< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/10/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المكاسب المحرَّمة(6)

قال الشَّهيد (قُدِّس سرُّه) في المتن: ((درس 232)قد يجب التكسُّب إذا توقَّف تحصيل قوتِه وقوتِ عياله الواجبي النفقة عليه، وقد يستحبّ إذا قصد به المستحبّ، وقد يحرم إذا اشتمل على وجهِ قُبْح)

اعلم أنَّ التكسُّب إذا لُوْحظ بما أنَّه فِعْل من أفعال المكلَّف، فينقسم إلى خمسة أقسام، باعتبار ما يطرأ عليه من العناوين الثانويَّة:

فقد يكون واجباً إذا توقَّف تحصيل قوته وقوت عياله الواجبي النَّفقة عليه، كما ذكره المصنِّف (رحمه الله).

وقد يكون مستحبّاً، كما لو قصد بالتكسُّب التَّوسعة على العيال.

وقد يكون محرَّماً، كبيع الخمر، وسنذكر -إن شاء الله تعالى- أنَّ المحرم على أقسام.

وقد يكون مكروهاً، كبيع الأكفان.

وقد يكون مباحاً، كبيع الأشياء المباحة.

وأمَّا إذا لُوْحظ باعتبار ما يكتسَّب، فالمعروف بين الأعلام أنَّه ينقسم إلى محرم، ومكروه، ومباح، ولم يذكروا الوجوب والندب.

ولعلَّه باعتبار تعلُّق الثلاثة -أي الحرمة والكراهة والإباحة- بالأعيان بالذَّات ولو من حيث فعل المكلَّف، ضرورة ثبوت الأعيان التي يحرم التكسُّب بها ذاتاً، كما سيأتي -إن شاء الله- وكذلك الكراهة والإباحة.

وهذا بخلاف الوجوب والاستحباب، فإنَّا لا نعرف من الأعيان ما يجب التكسُّب به كذلك، أو يستحبّ؛ وثبوتُ وجوب التكسُّب في نفسه أعمُّ من وجوبه بالعين المخصوصة من حيث الذَّات.

هذا، وقد مثَّل الشَّيخ الأنصاري (رحمه الله) للواجب بالصِّناعة الواجبة كفايةً، خصوصاً إذا تعذُّر قيام غيره به.

ومثَّل للمستحبّ بمثل الزِّراعة والرَّعي ممَّا ندب إليه الشَّرع.

ولكن يرد عليه: أنَّ الواجب في الصِّناعات الواجبة هو التصدِّي للصِّناعات، لا التكسُّب بها.

وأمَّا استحباب الرَّعي والزرَّع، كما يستفاد ذلك من الرِّوايات الكثيرة، والتي منها رواية يزيد بن هارون الواسطي (قال: سألتُ جعفر بن محمَّد (عليه السلام) عن الفلاحين، فقال: هم الزَّارعون، كنوز الله في أرضه، وما في الأعمال شيء أحبّ إلى الله من الزِّراعة، وما بعث الله نبيّاً إلَّا زرَّاعاً، إلَّا إدريس، فإنَّه كان خيَّاطاً)(1)، ولكنَّها ضعيفة بجهالة كلٍّ من يزيد بن هارون الواسطي، وإبراهيم بن إسحاق، والحسين بن إبراهيم، وحسين بن أبي السّري.

وروى الكليني أنَّه قال: (وَقَالَ جَابِرٌ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله): إِنِّي كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَأَنَا أَرْعَاهَا، وَلَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ...)(2)، وهي ضعيفة بالإرسال؛ وكذا غيرها من الرِّوايات الكثيرة.

ولكنَّ الإنصاف: أنَّه لا يستفاد من هذه الرِّوايات استحباب الزَّرع والرَّعي بعنوان التكسُّب، بل غاية ما يستفاد منهما استحبابهما في أنفسهما ولو زرَع أو ورَعى مجاناً.

هذا وقد يقال: بثبوت استحباب التكسُّب ببعض الأعيان، كالغنم التي جُعِل جُزء من البركة فيها.

وفيه: أنَّ البركة في نفس الغنم، لا في التكسُّب بها، ولذا قوبل بجعل باقي أجزاء البركة في التِّجارة، والله العالم.

___________

(1) الوسائل باب10 من أبواب مقدمات التجارة ح3.

(2) الكافي: ج3، ص233، ذيل ح1.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo