< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: القواطع(١6)

الفعل القليل أو الكثير في الصَّلاة إذا لم يكن ماحياً.

منها: مرسلة الفقيه «قال: رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) نخامة في المسجد، فمشى إليها بعرجون من عراجين ابن أرطاب فحكّها، ثمَّ رجع القهقرى، فبنى على صلاته»[[1] ]، وقال: «قال الصادق (عليه السلام) وهذا يفتح من الصلاة أبوابا كثيرة»[[2] ]، وهما ضعيفتان بالإرسال.

قال صاحب الجواهر (رحمه الله): «وابن أرطاب تَمْرٌ بالمدينة، وعن بعض النسخ «أرطاب» وكأنَّه تصحيف»[ [3] ].

ومنها: حنان بن سدير: «أنَّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) أيومئ الرَّجل في الصَّلاة؟ فقال: نعم، قد أومأ النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) في مسجد من مساجد الأنصار بمحجن كان معه، قال حنان: ولا أعلمه إلَّا مسجد بني عبد الأشهل»[ [4] ]، والمحجن في رأسها اعوجاج كالصولجان.

ومنها: رواية محمَّد بن بجبل أخي علي بن بجبل «قال: رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) يصلِّي، فمرَّ به رجل -وهو بين السجدتين- فرماه أبو عبد الله (عليه السَّلام) بحصاة، فأقبل إليه الرَّجل»[[5] ]، وهي ضعيفة بجهالة محمَّد بن بجيل.

ومنها: رواية عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) «قال: سألته عن الرَّجل يكون في صلاته، فيرمي الكلب وغيره بالحجر، ما عليه؟ قال ليس عليه شيء، ولا يقطع ذلك صلاته»[[6] ]، وهي ضعيفة بعبد الله بن الحسن، فإنّه مهمل

ومنها: موثَّقة عمَّار السَّاباطي عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) «قال: لا بأس أن تحمل المرأة صبيها وهي تصلِّي، وترضعه وهي تتشهَّد»[[7] ].

ومنها: صحيحة زرارة «أنه قال لأبي جعفر (عليه السَّلام): رجل يرى العقرب والأفعى والحيَّة -وهو يصلي- أيقتلها؟ قال: نعم، إن شاء فعل»[[8] ].

ومنها: صحيحة الحلبي «أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام): عن الرَّجل يقتل البقَّة والبرغوث والقمَّلة والذُّباب في الصَّلاة، أينقض ذلك صلاته ووضوئه؟ قال: لا»[[9] ].

ومنها: حسنة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إذا وجدت قمَّلةً -وأنت تصلِّي- فادفنها في الحصى»[ [10] ].

ومنها: صحيحة أبي زكريا الأعور قال: «رأيت أبا الحسن عليه السَّلام يصلِّي قائما، وإلى جانبه رجل كبير يريد أن يقوم، ومعه عصا له، فأراد أن يتناولها، فانحط أبو الحسن عليه السَّلام -وهو قائم في صلاته- فناول الرَّجل العصا، ثمَّ عاد إلى صلاته»[ [11] ]، وما في الوسائل من زكريا الأعور اشتباه، والصَّحيح أبو زكريا وهو ثقة، وثَّقه الشَّيخ في رجاله.

ومنها: رواية أبي بصير «أنه قال لأبي عبد الله (عليه السلام): ما يجزي الرَّجل من الثياب أن يصلِّي فيه؟ فقال: صلَّى الحسين بن عليّ (عليه السَّلام) في ثوبٍ قد قلِّص عن نصف ساقه، وقارب ركبتَيْه، ليس على منكبه منه إلَّا قدر جناحي الخطاف، وكان إذا ركع سقط عن منكبَيْه، وكلَّما سجد يناله عنقه، فردَّه على منكبيه بيده، فلم يزل ذلك دأبه، ودأبه مشتغلا به، حتَّى انصرف»[[12] ]، وهي ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة البطائني الواقع في طريق الشَّيخ إلى أبي بصير.

    

قال الشَّهيد الأول (قدس سره) في الدروس: (وال[ت]كتُّف إلَّا لتقيَّة، وكرهه أبو الصَّلاح والمحقِّق، واستحب تركه ابن الجنيد، وقد سبقهم الإجماع)

التكفير والتكتف: عبارة عن وضع اليمين على الشِّمال حال القيام في الصَّلاة فوق السرّة أو تحتها.

والكلام فيه يقع في أمرين:

الأمر الأول: في حكمه التكليفي والوضعي.

الأمر الثاني: في تفسير التكفير والتكتف.

أمَّا الأمر الأول: فالمشهور بين الأعلام (رحمهم الله) هو التحريم.

قال المصنف (رحمه الله) في الذكرى: «قد بينا استحباب وضع اليدين على الفخذين بإزاء الركبتين حال القيام، فلو وضعهما على غير ذلك جاز، غير أنَّه لا يجوز للمصلِّي وضع اليمين على الشِّمال ولا بالعكس، فوق السّرّة ولا تحتها، فتبطل لو تعمد فعله، ونقل الشّيخ والمرتضى فيه الاجماع، وروى محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: قلت له: الرّجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى، فقال: ذلك التكفير لا تفعله؛ وفي مرسلة حريز عن الصَّادق (عليه السلام): لا تكفِّر، انَّما يصنع ذلك المجوس؛ ولأنَّ أفعال الصَّلاة متلقَّاة من الشرع، ولا شرع هنا، وللاحتياط، ولأنَّه فِعْل كثير خارج عن الصَّلاة؛ وخالف في ذلك ابن الجنيد حيث جعل تركه مستحبّاً وأبو الصَّلاح، حيث جعل فعله مكروهاً، ومن الأصحاب مَنْ لم يتعرَّض له، كابن أبي عقيل وسلّار.، وقال الشّيخ نجم الدين في المعتبر: الوجه عندي الكراهيَّة»[[13] ].

وفي الجواهر: «وعلى كل حال، فالمشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً، بل في الخلاف، والغنية، والدّروس -وعن الانتصار الاجماع عليه- عدم جوازه في الصّلاة، بل لا أجد فيه خلافاً، إلا من الإسكافي فجعل تركه مستحبّاً، وأبي الصَّلاح ففِعله مكروهاً، واختاره المصنِّف في المعتبر»[[14] ].

وفي المدارك: «فإذن المعتمد التحريم دون الإبطال»[ [15] ].

أقول: ينبغي تحرير محلّ النزاع، لأنّ الإتيان بالتكتّف حال الصّلاة إن كان بقصد الجزئيَّة للصَّلاة فلا إشكال في حرمته، وإبطاله للصلاة.

أمَّا الحرمة فللتشريع، وأمَّا إبطاله فلموثّقة أبي بصير المتقدّمة في أكثر من مناسبة: «مَنْ زاد في صلاته فعليه الإعادة»[ [16] ]، وقد زاد عمداً.

وعليه، فهذه المسألة خارجة عن محل النزاع.

وتارةً أخرى يأتي به أثناء الصَّلاة لا بقصد الجزئيَّة، بل بعنوان العبوديّة والخشوع المأمور به حال الصّلاة، كما هو المعروف عند العامّة، فلا إشكال أيضاً بين الأعلام (رحمهم الله) في حرمته، لحرمة التشريع إذ لا أمر فيه.

وبالجملة، فإنّ عدم ثبوت مشروعيّته كافٍ في حرمة الإتيان به بهذا الوجه فضلاً عن ثبوت خلافه، وأمَّا بطلان الصَّلاة به فالمعروف أنَّه لا موجب للبطلان، إذ هو كما لو نظر إلى الأجنبية أثناء الصَّلاة.

نعم، لو كان التشريع في أصل النيَّة، بأن يكون قد نوى التقرّب بصلاة مشتملة على التكتّف فتبطل الصّلاة حينئذٍ لأنَّه نوى القربة بما ليس مقرِّباً، والمقرّب الحقيقي لم ينوهِ.

وبالجملة، فلا نزاع بين الأعلام في هذه الأمور، إنّما النّزاع بينهم في حرمة التكتّف من حيث هو، كالتكلّم والفعل الكثير والقهقهة، وغيرها من منافيات الصّلاة، بأن يأتي به لا بقصد الجزئية.

أمّا الإنصاف في المسألة فيأتي في الدرس القادم -إن شاء الله تعالى-.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo