قلتُ: التماثيل؟! فقال: كلُّ شيءٍ يُوْطَأ فلا بأس به)(5).

ومنها: رواية أخرى لأبي بصير (قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنَّا نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل ونفترشها، فقال: لا بأس بما يبسط منها ويفترش ويُوْطَأ، إنَّما يُكْرَه منها ما نُصِب على الحائط والسَّرير)(6)، وهي ضعيفة بعليِّ بن أبي حمزة البطائني.

ومنها: صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السلام (قال: سألتُه عن البيت، فيه صورة سمكة أو طير أو شبهها، يَعْبَث به أهلُ البيت، هل تصلحُ الصَّلاةُ فيه؟ فقال: لا، حتَّى يقطعَ رأسَه منه ويَفْسُد، وإنْ كانَ قَدْ صلَّى فليستْ عليه إعادة)(7)؛ وكذا غيرها من الرِّوايات الكثيرة.

ومقتضى القاعدة -بناءً على تماميَّة الرِّوايات الدَّالَّة على المنع من الاقتناء-: هي الحَمْل على الكراهة، لأجل تلك النُّصوص الصَّريحة أو الظَّاهرة جدًّا في جواز الاقتناء.

لا يُقال: إنَّ الرِّوايات المجوِّزة ظاهرة في الصُّور غير المجسَّمة!

فإنَّه يُقال: إنَّ جملةً منها ظاهر في المجسَّمة، فإنَّ الصُّور التي يُلْعب بها، ويُعْبَث بها، هي المجسَّمة، كما أنَّه يمكن أن تكون الوِسادةُ فيها تماثيلَ طَيْرٍ صغيرةٍ مجسَّمةٍ منسوجةٍ نَسْجاً.

والخلاصة إلى هنا: أنَّه لا إشكال في اقتناء الصُّور الحيوانيَّة المجسَّمة.

التنبيه الخامس: مقتضى العمومات والإطلاقات الدَّالَّة على حليَّة البيع هو جواز بيع الصُّور الحيوانيَّة المجسَّمة، كما أنَّ مقتضى الأصل هو جواز استعمالها، والانتفاع بها، والنظر إليها، ونحو ذلك، إِذْ لا يوجد ما يمنع من ذلك، والله العالم بحقائق أحكامه.

_______________________

(1)و(2)و(3) الوسائل باب32 من أبواب مكان المصلي ح2و1و4.

(4)و(5) الوسائل باب4 من أبواب أحكام المساكن ح6و2.

(6) الوسائل باب94 من أبواب ما يكتسب به ح4.

(7) الوسائل باب32 من أبواب مكان المصلّي ح12.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo